كشفت وثائق سرية أمريكية حصل عليها موقع «وكيليكس»، وتلقت «المصري اليوم» نسخة منها قبل نشرها على الموقع، عن أن قادة مجتمع في سيناء حذروا مسؤولين أمريكيين، من أن خطط مصر لبناء جدار فولاذي على حدودها مع قطاع غزة قد تضرب الاستقرار في شبه جزيرة سيناء.
وجاءت التحذيرات خلال لقاءات متعددة بين قادة العشائر ومسؤولين أمريكيين في سيناء، بحسب الوثيقة المؤرخة بتاريخ 25 فبراير 2010.
وعرضت الوثيقة رأيا لأحد قادة المجتمع السيناوي حول بناء الجدار الفولاذي، حيث قال إن ذلك المشروع «من شأنه أن يزيد التوترات على جانبي الحدود، وقد يؤدي إلى العنف في منطقة شمال سيناء حيث يبحث المهربون الهائمون عن سبل أخرى للحصول على المال».
وتابع المتحدث مؤكدا أن التنمية الاقتصادية الشاملة «هي الحل الأمثل لمشاكل منطقة سيناء»، علاوة على توفير الأمن، والقضاء على أنشطة التهريب والسيطرة على الإرهاب.
وعملت مصر منذ فترة، على بناء جدار بعمق كبير تحت سطح الأرض على طول حدودها مع قطاع غزة، وكان الهدف من المشروع هو وقف أنشطة التهريب عبر الأنفاق الحدودية التي تصل ما بين الأراضي المصرية والقطاع. وكان تحول تهريب الأسلحة والبضائع والأفراد عبر تلك الأنفاق لمصدر لزرق الكثير من السكان المحليين، وانتعشت تجارة الأنفاق حتى بعد 2007، وهو العام الذي شهد بداية الحصار المفروض على قطاع غزة بعد تولي حركة «حماس» السلطة.
وكانت العلاقات بين بدو سيناء والحكومة المصرية «اتسمت بالاضطراب، وازدادت تدهورا بشكل تدريجي منذ عام 2005 حين، شنت أجهزة الأمنية المصرية حملة اعتقالات موسعة في شبه الجزيرة في أعقاب سلسلة من التفجيرات استهدفت المنتجعات السياحية في سيناء».
وألقت الوثيقة الضوء على شعور قادة مجتمع سيناء بـ«الإحباط» لافتقار المنطقة للتنمية الاقتصادية، وهي المشكلة التي تفاقمت بسبب «مناخ الاستثمار غير المشجع الذي تتسم به المنطقة، والفساد المستشري، والوعود الحكومية غير المنجزة».
وتعد سيناء من أكثر مناطق مصر فقرا، وأقلها نصيبا في التنمية، وهو ما تؤكد عليه مؤشرات التنمية البشرية باستمرار. وتعاني سيناء، التي يسكنها ما يقرب من 1.3 مليون نسمة، من معدل بطالة مرتفع، ونقص في الخدمات العامة، ومعوقات شديدة أمام بنيتها التحتية.
ويرى قادة العشائر المحلية أن «التخلف الذي تعانيه المنطقة، وهو ما يظهر على الأخص في غياب نظام تعليمي مناسب، محاولة حكومية مقصودة لإضعاف سكان يعيشون في منطقة حدودية حساسة».
من ناحية أخرى، فقد أخفقت المبادرات الممولة من الجهات الأجنبية في علاج المشكلات الاقتصادية والاجتماعية في سيناء، وذلك من وجهة نظر أهالي المنطقة.
وتلفت الوثيقة إلى «سخط المجتمع السيناوي تجاه مشروع التنمية المستدامة الذي ترعاه هيئة المعونة الأمريكية، والذي يهدف إلى تقديم العون للمجتمعات محدودة الدخل والخدمات في وسط سيناء». وأضافت الوثيقة أن أهالي سيناء يرون أن البرنامج لا يزال «بلا فعالية».
وخلال لقاءاتهم بالمسؤولين الأمريكيين، عبر قادة سيناء عن آرائهم حول ما يرونه «تدخلا مرغوبا فيه بهدف تنمية المنطقة».
وشمت قائمة المقترحات مشروعات مفصلة لمعالجة المياه، علاوة على مشروعات صناعية وزراعية لدعم أهالي سيناء، وألمحت الوثيقة إلى أن «تلك المقابلات مثلت مصدر قلق للحكومة المصرية».
وقالت الوثيقة :«لا تزال حكومة مصر قلقة حول اتصالاتنا بأهالي سيناء، بل إننا علمنا خلال تلك المقابلات أنها سجلت من قبل جهاز أمن الدولة».
واعتادت وسائل الإعلام الحكومية المصرية الإشارة بين الحين والأخر للزيارات الأمريكية لسيناء، ولكنها لم تذكر بالتفصيل من هم الزائرون وما هي المواضيع التي جرى مناقشتها.
مترجم من الطبعة الإنجليزية لـ«المصري اليوم»
www.almasryalyoum.com/en