x

طارق حسن البرلمان والقضاء والسياسة طارق حسن الأحد 26-06-2016 21:29


لدينا مشكلة بين ما هو سياسى وما هو قضائى. الخلط بين السياسى والقضائى أصبح مريعا ومدمرا. وحتى أكون واضحا منذ البداية، فلست بصدد التعليق على أعمال القضاء ولا أحكامه. إن كان بشأن قضية الجزر أو غيرها.

بصراحة أشد أقر بأن أصل المشكلة هى السياسة. وتخص أهل السياسة دون أى طرف آخر، أعرف تماما أن بعض القوانين، وربما بعض المواد هى بذاتها مشكلة. إنما المشكلة الأكبر هى فى صانع القوانين، فمَن يصنع القانون أليسوا أهل السياسة؟

المشكلة الرئيسية أن السياسة عاجزة تعوض عجزها بالقضاء، وهناك لجوء للقضاء فى الأمور السياسية، لأن السياسة فى مصر تتركها للقضاء لتستفيد من الطول الزمنى للإجراءات القضائية، والبعض الآخر يسعى للنفاذ من ثغرة هنا أو هناك لتحقيق هدفه أو فرض واقع على الآخر، فكيف نخلص القانون ومن ثَمَّ القضاء من آثار السياسة وأهل السياسة؟

وأنت تريد مثالا، إذن دعنى أسألك:

إذا كان القانون يبيح للموظف العام اتخاذ قرارات حسب التقدير، فكيف لى أن أحبسه لاتخاذه مثل هذه القرارات؟

طبيعى محاكمته وعقابه لو كان مرتشيا أو سارقا. إنما غير هذا فبأى حق؟

صحيح أن القضاء حكم بالبراءة فى حالات عديدة عُرضت عليه خلال السنوات الخمس الأخيرة، إنما كيف أرهقنا القضاء بقضايا فارغة وكم استهلكنا من وقته سنوات، ثم صرنا نعيش مضاعفات المشكلة فى ارتعاش الجهاز الإدارى للدولة وعدم قضاء المصالح كما يجب بسبب خوف المسؤول مما جرى لسلفه؟

لعلك سمعت مثلى عن الوزير الذى يحمد ربه بسعادة غامرة أنه خرج من الوزارة دون أن يوقع باسمه على شىء، وتعال إلى ما هو أكبر، فلسفة ومنطق التشريع، لا توجد فلسفة سياسة تشريعية توجه المشرع، وإنما يوم بيوم تشريعات، والسلطة التنفيذية هى التى تتقدم بأغلبية مشروعات القوانين، وتمر غالبا، فالبرلمانات غالبا ضعيفة التكوين والأداء.

فلسفة التشريع فى مصر لاتزال وفق المصطلح العلمى تسلطية. وأى توجه لابد أن يتماشى مع القانون المقارن، حيث امتداد سلطة القضاء على قرارات السلطة التنفيذية وتضييق أعمال السيادة.

فى المرحلتين الناصرية والساداتية كان هناك توسع كبير فى مفهوم أعمال السيادة. ومن ثَمَّ كان أغلب القرارات الأساسية السياسية لا تخضع لاختصاص القضاء لأنها من أعمال السيادة، إنما الاتجاه العالمى الآن هو خضوع هذه الأعمال للرقابة القضائية وفق مبدأ فصل السلطات.

نحن فى مرحلة تناقض بين هذه المفاهيم والتحول الديمقراطى والتطور المنشود.

للأسف المشكلة الآن بين عجز السياسة وأهل السياسة والتغير المستمر نحو كسر مبدأ أعمال السيادة، والأخطر تراجع الكفاءة والمهنية والتخصص.

أيضا أداء الحكومة تجاه بعض القضايا يحتاج لمراجعات لأن ما تم فى عدد من القضايا يحمل مؤشرات سلبية، وكثير من الأزمات سببها ضعف الأداء السياسى والتنفيذى على نحو جعل بعض المعارضة والمواطنين يلجأون للقضاء فى أمور سياسية تماما.

ونحن من قبل ومن بعد نسأل عن البرلمان، وأين هو من كل ذلك؟

أليس هو المختص بالتشريع؟

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية