x

طارق الشناوي كنت بحسبك ملوخية طارق الشناوي الجمعة 24-06-2016 20:08


كنوع من الاستسهال يلجأ عادة المعلنون إلى الأغانى الشهيرة التى رددها الناس عاطفية أم وطنية مثل «الجيل الصاعد» لعبدالوهاب أو «سواح» لعبدالحليم أو «زحمة يا دنيا زحمة» لعدوية، يضعون عليها أسماء سلع يروجون لها، وهكذا أيضا «الليلة الكبيرة» لصلاح جاهين وسيد مكاوى صارت إعلانا لإحدى شركات الاتصالات، فهل سيمحو الإعلان من ذاكرة الناس هذا الأوبريت، أبدا سيتبخر الإعلان سريعا ولن يتبقى سوى هذا الشجن النبيل «يا ولاد الحلال بنت تايهه طول كده / رجلها الشمال فيها خلخال زى ده / زحمة يا ولداه كام عيل تاه». وبالطبع مع كثرة الإعلانات فى رمضان يصبح المجال مفتوحا لسؤال؟ هل يتم تشويه التراث الفنى بمؤامرة إسرائيلية أمريكية مشتركة؟ الإجابة التقليدية نعم ومع سبق الإصرار، ومن هنا تبدأ المعركة. الناس فى بلادى تميل أكثر إلى تقديس كل ما توارثوه، يعتبرون أى محاولة للتغيير بمثابة اعتداء سافر على ثوابت الأمة، فما بالكم لو كانت هناك سخرية، تبقى «يا يا داهيه دقى».

فى عام 2002 ثار مجلس الشعب بعد أن أعلنت سوزان مبارك احتجاجها بسبب أغنية «حب إيه» التى رددها محمد سعد فى فيلم «اللمبى»، وأطلق زكريا عزمى صيحات زئير الغضب وانتفض المجلس الموقر وتم شجب الأغنية وارتعشت أيادى الرقباء على المصنفات الفنية الذين صرحوا بها، وتناسى الجميع أن محمود شكوكو فى مطلع الستينيات غنى على نفس موسيقى الأغنية «حب إيه اللى انت جاى تقول عليه / سيبك انت من الكلام ده / وتعالى دوغرى ع البوفيه»، وهو ما تكرر فى قصيدة «لا تكذبى» التى أحالها شكوكو إلى «لا تكذبى إنى رأيتكما معا / كنت بحسبك ملوخية / لكن طلعتى مسقعة»، وفى فترة زمنية مواكبة غنى سُمعة فى فيلمه «إسماعيل ياسين فى السجن» «أيظن» لنجاة فانتقلت بسلاسة من «حتى فساتينى التى أهملتها» إلى «حتى شلاضيمى التى ربيتها».

وقبل ذلك ببضع سنوات غنى إسماعيل ياسين «يا حلة العدس الدافى» على وزن «يا وردة الحب الصافى» رائعة عبدالوهاب.

كان نجوم الغناء أمثال أم كلثوم وعبدالوهاب ونجاة وعبدالحليم لا يجدون أدنى حرج فى أن تعاد تقديم أغانيهم بكلمات ساخرة، لا تنسوا أحمد عدوية «نار يا حبيبى نار/ فول بالزيت الحار».

مثلا الأغنية الوطنية «بلدى يا بلدى» التى كتبها مرسى جميل عزيز ولحنها كمال الطويل عام 64 تحولت إلى أغنية ساخرة فى تتر المسلسل الإذاعى الذى صار فيلما شهيرا «شنبو فى المصيدة»، حيث تمت الاستعانة بالشاعر فتحى قورة فكتب على اللحن هذه الكلمات «شنبو يا شنبو / والله ووقعت يا شنبو» كل شىء تم فى لحظات، حيث إنه أثناء تسجيل المسلسل أعلن المفتى أن شعبان 29 يوما وغدا أول أيام رمضان، ولم يكن كمال الطويل قد لحن «التتر» بعد، فلم يجد فريق العمل سوى الاستعانة بلحن «بلدى يا بلدى»، وعندما حضر الطويل للاستوديو وجد فؤاد المهندس وشويكار ويوسف وهبى، بالنقرزة على الترابيزة قد بدأوا فى دندنة اللحن الوطنى على طريقة «شنبو» فأكمله معهم.

لم يعترض أحد ويعتبرها إهانة لنشيد يتغنى بمصر وبجمال عبدالناصر. ما الذى حدث هذه الأيام، هل فقدنا كمجتمع روح المرح والدعابة؟، قُدم أكثر من إعلان ساخر على موسيقى نشيد «وطنى حبيبى الوطن الأكبر» فهل يتذكر أحد تلك القفشات الغنائية، هل تناسى الناس تلك الأغنيات بأصوات أم كلثوم وعبدالوهاب ونجاة وعبدالحليم، بالطبع لو هناك حقوق مالية لورثة هؤلاء الشعراء والملحنين أو لشركات الإنتاج الغنائى تُسدد فورا تلك قضية أخرى، ولكن لا مؤامرة ولا يحزنون فلن يتذكر أحد «كنت بحسبك ملوخية/ لكن طلعتى مسقعة» وفى نفس الوقت لا أحد سينسى رائعة الشاعر كامل الشناوى بموسيقى عبدالوهاب وبصوت نجاة «لا تكذبى إنى رأيتكما معا»!!

[email protected]

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية