يمتد تأثير الخروج البريطاني من الاتحاد الأوروبي إلى ما هو أبعد من التأثير الاقتصادي على المملكة المتحدة وحدها بل يمتد إلى أوروبا، حيث تراجعت قيمة الجنيه الإسترليني لما يصل إلى 10% أمام الدولار مسجلاً مستويات لم يشهدها منذ عام 1985 وسط مخاوف من أن يضر القرار بالاستثمار في خامس أكبر اقتصاد في العالم وأن يهدد دور لندن كعاصمة مالية عالمية ويغلف المشهد السياسي بالضباب لشهور.
واتجهت الأسهم المالية نحو واحد من أكبر الانخفاضات في التاريخ وفقدت الشركات الأوروبية مليارات الدولارات من قيمتها وتكبدت أسهم البنوك الكبرى في بريطانيا خسائر أفقدتها 130 مليار دولار من قيمتها.
وقال ديفيد كاميرون، رئيس الوزراء البريطاني، في كلمة بثها التلفزيون من أمام مقره في داونينج ستريت: «الشعب البريطاني اتخذ القرار الواضح جدًا بالتحرك في مسار مختلف ومن ثم أعتقد أن البلاد تحتاج قيادة جديدة تأخذها في هذا الاتجاه»، مضيفًا: «لا أعتقد أنه سيكون من المناسب لي أن أكون القبطان الذي يقود بلادنا إلى وجهتها المقبلة».
وقد يحرم الخروج بريطانيا من تجارة السوق الموحدة للاتحاد الاوروبي وسيتطلب منها أن تبرم اتفاقات تجارية جديدة مع بلدان العالم، وقد تتفكك المملكة المتحدة نفسها في ظل دعوات من زعماء اسكتلندا -التي أيد نحو ثلثي ناخبيها البقاء في الاتحاد الاوروبي- لإجراء استفتاء جديد على الاستقلال.
ومن جانبه، سيتضرر الاتحاد الاوروبي اقتصاديًا وسياسيًا مع رحيل دولة لم تكن فقط أقوى مناصر لاقتصاد السوق الحر، لكنها أيضًا تتمتع بعضوية دائمة في مجلس الامن الدولي وبجيش قوي وسيخسر الاتحاد نحو سدس ناتجه الاقتصادي دفعة واحدة.
وطالب زعماء شعبويون في فرنسا وهولندا باجراء استفتاءات للانسحاب من التكتل، وتفتح نتيجة التصويت الباب أمام اجراءات انفصال عن الاتحاد الأوروبي تستغرق عامين على الأقل في خطوة لم يسبق لعضو آخر أن اتخذها.
وعلى صعيد آخر، حضت المديرة العامة لصندوق النقد الدولي كريستين لاجارد، اليوم الجمعة، الاتحاد الأوروبي وبريطانيا، على العمل معًا من أجل انتقال هادىء نحو علاقة اقتصادية جديدة بعد فوز مؤيدي خروج بريطانيا من التكتل في الاستفتاء.
وقالت لاجارد في بيان: «نحض السلطات في بريطانيا وأوروبا على التعاون معا لضمان انتقال هادئ نحو علاقة اقتصادية جديدة، وخصوصا عبر توضيح الاجراءات والاهداف العامة التي ستوجه هذه العملية».
وأثارت نتائج الاستفتاء صدمة في الأسواق المالية وقلقًا حول مستقبل المشروع الأوروبي، وكان صندوق النقد الدولي حذر مرات عدة من «الأثر السلبي» لخروج بريطانيا من الاتحاد بدون أن يستبعد انكماشًا في البلاد.
وعبرت «لاجارد» من جانب آخر عن دعمها بقوة الاجراءات التي اتخذها بنك إنجلترا والبنك المركزي الأوروبي لضخ سيولة في الأسواق، مؤكدًا استعدادها لدعم الدول الأعضاء في حال الضرورة.