اليوم هو آخر يوم عمل فى رمضان، وغداً هو أول أيام إجازة العيد الثلاثة، ومن بعد الأيام الثلاثة سوف تتعطل المصالح الحكومية يومى الجمعة والسبت، بما يعنى أن إجازة العيد تمتد عملياً لخمسة أيام، لا ثلاثة كما قررت الدولة!.
والخميس الماضى كان إجازة، لأنه عيد الثورة، ومن بعده جاء يوم الجمعة، ثم السبت، بما يعنى عملياً أيضاً أن إجازة عيد الثورة كانت ثلاثة أيام لا يوماً واحداً كما قررت الدولة!.
وبين أيام الثورة الثلاثة، وأيام العيد الخمسة، يقع يومان، هما اليوم وأمس، وسوف يتحول كل يوم منهما إلى إجازة لدى الكثيرين، عن قصد، وبهدف وصل الأيام الثلاثة بالأيام الخمسة، ليحصل الموظفون على إجازة عشرة أيام مرة واحدة فى دولة تقاتل بالمعنى الحرفى للكلمة ليكون لها مكان يليق بها تحت الشمس!.
السؤال هو: عندما تتعطل الدولة كلها عشرة أيام كاملة، فى مناسبتين اثنتين فقط من مناسبات السنة، هما عيد الثورة وعيد الفطر، فمتى سوف تعمل؟!.. وهل نتوقع أن تقوم لنا أى قائمة ما لم يكن العمل هو القيمة الأعلى فى البلد؟!.
وسؤال آخر: هل هناك أى اتساق، أو اتفاق، بين إجازة الأيام العشرة وبين ما أراده الرئيس، عندما دعا أول حكومة له إلى أداء اليمين فى السابعة صباحاً؟!.. هل لاحظ الرئيس، ومعاونوه، ومساعدوه، أن منطق الأيام العشرة يتناقض تماماً مع منطق السابعة صباحاً؟!.. إننى يستحيل أن أتصور أنهم لم يلحظوا ذلك، وبالتالى فإننى أتساءل فى حيرة وفى ألم: كيف سمح الرئيس، ومعاونوه، ومساعدوه، بإفراغ فكرة «السابعة صباحاً» من محتواها كاملاً هكذا فى مناسبتين اثنتين فقط؟!، ولماذا لم يدافعوا عنها منذ أول يوم؟!، ولماذا لم يتمسكوا بها ويحولوها إلى برنامج عمل، وإلى واقع حى بين الناس؟!.
هل يعرف الرئيس ومعاونوه، ومساعدوه، ماذا فعل مهاتير محمد فى هذه النقطة تحديداً، حين تولى أمر ماليزيا، فى مطلع ثمانينيات القرن الماضى؟!، قطعاً يعرف الرئيس، ويعرف معاونوه، ويعرف مساعدوه، لأنى لا أتخيل أبداً أنهم لا يعرفون!.
لقد اكتشف مهاتير أن بين الفجر وبين شروق الشمس ساعتين تقريباً، وأن المواطن فى بلده إذا قام وصلى الفجر فإنه ينام من جديد، فى انتظار طلوع الصبح، وأن ذلك يبدد ساعات النهار الأولى فى غير فائدة.. فماذا فعل؟!.
أجرى تعديلاً على التوقيت، بما أدى إلى اختزال المسافة الزمنية بين صلاة الفجر وبين شروق الشمس، وأصبح على المواطن الماليزى، مع التوقيت الجديد، أن يستيقظ فجراً، ليؤدى صلاته، ثم يتناول إفطاره، ومن بعدها يتوجه إلى عمله بشكل مباشر، بدلاً من إضاعة وقته فى النوم، وفى القيام من جديد.. إلى آخره!.
وكانت الفائدة من تعديل التوقيت مزدوجة، لأن الساعات الضائعة فى أول النهار تحولت إلى ساعات عمل ونشاط، ولأن العمل قد تحول إلى قيمة لا تعلوها قيمة أخرى، فصارت ماليزيا إلى الموقع الذى تحتله بين الأمم الآن!.
أريد أن أقول إن البداية لا بديل عن أن تأتى من فوق.. من فوق جداً.. من عند الرئيس.. وكانت قد جاءت فعلاً، فى اللحظة التى أدت الحكومة فيها يمينها فى السابعة صباحاً، ولكن الفكرة من يومها لم تجد من يتعهدها فيما بعد، فماتت، أو كادت تموت، ولا بديل عن إحيائها من جديد، وبقوة.. لا بديل إطلاقاً.. لأن العالم لم يكتشف بديلاً عن العمل من هذه اللحظة سبيلاً إلى النهوض!.
سيادة الرئيس.. لماذا فرّطت فى «السابعة صباحا»، وقد كانت طوق النجاة، ولا تزال؟!، إن التفريط فيها هو تفريط فى النجاح كهدف عندك، ثم عندنا طبعاً، ولا أظن أن هذا شىء يرضيك!.
البداية من فوق خالص.. من عندك يا سيادة الرئيس.. وقد أدرك مهاتير هذا الأمر، فذهب إليه على الفور ليختصر الطريق.
هذه معايدة صادقة للرئيس، لأنى أعتقد أن المعايدة الحقيقية عليه فى عيد الفطر تكون بأن نصارحه، لا أن ننافقه!.