x

حاتم سعيد بيومي فؤاد.. البؤساء يتساقطون حاتم سعيد الإثنين 27-06-2016 21:04


موقف الدفاع العفوي الذي تبناه مجموعة من الفنانين لدعم بيومي فؤاد، ضد حملات السخرية منه لاشتراكه في أكثر من عمل خلال شهر رمضان، كشف الحب والاحترام الذي يكنه كثيرون لواحد منهم، وهي حالة لو تعلمون نادرة، في وسط يستشري النفاق في كواليس استديوهاته، أملًا في دور بجانب نجم، أو رضا منتج، أو فرصة من مخرج.

بيومي فؤاد ليس الأول، ولا الثاني أو الثالث ـ رغم تخرجه في مركز الإبداع الفني قسم إخراج ـ وكل من دافع عنه، لا ينتظر منه شيئًا، وآخرهم خالد الصاوي، زميل سنوات الكفاح الأولى الذي سبقه إلى تصدر أفيشات السينما وتترات المسلسلات، فقط الحب والاحترام وتقدير الموهبة، حركوا هؤلاء للدفاع عن بيومي، اعترافًا منهم أمام ضمائرهم قبل الإعلام، باستحقاق هذا الإنسان لما وصل إليه بعد كل ما تحمله من صعاب للوصول إلى 7 مسلسلات، وإعلانين، خلال رمضان و3 أفلام في موسم عيد الفطر السينمائي.

2.

في دراسة أجراها الباحث الاسترالي توني بيتون، اعتمد خلالها على فحص بيانات 60 ألف شخص في أستراليا، وبريطانيا، وألمانيا، ونشرتها الوكالة الألمانية، عام 2012، توصل إلى أن السعادة الحقيقية تبدأ بعد سن 53، وتنتهي مع الـ 70، أي أننا نتحدث عن 17 عامًا، أو 6205 أيام من السعادة المطلقة، طبقًا للدراسة.

وأوضح بيتون في دراسته أن معظم الأشخاص يعانون خلال منتصف العمر من مشكلات عدة، الأزمات المالية، أو الانفصال عن شريك الحياة، مثلًا، لكن بعد هذه المرحلة يكونون انتهوا من التزاماتهم تجاه أفراد أسرتهم، مؤكدًا أن ذروة السعادة في أستراليا تبدأ مع سن 65، وفي بريطانيا عند الـ 70، وفي ألمانيا عند سن 65.

لم ينس بيتون الإشارة في دراسته إلى احتمالية حدوث تأثير انتقائي، قد يؤدي إلى عدم صحة البيانات من الدول الثلاث، لكنه أكد أن الناس الأكثر سعادة يعيشون عمرا أطول، والبؤساء فقط هم من يتساقطون في الطريق، معتبرًا أن هذا سبب بقاء كل من هم بعد هذا السن سعداء، حسب بيتون.

الوضع في مصر يختلف بالتأكيد، وتحديدًا في نهج استقلال الأبناء عن عائلاتهم كما يحدث في أوروبا والولايات المتحدة، وهو ما يتيح للآباء هناك فرصة لإعادة ساعة حياتهم من جديد، خاصة إذا وضعنا التغيرات السياسية والاقتصادية التي طرأت على مصر منذ عام 2000 حتى الآن في عين الاعتبار، وبالتالي سنجد أن السواد الأعظم من المصريين مقهورون منذ بلوغهم الحُلم إلى مماتهم، اللهم إلا نسبة ضئيلة من فئة الأغنياء والطبقة فوق المتوسطة، وكل ما عدا ذلك بـ«يشرب من كيعانه» حرفيًا، ولعل حصول مصر على المركز 120 في تقرير «السعادة العالمي لشعوب العالم 2016»، الصادر في مارس الماضي عن «شبكة حلول التنمية المستدامة للعلوم الاجتماعية»، التابعة لمعهد الأرض في جامعة كولومبيا الأمريكية، لأقرب دليل علمي على ذلك.

التصنيف ضم 157 دولة، أي أن مصر حصلت على المركز 37، لكن من تحت.

3

شبه البعض نجاح مشوار بيومي فؤاد، بمسيرة الراحل خالد صالح، وإن كان تشبيهًا حميدًا لا يقصد به ضرًا، إلا أنني أخشى أن أتمنى تشابه المسيرة، على أن يتحول بيومي فؤاد إلى نموذج ماسخ ومكرر من الفنانين حسن حسني ولطفي لبيب، ويكتفي بالظهور في عدد كبير من الأعمال جنيًا لثروة انتظرها وسعى إليها كثيرًا، حتى وإن كان يستحقها، خاصة مع ندرة وجود فنان في مثل سنه وموهبته، وأنصح بيومي باستكمال حلمه، وأن يظل متمسكًا بالأمل، وأن يطبق بالفعل ما توصل إليه بيتون في دراسته، ويضع من الآن خطة للـ 20 عامًا المقبلة، وأن يعتبر 2016 مجرد محطة في مسيرته الفنية، يستتبعها مجهود كبير.


4.

أجزم أن بيومي فؤاد لم يقرأ دراسة بيتون ليأخذ بأسبابها أو ليطبق نتائجها على نفسه، حتى وإن قرأها، سيكون العمر عدى وفات، ولم تكن لتغير شيئًا لم يبدأه بنفسه قبل سنوات طويلة، متمسكًا بخيط من أمل لم يتركه يومًا واحدًا ينسدل من بين أصابعه..

أمل بيومي فؤاد في النجاح كان له ألف وجه، أمل أن يؤمن شخص بموهبته الحقيقية فيدفعه للأمام دفعًا كما سبق وحدث مع أنصاف مواهب لا تستحق الفرصة أصلًا، أمل أن يزج به صديق مخرج لدور اعتذر صاحبه فجأة فيخرج كل طاقاته الإبداعية، أمل أن يرشحه زميل لدور محوري في مسلسل أو فيلم يظهر من خلاله إمكانياته، أمل أن تأتيه الفرصة من السماء دون أي تدخل من أي كائن، باختصار، كان لديه أمل كاف ليستمر في سعيه لأكثر من 20 عامًا دون لهث، رغم ما يراه بأم عينه من بزوغ 20 أو 30 نجمًا خلال تلك الفترة، منهم من كان يرضع من ثدي أمه في اللحظة نفسها التي يستعد فيها بيومي الشاب لتقديم مسرحية مع فرقة أتيليه المسرح بكلية الفنون الجميلة في الثمانينيات.


5.

مواليد عام 1990، على سبيل المثال، ممن أتموا 26 عامًا، أمامهم طريق طويل لتحقيق أحلامهم، بشرط أن يتخذوا من بيومي فؤاد أسلوب حياة، وبالتالي سيكون أمامهم العمر طويلًا، والفرص كثيرة للتفتيش داخل ذاتهم لاختيار الطريق الذي يتمنونه، لزرع ما يريدون حصده مستقبلًا، أسلوب حياة بيومي فؤاد، وإصراره على التمسك بالأمل، هو في الأساس الأمل الوحيد لكل طموح لديه موهبة يؤمن بها، تمثيلًا كانت أو حرفة، ولا بأس من المحاولة أكثر من مرة في عدة مجالات.


6.

سعي بيومي فؤاد طوال السنوات الماضية، رق قلب القدر عليه، فأبى ألا يدخل عقده الخامس من العمر ـ أتم عامه الـ 51 الشهر الجاري ـ بعد كل هذه المعاناة دون تحقيق حلمه، وكأن القدر وبيتون يساندانه، ليقف أخيرًا أمام مرآة غرفة نومه، تعلو وجهه الضخم ابتسامة صافية هادئة، وحال لسانه يقول: يااااه يا بيومي.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية