يعقد المجلس القومى لحقوق الإنسان، الأحد، مؤتمراً صحفياً، لعرض تقريره السنوى الحادى عشر، والذى يرصد جميع أعماله، خاصة جهوده فى مجال نشر ثقافة حقوق الإنسان، والتى تفرضها المرحلة الراهنة فى مواجهة التعصب وخطاب الكراهية، ونشاط مكتب الشكاوى وبعثات تقصى الحقائق وزيارات السجون وأماكن الاحتجاز.
أخبار متعلقة
وحصلت «المصرى اليوم» على نسخة من التقرير الذى يضمّن 5 فصول، إضافة إلى ملاحق بمذكرات ومشروعات قوانين أعدها المجلس، أبرزها مذكرة مقدمة من المجلس إلى الرئيس عبدالفتاح السيسى، وتقرير تقصى الحقائق حول ادعاءات الاختفاء القسرى، والنقاط الرئيسية فى الخطة العالمية للتنمية المستدامة 2030، ومشروع القانون المقدم من المجلس لتعديل قانون تأسيسه، وكلمة رئيس المجلس فى تأبين الدكتور بطرس بطرس غالى.
تضمن الفصل الأول حالة حقوق الإنسان، وتطرق الثانى إلى جهود تلقى الشكاوى ومعالجتها، وركز «الثالث» على نشر ثقافة حقوق الإنسان، وألقى «الرابع» الضوء على التعاون مع الفاعلين على الأصعدة الوطنية والإقليمية والدولية، فيما خلص «الخامس» إلى التوصيات.
وتزامن صدور التقرير مع حالة الترقب العام لنهوض مجلس النواب بدوره فى تلبية العشرات من الاستحقاقات التشريعية التى يفرضها الدستور الجديد، وذلك فى وقت تتزاحم فيه الأولويات وتكتنف فيه البلاد جملة من التحديات الرئيسية، وفى مقدمتها الإرهاب واضطراب الوضع الإقليمى والضغوط الأجنبية، وتتعلق الأنظار بجهود الدولة على صعيد التنمية «الاقتصادية - الاجتماعية» التى تنال الاهتمام الرئيسى فى أجندة العمل الوطنى.
وأكد التقرير أنه على صعيد التحديات، ففى مقدمتها تداعيات استمرار ظاهرة الإرهاب وتداعيات مكافحته وتداعيات الفوضى الإقليمية بانخراط مواطنين مصريين فى المنظمات الإرهابية الناشطة فى بعض البلدان العربية أو تعرض عاملين مصريين فى بعض البلدان العربية للقتل أو الطرد، واستفحال التهريب وجرائم الاتجار بالبشر والهجرة غير النظامية، لافتا إلى أنه بالرغم من جهود الدولة لدفع التنمية وتطوير قوانين الاستثمار وإطلاق عدد من المشروعات التنموية العملاقة فى مجالات النقل والمواصلات والمشروعات اللوجيستية والزراعية والصناعية والتغذية وتحقيق إنجازات ملموسة فى بعض هذه المشروعات، مثل مشروع قناة السويس الجديدة، واكتشاف احتياطات غير مسبوقة من الغاز، والبدء فى تطوير منطقة حرة شرق قناة السويس، واستصلاح الأراضى، والطاقة النووية بمشروع الضبعة- فقد استمرت الدولة تواجه تحديات عميقة فى مجال النهوض بالتنمية فى ضوء تهالك البنية التحتية، وترهل الجهاز البيروقراطى للدولة، وإطراد زيادة البطالة، وتضخم الدين العام المحلى والدولى، وتدهور قيمة العملة الوطنية.
وأضاف: «تعرضت مصر لأول مرة لتحد غير مسبوق بتداعيات بناء إثيوبيا لسد النهضة دون مراعاة لآثاره على حصتها من مياه النيل، فضلا عن عدم اطمئنانها لسلامة منشآت السد وتباطؤها المتعمد فى التفاوض».
وشدد التقرير على أن الدولة القوية الحامية للأمن هى الركن الأساسى فى توافر حقوق الإنسان والتمتع بها وضمان تعزيزها وحمايتها وتطورها، ولا أمن ناجح ومستدام بغير حقوق الإنسان، والأمن هو عملية مجتمعية تشاركية لا تتحقق بغير مساندة المجتمع للمؤسسات الأمنية، فلا مؤسسة أمنية قادرة على النهوض بمسؤولياتها بغير مساندة المجتمع.
ولاحظ أن محطات الأزمات بين الدولة وعدد من مؤسسات المجتمع أبرزت عمق هذه الإشكالية، سواء فى علاقة الدولة بمؤسسات المجتمع المدنى العاملة فى مجال حقوق الإنسان، أو النقابات العمالية المستقلة، وخلال الأزمات مع النقابات المهنية، فهناك تفاوت فى أحجام ونوعية الأزمات وانزلاق بعضها لمسارات غير ضرورية، فقد عكست منهجاً يفاضل بين مقتضيات الأمن وبين الحريات، رغم مساحة الاتفاق التى تجمع كليهما ولا يعوزها سوى مد جسور مناسبة للتواصل.
وأكد التقرير أنه رغم أن تجربة المجلس تؤكد اهتمام الدولة بمعالجة ملفات حقوق الإنسان، مع إقرار الدولة المعلن بالحاجة للتوصل لتوازن دقيق بين مقتضيات الأمن والتصدى للإرهاب وبين احترام حقوق الإنسان والضمانات الدستورية والقانونية، إلا أن الدولة لم تبلغ الحد المأمول فى هذا التوازن بعد، ولعل أبرز دليل هو استمرار الأخطاء الأمنية فى غير سياق مكافحة الإرهاب.
وعبر عن الحزن لفقدان المجلس قامة كبيرة فى وزن الراحل الدكتور «بطرس بطرس غالى» الرئيس الشرفى للمجلس والرئيس السابق الذى أدار دفة هذه المؤسسة وفق بوصلة صحيحة ونظرة ثاقبة منذ تأسيسه وحتى خريف عام 2012، وبرحيله فقد المجلس أباً روحياً ومرشداً ملهماً وإسهاماً بلا حدود فى دفع مسيرة الوطن وتعزيز حقوق الإنسان.
