x

«المصرى اليوم» تُعايش إفطار أُسرة مصريّة من الطبقة المتوسِطة

الأربعاء 29-06-2016 22:31 | كتب: مي هشام |
محررة «المصرى اليوم» تتناول الافطار مع أفراد الأسرة محررة «المصرى اليوم» تتناول الافطار مع أفراد الأسرة تصوير : تحسين بكر

فى حين تزخر الموائد الرمضانية المصرية غالبًا بعشرات من الأصناف مما لذ وطاب، فى استقبال الشهر الكريم، وضيوفه، فى طقس العزومات المرتبِط غالبًا بشهر رمضان، وبالرغم من أن كميات ضئيلة فقط من الأصناف المفروشة على المائدة تجد طريقها إلى أمعاء الضيوف من الصائمين، الذين تتأثر شهيتهم بسبب الشهر الكريم، فكميات أكبر بكثير تجِد طريقها إلى سلال القمامة، فى حين لا تجِد أُسر أخرى تحت خطّ الفقر ما يقوّت أفرادها بعد صيام دام خمس عشرة ساعة، وما بين هذا وذاك، تسير ميزانيّات الأسر المتوسِطة على خيط رفيع لتظلّ تحافِظ على موائدها رمضانيّة عامِرة.

قبل الأذان بنصف ساعة، كانت مائدة مدام مديحة فى كامِل أبهتها، لا ينقُصها شيء، عندما استقبلت محررة «المصرى اليوم»، التى ستعايش معها لحظات الإفطار، فثلاثة وأربعين عامًا من الاضطلاع بمسؤولية إعداد مائدة رمضان، جعلت خبرة ضبط الوقت بالنسبة لها أمرًا سهلاً، فيما بدأت فى فقرة غير مطوّلة من ترحيب صادِق «انتو مش أغراب»، تعرِف جيّدًا أن طعامها سيكون خير مُرحّب بهم.

مديحة ليست من أنصار موائد الإفطار الباذِخة، حتى فى أيام العزومات، فيما تُفضِل أن تُعد صنفاً أو صنفين وتتفنن فى تقديمها، فيستمتع بهما أفراد عائلتها، ويأخذون فُرصتهم فى تذوُقهما، بدلاً من إعداد عشرات الأصناف لمجرّد تزيين المائدة، تقول ماجدة «بعمل صنف أو صنفين مش أكتر، وصنف تكميلى، غير المشروبات والحلو، إحنا عدينا نصف رمضان والمعدة اتعوّدت على الصيام».

لا أحد فى أسرة ماجدة الصغيرة يتذمّر على بواقى الطعام، تقول ماجدة «من زمان واحنا يوم أو يومين فى الأسبوع بناكُل بواقى الأسبوع، محدش من الأولاد بيعترِض عشان عايشين فى الواقع وعارفين»، يتدخّل نور، ابنها الأصغر، ذى السبعة وعشرين عامًا «أنا أفضّل أكل ماما لو بايت وبحبه، أكتر من أى أكل تانى برّة» مشيرًا إلى أحد أسرار تميُزها كأم مُدبِرة، وهى أنها لا تخزِن الطعام الباقى كأمهات أصدقائه بشكل عشوائى، وإنما تخزنه بطريقة تجعَل وجوده على المائدة للمرة الثانية وجودًا محببًا من أفراد العائلة.

تحكى ماجدة عن خدعها التدبيرية فى دعم ميزانية رمضان، والتى قد تفوت على أى ربّة منزِل لا تحرِص على أموال زوجها، تقول ماجدة «الست مسؤولة عن أى تبذير، يعنى عندك مثلاً لو عندها أكل بايت من اليوم اللى قبله، لازم تعمل صنف يمشى معاه، عشان مايبقاش منبوذ على السُفرة، لازم تخطط فى دماغها إيه هيتوفّق مع إيه وإيه هيتاكِل مع إيه».

خدعة أخرى من الخدع التى لا تتوانى مديحة عن سردها عن التدبير، أن كُل صنف من صنوف المائدة يصحّ أن يقدّم بأكثر من طريقة، حسب سماح الميزانية، فورق العنب مثلاً يستطيع أن يقدّم على «ريش ضانى»، أو بدونها، ويمكِن أن تحتوى حشوته على العصّاج أو لا، وكلها أمور متاحة لسِت البيت لتدبير ميزانيّتها.

تشفق مديحة من هول الميزانية الرمضانية على غير القادرين الذين لا يعرفون كيف يدبرون ميزانيّة موائدهم، حيث تكلف ميزانية الشهر الكريم ضعف الميزانية تقريبًا، ولا يستطيع المرور منها بسلام إلا ربة منزِل تمتلك الخبرة والمعرِفة، تقول مديحة «إحنا عايشين وضع بنكافح عشان نعيش فيه، لكن الفقير أكتر حدّ بيكافح عشان يفضل موجود، اللى دخله محدود وبياخُد معاش، وعنده ابن مش بيشتغل، ولسه بياخُد مصروف».

لدى أذان المغرب، يتحوّل المنزِل إلى خليّة نحل يساهِم جميع الأفراد فيها فى إعداد السُفرة، تهتم مديحة جدًا بالسلطات والعصائر، التى يضطلع ابنها «نور» بمهمّة إعدادها وتقديمها، وعلى السُفرة تستطيع تمامًا شرح الفلسفة وراء كُل صنف أعدته، يقول نور «ماما عملت الأكل السورى قبل ماييجى السوريين مصر»، كانت مديحة قد أعدت فتة شاورمة سوريّة بالدجاج والحُمص، وسمبوسك مخبوزة فى المنزِل، تُبرر مديحة معرفتها المبكرة بالمطبخ السورى «بعرف فيه من أيام ما الحاجّ كان بيشتغل فى السفارة السورية».

بعد الإفطار، تُكلل مديحة مباراتها اليومية للطهى بصينيّة كُنافة مميّزة لا تخلو منها مائدة بالشهر الكريم، تُذكِر صينية الكُنافة مديحة بمشروع أرادت أن تنفِذه، لكن صحتها لم تُسعِفها، وهو أن تصنَع الحلويات بالطلب وتبيعها عبر الإنترنت، تذكر مديحة أنها أثناء مرحلة البحث لإعداد المشروع وجدت عشرات الصفحات على مواقع التواصُل الاجتماعى لأغراض مماثلة، مذيّلة حديثها «الناس بتحاوِل تعيش وتلاقيلها مكان».

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية