والآن.. ما العمل؟!.. ما العمل لاحتواء هذا العبث الذى يمارسه عدد من طلبة الثانوية العامة فى القاهرة، وفى بعض المحافظات؟!
كنت ولا أزال أتوقع أن يخرج رئيس الحكومة على الناس، فى لقاء تليفزيونى مباشر، فيشرح لهم أبعاد القضية من أولها إلى آخرها، وبوضوح يضع الكلمات فى أماكنها!.
فلا يكفى أن يقول المهندس شريف إسماعيل، إن إلغاء امتحان مادة هنا أو تأجيل امتحان مادة هناك، إنما هو من أجل تكافؤ الفرص.. لا يكفى.. لأن هذه العبارة الأخيرة منه فى حاجة إلى شرح منه أيضاً، وإلى بيان يزيل غموضها ويبدد عموميتها!.
كنت أتوقع، ولا أزال، أن يظهر الرجل فى اللقاء التليفزيونى المباشر، فيخاطب كل طالب، ويخاطب كل ولى أمر، ويقول، إننا لسنا وحدنا الذين نواجه هذه المعضلة.. ففى الجزائر ألغوا الامتحانات، وحددوا لها موعداً آخر، بعد أن حجبوا مواقع التواصل الاجتماعى، ومع ذلك، فإن التسريب قد وقع واستمر!.. وكان أن خرج عبدالمالك سلال، رئيس حكومتهم، فخاطب الجزائريين، وقال إن القضية كبيرة، وإنها أمن دولة، وكلف المخابرات بأن تتولى هى طبع الامتحانات وتوزيعها.. وعندما تحدث أحمد أويحيى، رئيس ديوان رئيس الجمهورية الجزائرى، فإنه اتهم إسلاميين بأنهم وراء ما حدث ويحدث!.
ولكن.. يبدو أن اتهام الإسلاميين فى حاجة إلى إعادة نظر وإلى مراجعة، لأن التسريب وقع فى المغرب أيضاً، مع أن الذين يحكمون هناك، هم الإسلاميون.. فمَنْ الذى سرَّب إذن؟!.. ولم تجد الدولة فى الرباط مفراً من القبض على عدد من الطلبة وإحالتهم إلى محاكمة عاجلة، فصدرت عليهم أحكام بالحبس والغرامة!.
ماذا يحدث!!.. وكيف تحولت مواقع «التواصل» الاجتماعى، إلى مواقع لـ«التدمير» الاجتماعى هكذا؟!.
والغريب أن يخرج الطلبة عندنا فى مظاهرات حول مبنى الوزارة، وبعيداً عنها، ضد إقرار مبدأ تكافؤ الفرص الذى أعلن عنه رئيس الحكومة، وهو يهدئ من غضب الطلبة.. ولكنه لم يشرحه!.
كان عليه أن يقول، إن إكمال الامتحان فى المواد التى وقع فيها غش معناه أن يتساوى الطالب الذى غش مع الطالب الذى ذاكر دروسه فعلاً، وهو ما لا يجب أن يكون، وأن إعادة الامتحان فى موعد آخر هدفها ألا ينجح إلا الذى ذاكر، وإلا الذى جلس على كتابه بجد، وإلا الذى يستحق النجاح، وإلا الذى ذهب إلى الامتحان وفى ذهنه أن يجيب من دماغه، وليس من خلال إجابات مسربة إليه!
إننى أخشى أن يكون الذين تظاهروا هم الذين غشوا وحدهم، لأنهم يعرفون أن الغش لن يكون متاحاً فى الامتحان عندما ينعقد من جديد!.
الطالب الجاد لا يعنيه كثيراً أن ينعقد الامتحان اليوم، أو غداً أو بعد غد، لأنه جاهز فى كل الأوقات، ولكن الطالب الغشاش يريد الامتحان فى الظرف الذى يكون الغش متاحاً فيه، وفقط!.
أتوقع أن يخاطب رئيس الوزراء رعاياه وأبناءه من الطلاب، فى لقاء تليفزيونى مباشر، يضع فيه كل نقطة فوق حرفها، فيتابعه المصريون فى قضية خطرة كهذه، بدلاً من أن يتابعوا هذا الهلس الفنى اليومى على شاشة رمضان!.