قالت مصادر مصرية وفلسطينية إن القاهرة ستشهد خلال الفترة المقبلة لقاء قمة رباعي «مصري- فلسطيني- أردني- إسرائيلي»، لمناقشة الشروط المطلوبة لاستئناف المفاوضات المباشرة الجانب الفلسطيني، ومع أطراف عربية أخرى، كذلك ستهتم المفاوضات باتخاذ خطوات بناء ثقة بين الفلسطينيين والإسرائيليين من شأنها تهدئة الأوضاع، وتحسين الأوضاع بين الجانبين.
وقال مصدر مطلع على المفاوضات، طلب عدم ذكر اسمه، إن الاتصالات بين مصر وإسرائيل تتم منذ عامين، على أعلى مستوى، للتنسيق في الأمور الأمنية، وازدادت بعد إعلان الرئيس عبدالفتاح السيسي، في مايو الماضي، عن مبادرته لاستئناف المفاوضات، وهي المبادرة التي كان من الممكن أن تتعثر بعد تعيين أفيجدور ليبرمان وزيرًا للدفاع، لولا اتصال رئيس الوزراء الإسرائيلي بالرئيس السيسي، وتأكيد التزامه هو ووزير دفاعه بالمبادرة.
وأكد المصدر أن الرئيس السيسي اشترط على نتنياهو اتخاذ خطوات جادة، كي يمضي قدمًا في مبادرته، مثل تجميد الاستيطان ونقل صلاحيات للفلسطينيين في المنطقة ج من الضفة الغربية، وهو ما وافق عليه نتنياهو، على أن تكون هذه الخطوات جزء من مبادرة إقليمية تسمح له بالدخول مع دول عربية أخرى في مفاوضات مباشرة.
وأكد المصدر أن الشهرين الماضيين شهدا زيارات أسبوعية من المحامي، إسحاق مولخو، المبعوث الخاص لرئيس الوزراء الإسرائيلي، وأحد أهم الأسماء التي تعمل خلف الكواليس، في أي مفاوضات إسرائيلية، وأي علاقات مع الجانب المصري، وكانت آخر الزيارات، صباح الأحد الماضي، قبل زيارة وزير الخارجية، سامح شكري لإسرائيل، التي عاد إليها مولخو قبله بدقائق.
وأضاف المصدر أن «شكري» قدم قائمة تحفيزية، للجانب الإسرائيلي خلال لقائه مع نتنياهو، من بينها حل قضية الأسرى وجثث الإسرائيليين الموجودة في قطاع غزة، والتي عجزت أطراف دولية أخرى عن حلها، وكذلك استمرار التهدئة مع حركة حماس، وتأمين الحدود، كما قدمت قائمة تحفيزية أخرى للجانب الفلسطيني، من بينها فتح معبر رفح من آن لآخر بصورة كبيرة، وتسهيلات في الدخول والخروج، وتخفيف الحصار الإسرائيلي، مشيرًا إلى أن القوائم التحفيزية تشمل إجراءات بناء ثقة بين الجانبين.
من جانبه، أكد مصدر فلسطيني على علاقة بملف المفاوضات، أن أي تعديل مبادرة السلام العربية، سيتطلب مناقشة أمور متعلقة بمسارات عربية أخرى وليس المسار الفلسطيني، مثل قضية الجولان، وقال في اتصال مع «المصري اليوم» من رام الله، إن كل القضايا خارج المسار الفلسطيني، ستكون محور نقاش عربي- إسرائيلي شبيه بمفاوضات أوسلو متعددة الأطراف«، ولفت المصدر إلى أن المفاوضات ستبدأ على مسارين فلسطيني، ثم عربي سيناقش القضايا الإقليمية، غير المتعلقة بالمسار الفلسطيني.
في سياق متصل، قال الدكتور طارق فهمي، رئيس وحدة الدراسات الإسرائيلية بالمركز القومي لدراسات الشرق الأوسط، إن مصر ستدعو لمؤتمر يضم الأردن وفلسطين وإسرائيل برئاسة الرئيس عبدالفتاح السيسي، مشيرًا إلى أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، «رحب بزيارة مصر، لأنه يعلم أن هناك مصداقية كبيرة للقاهرة، إضافة إلى التعاون الأمني والمعلوماتي والمخابراتي، الذي يتم على مستوى عال بين البلدين في هذا التوقيت».
وأضاف «فهمي» أن الخاسر الوحيد من التطورات الأخيرة هو الجانب الفرنسي، وقال: «المبادرة الفرنسية انتهت على الأرض، وأتوقع صياغة مبادرة مصرية كاملة، ولكن بعد تكشف المواقف على الأرض، لأن القاهرة لن تستمر في طرح أفكار الآخرين»، وتابع فهمي: «هناك ضغط مصري كي ترتب القاهرة الخطوات الأولى للمفاوضات، في ظل انشغال الولايات المتحدة بانتخاب رئيس جديد. القاهرة وحدها هي التي ستتحرك في هذه المرحلة».
وأشار إلى أن إسرائيل تريد تطوير علاقاتها بصورة إيجابية مع دول كبيرة في الإقليم مثل مصر والسعودية، مشيرًا إلى أن الأخيرة ستقبل تعديل مبادرة السلام العربية، التي قدمتها في العام 2002، والتي ترفض إسرائيل بعض بنودها، لتتبناها القمة العربية المقبلة، وترفع الحرج عن الفلسطينيين للتفاوض تحت مظلة عربية مباشرة.
من جانبه، قال المحلل السياسي الفلسطيني والقيادي بالجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة، برهوم جرايسي، في اتصال مع «المصري اليوم» من الناصرة: «أرى أنه قبل أي مبادرة، دولية كانت أم عربية، أن تفحص عمق الموقف الإسرائيلي في ظل الحكومة القائمة، بزعامة نتنياهو وقادة عصابات المستوطنين، على مختلف تسمياتهم. ولا حاجة لجهد زائد، للتأكد من أن هذه الحكومة القائمة، ترتكز على المبدأ الصهيوني المسمى أرض إسرائيل الكاملة».
وأضاف «جرايسي»: «حكومة نتنياهو ليست معنية بالانسحاب من شبر واحد من الأرض الفلسطينية المحتلة، وأقصى ما تريده، هو تحويل مدن الضفة الفلسطينية المحتلة إلى كانتونات مغلقة، محاصرة، تلهث وراء تأمين قوت يومها، لها وللشعب المحاصر فيها. وهذا ليست شعارات، ولا أحاديث سهلة، بل هذا ما هو مثبت على ارض الواقع».
وتابع «جرايسي»: «يكفي في هذا الإطار الإشارة إلى تصريحات نتنياهو في جلسة حكومته الأسبوعية، الأحد الماضي، التي أقرت ميزانية إضافية بحوالي 13 مليون دولار، وقال نتنياهو إن هدف الميزانية تعزيز الاستيطان في قلب مدينة الخليل ومستوطنة كريات أربع الجاثمة على أراضي المدينة.. ولهذا فإنني أرى أن أي مبادرة، أو المؤتمر الذي يجري الحديث عنه في القاهرة، سيبقى من الناحية الإسرائيلية، للاستهلاك الإعلامي، أمام الرأي العام العالمي والإسرائيلي، للظهور وكأن هذه الحكومة العنصرية المتطرفة، باتت مفتوحة على العالم أكثر من ذي قبل، وهي لا تستحق هذا».