الحنشان أغلى الأسماك فى شمال مصر كله، وإن كانت دهون الأسماك غير ضارة.. والضرر فى ارتفاع نسبة الكوليسترول بها.
وأهل سواحل مصر يأكلون هذا النوع مقلياً.. أو مشوياً.. ولكن أفضله ما يكون «صينية طماطم بالخضرة» شبت، وكرفس، وبقدونس وكسبرة!! وتسبح فوقها فصوص الثوم، ربما ليواجه متاعب هذه السمكة الدهنية بل وجود الثوم وبكثرة من أهم المكونات لدوره الطبى، وصدقونى.
ولما ارتفع سعر الحنشان.. وللتخفيف من حدة المادة الدهنية فإننا نضيف إلى الصينية قطعاً من البطاطس لتشرب من هذا الدهن السايح!!، وأتذكر مرة - وكنت أدرس الصحافة بجامعة القاهرة - عام 1957 وكنت أسكن فى بيت مدام حوا «وكان بيتاً للطلبة فى الدقى» أن اتصلت بى أمى فى الثامنة مساءً.. لتقول لى «وحشتنى يا وله.. ماتيجى أشوفك، ورددت: ولكن عندى امتحان بعد غد.. هنا فجرت قنبلتها قائلة.. يا وله أنا عاملة لك صينية حنشان.. هنا صرخت فى التليفون: جاى لك يا أمة!!، وكانت كل وسائل المواصلات إلى دمياط قد انتهت فانطلقت إلى الأزهر حيث سيارات النقل التى تعمل مساءً.. وجلست بجوار السائق - بعد أن دفعت له ربع جنيه - وانطلقت إلى دمياط، ووصلت الساعة الرابعة فجراً.. وأكلت نصف الصينية التى تسبح فيها قطع الحنشان «الملظلظ».. وحملت باقى الصينية فى «عمود» الأكل المعروف مع حبتين من الشهد شديد الحلاوة وانطلقت إلى محطة السكة الحديد لألحق قطار السابعة والثلث صباحاً.. عائداً إلى القاهرة.. ومعى الغنيمة اللذيذة.. بالحلو بتاعها.
■ وعندما كبرت بى السنوات لم أعد أتحمل هذه الصينية.. فكنت أفضل الحنشان مشوية، لكى نقلل ما بها من دهون.. ومازلت حتى الآن أقف أتغزل فى أسماك الحنشان عند عم زكى السماك فى سوق رأس البر العمومى.. ولكنها للأسف من أسماك المزارع!!.
■ ولكن الألذ مما أكلته من حنشان.. هو طاجن الحنشان بعسل النحل فى مطعم صينى بميدان ليستر القريب من ميدان بيكاديللى فى لندن.. وكنا يوم السبت 6 أكتوبر 1973 لحظة اندلاع حرب تحرير سيناء.. كيف كان.. وما هى مكوناته.
غداً نروى الحكاية.. رغم أن طعمها مازال فى فمى رغم مرور 43 عاماً على تناولها.. فإلى الغد.