x

سليمان جودة لا يتبعها! سليمان جودة الخميس 30-06-2016 21:43


شىء محزن للغاية أن تسكت وزارة الثقافة طويلاً على هدم مسرح السلام فى الإسكندرية، لإقامة مول فى مكانه، فإذا خرجت الوزارة عن صمتها، وتكلمت، قالت إن المسرح لا يتبعها!

طبعاً.. أنا أصدق أنه لا يتبعها، لأن الوزارة لن تقول بذلك إلا إذا عادت إلى أوراقها، وإلا إذا بحثت فى سجلاتها، ولابد أن عدم تبعية المسرح لها هو بالضبط من نوعية أن نكتشف أن الفنادق فى مصر - مثلاً - لا تتبع وزارة السياحة، ولكنها تتبع وزارة الاستثمار، وأن مستشفى قصر العينى - مثلاً أيضاً - لا يتبع وزارة الصحة، ولكنه يتبع جامعة القاهرة.. وهكذا.. وهكذا.. إلى آخر الأشياء العجيبة جداً فى بلدنا!

أصدق أنه لا يتبعها، ولكنى، فى الوقت نفسه، لا أصدق أن يكون هذا الرد هو كل ما عندها، إزاء هدم مسرح عريق.. نعم هدم مسرح.. إننى أكررها لعل الذى لم يستوقفه معنى ما حدث لمبنى المسرح، ولايزال يحدث، فى الإسكندرية، ينتبه ويفيق إلى هول ما جرى ويجرى!

إن صديقنا حلمى النمنم، الذى يتولى أمر وزارة الثقافة، رجل كلمة مكتوبة فى الأساس، ومن شأن رجل الكلمة المكتوبة أن يكون أدرى الناس بقيمة أى نص مكتوب، سواء كان نصاً مسرحياً، أو غير مسرحى، ثم إن من شأن رجل الكلمة المكتوبة كذلك أن ينتفض إذا ما علم أن اعتداء من أى نوع قد وقع على أى نص.. فما بالك إذا وقع الاعتداء على مسرح بكامله، كان نافذة للكثير من النصوص التى خرجت إلى المصريين، ولن يصبح نافذة لأى شىء بعد ذلك، لأننا، بكل أسى وأسف، قد جئنا إلى زمن، نفضل فيه المول بكل أشيائه الرخيصة على المسرح بكل أضوائه!

أسأل نفسى فى دهشة لا حد لها: كيف فات هذا كله على «الثقافة»؟!.. وكيف ارتضت لنفسها أن ينهدم مسرح بشهرة مسرح السلام، وبتاريخه، بينما هى واقفة تتفرج؟!.. كيف هان عليها أن يختفى مسرح من الوجود، وهو ليس أى مسرح، ثم لا يكون عندها شىء تقوله سوى أنه لا يتبعها؟!

اختفاء مسرح مثل مسرح السلام معناه اختفاء باب من أبواب البهجة فى حياة كل مصرى، ومعناه إسدال الستار على وجه من وجوه الإبداع فى البلد، ومعناه إغلاق شباك هناك، كان لسنوات طويلة يجتذب كل باحث عن الفن، وكل راغب فى متعة الكلمة، ومتعة العرض!

كنت أتخيل الصديق النمنم، وهو يخرج بنفسه علينا ليقول إن المسرح إذا كان لا يتبعه على الورق، فيجب أن يتبعه ابتداءً من اليوم، وإنه يطلب وقف الهدم على الفور، وإنه يطلب مع وقف الهدم نقل تبعيته إليه، وإنه لن يساوم فى ذلك، وإنه سوف يحول قرار الهدم إلى قرار ترميم للمبنى وإصلاح، وإن المسرح سوف يفتح أبوابه لجمهوره فى الشتاء القادم، وإن هدم مسرح هو فى حقيقته هدم لمعنى من معانى الحياة لدى المصريين، وإن ذلك لا يجوز أبداً أن يتم!

هدم المسرح.. هو فى مثل هدم حديقة عامة يتنفس فيها الناس!

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية