x

عبد الناصر سلامة وحى الشيخ الأزهرى عبد الناصر سلامة الثلاثاء 12-07-2016 21:33


الشيخ أسامة الأزهرى، فى خطبة العيد، التى ألقاها على الهواء مباشرة، قال نصاً: «مصر تتقدم بنور الوحى الذى يتنزل على المخلصين من أبنائها»، معلوماتى مثل كل الناس أن آخر نزول للوحى كان على الرسول محمد، عليه الصلاة والسلام، باعتباره آخر الرسل، لذا كان من الطبيعى أن تدور فى رؤوسنا هذه الأسئلة، هل عقيدتنا جانبها الصواب؟ هل هناك وحى ينزل بالفعل ونحن لا ندرى؟ منذ متى بدأ ينزل مرة أخرى، وعلى مَن مِن البشر، وما هى وظيفتهم أو رتبتهم؟؟!! لم يوضح الشيخ أسامة سوى أنه ينزل على المخلصين، هل هناك نص شرعى يؤكد أو حتى يشير إلى أن الوحى ينزل على المخلصين؟!

الأمر الثانى، من هم المخلصون من وجهة نظر مولانا الشيخ؟ هل للأمر علاقة بأهل الخير وأهل الشر؟ هل للأمر علاقة بالإخلاص لـ٢٥ يناير أو ٣٠ يونيو من عدمه؟ هل للأمر علاقة بالمؤيدين والمعارضين؟ هل للأمر علاقة برجال الدين أو رجال الدنيا؟ بالتأكيد الأمر فى حاجة إلى توضيح، وهل المخلصون أشخاص بأعينهم، نَفَر معدود من البشر، أم ينزل على المخلصين بصفة عامة؟ وهل هم المخلصون من أبناء مصر فقط، أم أن الوحى يمكنه السفر إلى أقطار أخرى، ينزل هناك على المخلصين من أبنائها؟؟!!

ما قاله الشيخ أعتقد أنه أمر خطير، كان يستحق مزيدا من التوضيح عقب انتهاء الخطبة، لكن لأن ذلك لم يحدث كان من حق العقول الشطط، والذهاب إلى أبعد حد، من ذا الذى يقصده الشيخ بنزول الوحى عليه؟ وإذا كانت أحوال البلاد وأمور العباد تدار من خلال الوحى، كيف أنها إلى تراجع وديون وانهيار ومشاكل وأزمات بهذا الشكل؟! ماذا لو لم تكن تدار بالوحى، كيف سيكون حالنا؟! بالتأكيد الوحى لا يضللنا أبداً، هو يريد الخير لمصر، أرضاً وشعباً، لماذا إذن وصلنا إلى هذه الدرجة من التردى؟!

إما أنها كانت زلة لسان من الشيخ أسامة، كان يجب الاعتذار عنها، أو أنها إحدى درجات النفاق والرياء المتطورة، فى وجود رئيس الدولة وجميع قياداتها تقريباً بالمسجد، وإما أن الشيخ يعى ما يقول فعلاً، وبالتالى عليه توضيح الأمر، ربما كان الوحى الذى يقصده بشرياً، يصيب ويخطئ، ربما كان مرسلاً من قوى دولية أكبر، لا يعى مصالحنا جيداً، ربما كانت أضغاث أحلام، ربما كانت كوابيس، ربما وربما وربما، الاحتمالات كثيرة، والسر لدى ذلك الشيخ، مستشار المرحلة.

أعتقد أن الشيخ الأزهرى، المرشح لمشيخة الأزهر، حسبما يتعجله بعض ذوى النفوس الضعيفة، إذا استمر صامتاً، فنحن أمام كارثة أزهرية، يقودها بعض رجال الدين، فى غياب من مشيخة الأزهر الحقيقية، التى تواجه الآن هجمات ومخططات شريرة من كل جانب، ربما لأنها لا تعترف بنزول الوحى، ربما لأنها لم تؤمن بنزوله فى السنوات الأخيرة، ربما لأنها لا تراه، ربما لأنها لا ترى ذلك التقدم والتطور الحاصل فى مجتمعنا الآن، بفعل ذلك الوحى وإبداعاته!!.

كان على مشيخة الأزهر أيضاً أن تنطق برأى الدين فيما يزعم الشيخ أسامة، كان على شيخ الأزهر نفسه أن يدلى برأيه، قد يكون ذلك الصمت خشية غضب الوحى، أو انتقام من ينزل عليه الوحى، أو خشية انهيار الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، التى تطورت وتقدمت بفعل الوحى، بالتأكيد مواجهة الوحى سوف تصل عقوباتها على الأقل إلى نفس عقوبات الاتهامات بتكدير السلم العام، إزعاج الوحى والموحىَ إليه تهمة ليست بسيطة أبداً، ربما تصل التهمة إلى إزعاج المجتمع ككل، وإفساد تقدمه وتطوره.

ما يحدث أيها السادة من شطط فى الفتاوى، وأحياناً فى النفاق، يؤكد أن هناك شيئاً ما خطأ، قد يكون الشطط والنفاق معاً ضمن الآفات التى عانت منها كل المجتمعات فى السابق، إلا أنها حينما تصل إلى الخوض فى ثوابت الدين بهذا الشكل الفج، فنحن أمام أزمة، أبسط توابعها هو التطرف والتشدد، بل والتكفير، وهو ما يجب أن يدركه ذلك المنافق، أو حتى ذلك المقصود بالنفاق، التكفير هنا سوف يستهدف كل الأطراف دون استثناء، حتى الساكتين عن الحق.

أعتقد أن خطبة المنبر لدينا تعانى من ذلك التحديد المسبق لموضوع الخطبة، بخلاف ذلك النص المكتوب، الذى تتجه الأوقاف حالياً إلى الإصرار على قراءته من الورقة، بناء على تعليمات فوقية، مثلما كان الحال فى طابور الصباح المدرسى، بالتأكيد سوف تكون مُذيّلة بخاتم شعار الجمهورية، بالتأكيد سوف تحصل على موافقات أجهزة أخرى بخلاف الأوقاف، بالتأكيد هى كارثة، إلا أن ممارسات كبار العلماء على غرار ما نحن بصدده مع الشيخ الأزهرى سوف تكون مبررا لمثل هذا الهذيان الذى يعيدنا إلى عصور سحيقة، عصور ماقبل محو الأميّة.

ما أخشاه أيها السادة أن يكون ذلك هو الهدف، بمعنى أن تتضمن الخطبة مستقبلاً الحديث عن مثل ذلك الوحى الوهمى الذى يتنزل على المخلصين، وهو ما سيجد مقاومة كبيرة بالتأكيد، بل سيفتح الكثير من أبواب الفتن والعنف، كما سيطرح أسئلة أخرى لا تقل أهمية، وهى مدى الحاجة إلى خطيب فى هذه الحالة، قد نسمعها مسجلة فيما بعد، ومدى الحاجة إلى دراسة الدين، مادامت العملية سوف تعتمد على قراءة ورقة، ربما أيضاً هى المفاجآت المقبلة، لا نريد استباق الأحداث.

على أى حال، هل يجوز ترك الحبل على الغارب إلى هذا الحد الذى يجعل من البعض أنبياء، ومن آخرين ملائكة، ومن هؤلاء وأولئك آلهة، دون أدنى رقيب أو حسيب، ودون أدنى رادع من عقاب أو جزاء، أعتقد أن ذلك السفه يجب أن يتوقف فوراً، وذلك بأن تكون الخطابة أو الفتوى بتصريح رسمى يتم سحبه من صاحبه بمجرد الشطط أو النفاق، أياً كانت صفة ذلك الشخص، على أن يكون ذلك من خلال لجنة مشهود لها، يتم تشكيلها من مجمع البحوث الإسلامية، ولله الأمر من قبل ومن بعد.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية