x

نائب رئيس غرفة صناعة الدواء: قادرون على منافسة الصين والهند وتركيا (حوار)

السبت 25-06-2016 23:10 | كتب: ياسمين كرم |
ماجد المنشاوي نائب رئيس غرفة صناعات الدواء ماجد المنشاوي نائب رئيس غرفة صناعات الدواء تصوير : أيمن عارف

«مصر مصنع العرب»، «مصر مصنع أفريقيا».. حلم طالما تردد في الخمسينيات والستينيات، وتعثر تنفيذه لعقود طويلة، ولأن المعطيات تقود دائمًا إلى نتائج، فلا تقدم بلا صناعة، ولا قوة لمصر دون شراكة عميقة مع دول جوارها العربى والأفريقى، من جديد عاد الحلم مرة أخرى، وفى ظل عناية الدولة وبروز دور القطاع الخاص في كل الاقتصادات الحديثة انطلقت مؤخرًا مبادرة جديدة تربط ما هو عربى بما هو أفريقى في الصناعة والتجارة، تمثلت تلك المبادرة في تأسيس «الشركة المصرية اللبنانية للتجارة والاستثمار»، لتعزيز التبادل التجارى مع أفريقيا، وفتح أسواق جديدة بها للصادارت الصناعية المصرية، وعلى رأسها الدواء.. المبادرة تستغل أيضًا العلاقات الطيبة بين مصر ولبنان من جهة، والتواجد اللبنانى الذكى والقوى بأفريقيا من جهة أخرى. ماجد المنشاوي، الذي تم انتخابه رئيسًا لمجلس الإدارة والعضو المنتدب للشركة، أكد في حواره لـ «المصرى اليوم» أن الشركة الجديدة لديها خطط للتعامل مع كل مشكلات التجارة مع القارة، وأنه يثق في أن الصادرات المصرية ستجد لها طريقًا أمام المنافسة مع الهند والصين وإسرائيل وتركيا من خلال مساعدة الشركاء اللبنانيين.

■ بداية.. كيف تم اختيارك لرئاسة الشركة المصرية اللبنانية؟

- أعمل في السوق اللبنانية منذ أكثر من 25 عامًا، وتحديدًا في قطاع الدواء، ومساهم في إحدى الشركات اللبنانية القابضة التي تمتلك عدة مصانع للأدوية في مصر والخليج والسعودية، وترأستُ جمعية الأعمال المصرية اللبنانية، وسمح لى تواجدى بالسوق اللبنانية في تكوين علاقات قوية مع أهم رجال الأعمال والمستثمرين اللبنانيين، وهو ما أعطانى دفعة قوية لاختيارى رئيسًا لمجلس الإدارة والعضو المنتدب للكيان الجديد.

■ كيف استطعت النجاح في لبنان في ظل التداخلات القوية بين الأنظمة والتيارات السياسية والاقتصادية؟

- النجاح في لبنان يمثل تحديًا بالفعل، لأنه يحتاج إلى ترسيخ علاقات متوازنة وجيدة مع كل التيارات السياسية المتعارضة، وأنا عادة لا أرتبط في عملى مباشرة بالسياسيين، وإنما أركز كل مجهوداتى في التجارة والاستثمار.

■ كيف جاءت فكرة الشركة الجديدة؟

- فكرة الشركة بدأت في قطاع الأدوية من خلال إقامة شراكة مع عدد من رجال الأعمال اللبنانيين، الذين تربطهم علاقات قوية مع أفريقيا أو يقيمون فيها، لمساعدتنا في اختراق هذه السوق، خصوصًا أنهم يتمتعون بقدر كبير من المهارة والمعرفة، وهما العنصران اللذان يفتقدهما الجانب المصرى إلى حد كبير، فضلًا عن تحكم اللبنانيين في جانب كبير من حركة التجارة والاستثمار، خصوصًا في غرب أفريقيا، ووصولهم إلى مناصب سياسية عليا في تلك البلاد، وقد تطورت الفكرة سريعًا وتحولت إلى كيان كبير يخدم الصناعة المصرية بشكل عام، وحازت دعما كبيرا من القيادة السياسية في البلدين، كما أن وزير التجارة والصناعة طارق قابيل تبنى الفكرة بقوة، وساهم بشكل كبير في تنفيذها وخروجها إلى النور.

■ ما هي الإجراءات التي تمت لتأسيس الشركة؟

- الشركة تم تأسيسها في لبنان الشهر الماضى وبمشاركة 12 من أهم رجال الأعمال في مصر ولبنان، برأسمال مبدئى 500 ألف دولار، ونسعى لزيادتها إلى 50 مليون دولار خلال شهور.

■ هل من الممكن إضافة شركاء من خارج الدولتين سواء من أفريقيا أو الخليج؟

- في المرحلة الحالية لدينا 12 مساهمًا، ونركز على الترويج للكيان الجديد وضمان نجاحه، ويمكن في مرحلة لاحقة فتح الشركة لدخول مساهمات من جنسيات مختلفة سواء عربا أو أفارقة أو حتى مصريين آخرين.

■ كيف سيتم التعامل مع المشكلات الرئيسية التي تعوق التجارة المصرية مع أفريقيا، وأهمها النقل واللوجيستيات ومخاطر سداد الحقوق؟

- بالفعل لدينا مجموعة من المشكلات التقليدية مع أفريقيا، خاصة في مجال النقل واللوجيستيات، وبدأنا مع وزارة التجارة والصناعة التحرك لحلها، والشركة تخطط خلال المرحلة الأولى من عملها لإقامة عدد من مراكز ونقاط التوزيع وتخزين البضائع المصرية في قلب القارة، وسنبدأ بكوت ديفوار لخدمة الأسواق المحيطة بها، وهذه المخازن مجهزة لاستيعاب كميات كبيرة ومتنوعة من البضائع المصرية لتكون حاضرة في أي وقت لتلبية طلب السوق، كما نعمل حاليًا على حل مشكلات نقص خطوط الشحن وعدم انتظامها، من خلال إيجاد خطوط شحن بحرى، ونجرى حاليا اتصالات مع شركة «مصر للطيران» لإضافة عدد من المحطات غير المعمول بها حاليا لتنشيط الشحن الجوى، مع إتاحة ضمان من الجانب الأفريقى بنسب امتلاء كل رحلة لتكون اقتصادية للشركة، أما ما يتعلق بمخاطر السداد، فإن هناك اتصالات تتم حاليا مع الشركة المصرية لضمان الصادرات لتغطية مخاطر التصدير إلى أفريقيا، كما بدأنا اتصالات مع المصرف العربى للتنمية الاقتصادية في أفريقيا للاستفادة من أحد البرامج لتمويل الصادرات المصرية، كأحد أنواع الدعم للعلاقات المصرية- الأفريقية المشتركة، كما أن الشركة تعتزم أيضا اتباع أسلوب الصفقات المتكافئة في التعامل مع بعض الدول من خلال تصدير منتجات لها مقابل استيراد خامات لها احتياجات في الصناعة المصرية، وهو ما قد يسهم كثيرًا في حل مشكلات العملة.

■ كيف تتعامل الشركة مع نسب الفساد المرتفعة في بعض دول القارة وفقًا للتقارير الدولية؟

- السوق الأفريقية واعدة، وبها فرص كبيرة، يجب ألا يقف هذا أمام طموحاتنا في اقتناص حصة من هذه السوق، وشركاؤنا من لبنان «متغولون» بها، ولديهم إلمام كبير بكل قواعدها وآلياتها، وعندهم القدرة على تسويق المنتجات بعكس المصريين.

■ إلى أي مدى تتحكم العائلات اللبنانية في حركة التجارة الأفريقية مقارنة بدول أخرى مثل إسرائيل أو الصين أو تركيا؟

- اللبنانيون مترسخون في أفريقيا ومنذ أجيال كثيرة، ولهم شركات مسيطرة على حركة التجارة في عدة دول، بل إنهم وصلوا إلى مناصب قيادية في بعض البلاد، منها مستشار لرئيس الجمهورية، أو رئيس لاتحاد الغرف التجارية.. وغيرهما من المناصب المهمة، كما أنهم أكثر انتشارًا في غرب أفريقيا، الناطقة باللغة الفرنسية.

■ هل يمكن الاستفادة من البنية المصرية القديمة في أفريقيا مثل فروع شركة النصر للتصدير والاستيراد، أو مصر للتجارة؟

- هذه الشركات كانت لها نجاحات قوية في فترة الستينيات، ولكنها لم تحافظ على ذلك، وندرس حاليا إمكانية التعاون معها والتنسيق لاستغلال البنية التحتية التي تملكها، لزيادة الصادرات المصرية ومضاعفتها.

■ هل ترى أن الصادرات المصرية تستطيع إيجاد مكان لها في السوق الأفريقية وسط المنافسة مع الصين والهند وتركيا؟

- المشاركة مع لبنان مفتاح جيد لضمان حصة للصادرات المصرية، خصوصًا أن الصناعة المصرية شهدت تطورًا كبيرًا، والجانب اللبنانى زار عددا من المصانع المصرية في مناطق أكتوبر والعاشر والعبور، واطلع على التطور الكبير في الصناعة ومدى قدرتها على المنافسة مع تلك الدول، والدليل على ذلك أنه تم الاتفاق على أول صفقة تضم «60 كونتينر» من السيراميك إلى أوغندا، وجار حاليًا إنهاء إجراءات صفقة أخرى في قطاع الصناعات الغذائية الشهر المقبل، وأعتقد أن نجاح تلك الشركة هو تحد كبير لكل الشركاء، ولكنهم جميعًا سواء المصريين أو اللبنانيين رجال أعمال ناجحون ومميزون في قطاعاتهم، وهذا دافع قوى لضمان نجاح الشركة، كما أن جزءًا من قياس نجاح الشركة لمصر هو لفت أنظار المستثمرين اللبنانيين للاستثمار في مصر، وهو ما تم، حيث استحوذ أحد أعضاء مجلس إدارة الشركة مؤخرًا على مصنع مصرى يعمل في مجال الكابلات، وأعلنت الشركة اللبنانية عن استهدافها ضخ 50 مليون دولار إضافية في السوق المحلية قريبًا.

■ من أين ستأتى أرباح الشركة؟

- الشركة في البداية ستحصل على مقابل رمزى لتسويق المنتجات المصرية في أفريقيا لتغطية نفقاتها وتحقيق ربح مبدئى، وبعدها ستتوسع من خلال تأجير المخازن وإدارة المراكز اللوجيستية، وبعدها تقوم الشركة بالتجارة مباشرة، وأخيرًا الاستثمار المباشر وإقامة مصانع في القارة.

■ العلاقات الثقافية جزء أصيل من العلاقة مع أفريقيا، هل سيكون للشركة دور في هذا؟

- بناءً على طلب من الجانبين اللبنانى والأفريقى تم إطلاق منتدى ثقافى مصرى لبنانى أفريقى بالتوازى مع تأسيس الشركة، سيركز دوره على تنمية العلاقات الثقافية والفنية والمجتمعية بين شعوب القارة لتعيد الدور التاريخى لمصر في المنطقة، وهذا المنتدى يترأسه من الجانب المصرى النائب أسامة هيكل، رئيس لجنة الإعلام بمجلس النواب، ويضم معه مجموعة مختارة من أعضاء البرلمان والمسؤولين عن ملف العلاقات الخارجية، وجار حاليًا تشكيل الجانبين اللبنانى والأفريقى، وسيقوم بتنظيم عدة رحلات إلى أفريقيا لهذا الغرض خلال الربع الأخير من العام، وستتم الاستعانة بفنانين ولاعبى كرة لهم شهرة واسعة في أفريقيا.

■ كيف يمكن للشركة تصدير الأدوية في ظل الصعوبات التي تواجه صادرات الأدوية المصرية؟

- مشكلة تصدير الدواء المصرى مرتبطة بتسعيره المتدنى في السوق المحلية، حيث تستدل الدول المستوردة بتسعير المستحضر في بلد المنشأ، ومصر كما نعرف تعتمد تسعيرة اجتماعية وليست اقتصادية، وبالتالى فإن التصدير سيكون غير مجزٍ للشركات، حيث لن يتحمل سعر البيع تكاليف الترويج والشحن وخلافه، ولكن إذا تم حل هذه المشكلة، فإن السوق الأفريقية مفتوحة على مصراعيها أمام شركات الأدوية المصرية، فحجمها يقدر بمليارات الدولارات، وأغلبها معتمد على الاستيراد، والشركة تضع ضمن أولوياتها البدء في إقامة خطوط إنتاج للأدوية خلال العام المقبل.

■هل هناك بوادر لتسهيل تصدير الأدوية؟

- وزيرا الصحة والتجارة والصناعة في اجتماعات متواصلة لإيجاد حل لأزمة تدنى الأسعار المحلية، والمقترح الأقرب للتطبيق هو عمل ملفين لتسجيل الدواء بأسماء متشابهة أحدهما بسعر مدعوم للسوق المحلية، والثانى بسعر تجارى غير مدعم مخصص للتصدير.

■ كيف ترى الأزمة التي صاحبت زيادة أسعار الأدوية مؤخرًا، باعتباركم من أكبر المستثمرين في القطاع؟

- نظام التسعير في مصر به عوار كبير، وأغلب القرارات الوزارية المنظمة له غير مطبقة، وتتحكم فيها الأهواء الشخصية لأعضاء لجان التسعير بوزارة الصحة، ولا توجد قواعد واضحة وشفافة حتى الآن تستطيع أن تفهم منها قواعد ونظم إدارة ملف الدواء، سواء التسعير أو إجراءات التسجيل، ورغم امتداد عملى في صناعة الدواء لعشرات السنين إلا أن نظام «البوكسات» الخاص بتسجيل المصانع للأدوية الجديدة في إدارة الصيدلة بوزارة الصحة تمهيدًا لإنتاجها هو من «التابوهات».

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية