في مصر، قليلون هم الأشخاص الدراسون لعلم النفس عن قناعة، من بينهم الدكتور مصطفى سويف، الذي رَحل عن الدنيا، الثلاثاء، عن عمر يناهز 92 عاماً. خالف رغبة أسرته، ولم يلتحق بكلية علمية، رَغب في دراسة الفلسفة وعلم النفس: «هما مفتاح المعرفة بالنسبة ليّ».
«سويف»، المولود عام 1924، ومؤسس قسم علم النفس بكلية الآداب بجامعة القاهرة، أعد أبحاثاً في قضايا عدة، من بينها المخدرات، وقدم خبرته في علاج الإدمان، والتطرف، كما له مؤلفات عن مصر ومستقبلها، وما ساعده على التنوع في دراساته، دراسته للفلسفة: «كانت الفلسفة طريقي إلى أن أوجه عقلي فيما أمر، وعلمتني أن أكون عقلاً فعالاً لا منفعلا».
وكان «سويف»، الذي يُعرف نفسه بـ«الديمقراطي حتى النخاع»، أول رئيس لأكاديمية الفنون، حينما كان ثروت عكاشة، وزيراً للثقافة، وله دراسات مستفيضة حول الإبداع والتذوق الفني والتفضيل الجمالي، منها كتاب «العبقرية والفن»، وله مؤلفات عدة في موضوعات أخرى منها: «علم النفس: فلسفته وحاضره ومستقبله ككيان اجتماعي، دراسات نفسية في الإبداع والتلقي، علم النفس الحديث، ومصر الحاضر والمستقبل».
وأصدر «سويف» الحاصل على جائزة الدولة التقديرية في العلوم الاجتماعية عام 1989، سيرة ذاتية بعنوان «مسيرتي ومصر في القرن العشرين»، وقال عنها: «راعيت في هذا الكتاب أن يكون على نسق الأول من حيث خصائصه البنائية الرئيسية... وقصدت منذ البداية حتى النهاية إلى تقديم قراءة لأحداث العالم وأحداث مصر كما نفذت على عقلي ووجداني، على مر العقود الثمانية التي عشتها من خلال أفعالي وانفعالاتي».
وكثيراً ما تحدث «سويف»، الذي كون فلسفته وأفكاره تأثرا بالشاعر الإنجليزي «إليوت»، عن الآفات التي تنخر المجتمع، وفي السنوات الأخيرة انتقد هجوم رجال الدين على الفنانين، وعداء الإخوان المسلمين للإبداع: «الأديان لا تعادى الفن، ولا مستقبل للإبداع تحت حكم الإخوان».
وتولى «سويف»، العديد من المناصب، منها باحثً زائر بجامعة لندن، وأستاذ زائر بجامعة لند بالسويد، وشغل منصب عضو لجنة الخبراء الدائم لبحوث تعاطي المخدرات بهيئة الصحة العالمية، ورئيس البرنامج الدائم لبحوث تعاطي المخدرات بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية.