x

سليمان جودة روح سعاد! سليمان جودة الثلاثاء 21-06-2016 22:12


أهدانى الدكتور عصام عبدالصمد، رئيس اتحاد المصريين فى أوروبا، كتابه الصادر بعنوان: سعاد حسنى بعيداً عن الوطن.. ذكريات وحكايات!

الكتاب صدر فى طبعته الأولى، ديسمبر 2003، وفيه يحكى الدكتور عصام، بطريقة عفوية شيقة، ما كان بينه وبين سعاد من حوارات، على مدى أربع سنوات قضتها هى فى لندن، بحثاً عن علاج لعمودها الفقرى، وأسنانها، ثم وزنها الزائد!

وعندما جلست أقرأ الكتاب، اكتشفت أنه فى مثل هذا اليوم منذ 15 سنة، عادت الفنانة الراحلة من العاصمة البريطانية فى صندوق، بعد أن كانت قد ذهبت إليها على قدميها، وكان أملها أن تعود لتستأنف مسيرة حافلة وعاصفة مع الفن والحياة والجمهور!

ولست أريد أن أفتح ملف رحيلها الشائك من جديد، وما إذا كانت قد ماتت نتيجة حادث عارض، أم نتيجة قتل متعمد، أم أنها ماتت انتحاراً.. فالمحصلة فى الحالات الثلاث واحدة، وهى أنهم وجدوها مُلقاة على الأرض أسفل عمارة كانت تقيم فيها مع صديقتها نادية يسرى فى الطابق السادس.. أما كيف سقطت من الشرفة، ومَنْ أسقطها.. فهو السؤال المعلق منذ 15 سنة، ويبدو أنه سوف يظل كذلك إلى أن يشاء الله أن تتكشف الأوراق كلها فى النور!

وعندما أغلق القاضى البريطانى ملف القضية على أن صاحبته قد ماتت انتحاراً، فإن كلامه، وهو يغلقه، قد بدا غير مقنع بالمرة، ففى الملف من الثغرات والتساؤلات العالقة، أكثر مما فيه من الإجابات الشافية، كما أن علامات الاستفهام تملأ الملف كله، من أوله إلى آخره، وكأنما روح سعاد تبغى أن تهدأ وتنام!

غير أن ما استوقفنى فى الكتاب هو جانبه الإنسانى المجرد، وكيف أن الدكتور عبدالصمد قد تعامل مع الفنانة الكبيرة، سواء وهى حية حين عرفها، ثم وهى ميتة، فى أثناء كتابة الصفحات، على أنها إنسانة، قبل أن تكون فنانة، وأن من حق الإنسانة فيها أن تعيش، وأن تكون لها حياتها التى تخصها وحدها، شأن أى بنى آدم فى الدنيا.

ولو شاء المؤلف لكان قد تاجر بعلاقته بها، التى يبدو من الكتاب، أنها كانت علاقة أوثق بكثير، من علاقات كثيرين وضعوا عن سعاد كتاباً وراء كتاب، ثم تبين لنا أنهم قابلوها بالصدفة مرة هنا، ومرة هناك أنها - مثلاً - تروى له، فى واحد من الفصول، أنها تزوجت خمس مرات، وأن ذلك إذا كان مهماً، فالأهم منه أن مرة من المرات الخمس كانت من عبدالحليم حافظ، وأنه هو الذى طلب عدم إعلان الزواج، حفاظاً على معجباته.. وبعد أن تنتهى من رواية القصة بكاملها، تعلق بخفة دم كانت تميزها، بأنها هى الأخرى طلبت من عبدالحليم عدم الإعلان، حفاظاً على معجيبها.. فمعجبة له، بمعجب لها، إذا كان الأمر سوف يكون أمر معجبين ومعجبات!

ولا أعرف لماذا يحتفظ الدكتور عصام بكتابه فى حدود الطبعات محدودة النسخ، التى يهدى منها نسخة وراء نسخة لأصدقائه وفقط. فكتاب كهذا يستحق منه أن يعيد طباعته، وأن ينشره على أوسع نطاق، وأن يتيحه للقراء ولجمهور سعاد حسنى، وهو عريض.. إن أهم ما يميزه، ككتاب، أن صاحبه يروى حكاياته بصدق نادر تشعر به فى كل عبارة، وأنت تطالع صفحاته، ومن شأن الأعمال الصادقة أنها دائماً تعيش.

أما إحساسى بامتداد صفحات الكتاب المائتين فهو أن عند المؤلف أضعاف ما قاله، مما يمكن أن يجد طريقه إلى النور، عن الإنسانة سعاد حسنى، لا الفنانة، ثم عن دراما حياتها، ومعها دراما موتها، ففى الحالتين كانت الدراما عالية.. ولاتزال!

وإذا كان هناك شىء أهم فى الكتاب، فهو أن الصدق مع النفس، ومع الناس، لا يموت، وأنه يظل يحيا!.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية