x

قصة ثلاثة أعوام ساخنة فى عمر «الوفد»

الجمعة 26-11-2010 20:58 | كتب: ماهر حسن |
تصوير : اخبار

فى 25 يونيو 1928 أقيلت وزارة النحاس وعهد الملك لمحمد محمود باشا بتأليف وزارة جديدة أطلق عليها الوطنيون «وزارة اليد الحديدية»، قوامها من الأحرار الدستوريين وعدد من أحزاب القصر، ولم يكن يمثل هؤلاء فى مجلس النواب سوى 35 نائباً من مجموع 214 نائباً.


وسرعان ما قامت هذه الوزارة بحل مجلس النواب والشيوخ معاً وعطلت الحياة الدستورية، فى اليوم التالى لتأليف الوزارة صدر مرسوم بتأجيل انعقاد البرلمان لمدة شهر وانصرف النواب هاتفين بحياة الدستور وقرر النواب والشيوخ أن يجتمع المجلسان يوم 28 يوليو، ولم تكد فترة تأجيل انعقاد البرلمان تنقضى حتى أصدرت الوزارة أمراً فى 19 يوليو 1928 بحل مجلسى الشيوخ والنواب وتأجيل انتخاب أعضائهما، وقوبل هذا القرار بسخط عارم حتى إن الحزب الوطنى رغم ما كان بينه وبين الوفد احتج وأصدر بياناً يندد فيه بما حدث.


وظل الوفد يستثير روح المقاومة والمعارضة واندلعت المظاهرات وواجهتها الحكومة بالجيش والبوليس، ودعا النحاس الأمة للنضال من أجل الدستور، وقرر أعضاء مجلسى الشيوخ والنواب الاجتماع بهيئتيهما فى دار البرلمان يوم 28 يوليو 1928، فأغلقت الحكومة أبواب قاعتى مجلس النواب والشيوخ وختمتهما بالشمع الأحمر لمنع الاجتماع، فاتفق أعضاء المجلسين الشيوخ والنواب على أن يطلب ويصا واصف، رئيس مجلس النواب، ومحمود بسيونى، رئيس مجلس الشيوخ، من رئيس الوزراء ووزير الداخلية فى الوقت نفسه محمد محمود، تسليم مفاتيح البرلمان وفك الشمع عن أبوابه. وكان جواب الوزارة على هذين الخطابين أن حشدت جنود الجيش ورجال البوليس لمنع اجتماع المجلسين وأقفلت جميع الطرق المؤدية إليهما وبثت العيون على المكان الذى يختاره أعضاء البرلمان للاجتماع فيه عنهم لكنها لم تهتد إليه واستطاع الأعضاء أن يجتمعوا فى المكان الذى اختاروه وهو دار مراد بك الشريعى رقم 93 بشارع محمد على، وكان اجتماعاً تاريخياً وقرروا أن البرلمان قائم وكان الاجتماع برئاسة ويصا واصف ومجلس الشيوخ برئاسة محمود بسيونى، وأصدر النواب قراراً تاريخياً بأن البرلمان قائم بحكم الدستور وأن المجلسين سحبا الثقة من الوزارة وأن كل تشريع تصدره الوزارة يعد باطلاً.


ولم تأبه وزارة محمد محمود بالأمر ومنعت اجتماع المعارضة وعطلت صحفها وألغت رخصة مائة صحيفة ونسبت الاتهامات إلى بعض البرلمانيين.


واشتبك البوليس فى ساحة عابدين بفريق من أعضاء البرلمان لمنعهم من دخوله واعتدوا عليهم بالضرب المبرح وعاد النواب والشيوخ للاجتماع فى 17 نوفمبر 1928 بجريدة البلاغ وبلغ عدد الحاضرين منهم 125 نائباً و تم انتخاب ويصا واصف رئيساً للمجلس. وطالبوا بأن تسحب الحكومة قواتها التى تحاصر البرلمان، لتقرر الحكومة حظر النشر لهذا الخبر فى أى صحيفة، فلجأت المعارضة إلى سلاح المنشورات السرية لنشر الخبر.


وبعد أن أسفرت الانتخابات فى بريطانيا فى مايو عام 1929 عن فوز حزب العمال بالأغلبية، بدأت مباحثات بين محمد محمود باشا ووزير الخارجية «أرثر هندرسون»، وتم الاتفاق على مشروع معاهدة تحقق استقلالاً منقوصاً وشروطاً تقضى ببقاء القوات البريطانية فى مصر واستمرار انفصال السودان.


وأبدى محمد محمود استعداده لعرض الأمر على مجلس النواب المصرى الذى أوقف انعقاده، وبعد خطابات ومقترحات متبادلة بين هندرسون ومحمود، أعلن رئيس الوزراء نصوص المشروع، وعلق الوفد النظر فيها لحين عودة الحياة الدستورية لكى تقول الأمة كلمتها فى البرلمان. ثم وصل السير برسى لورين، المندوب السامى البريطانى الجديد، فى سبتمبر 1929 وكانت الضجة بلغت مداها فى مصر على مشروع محمد محمود - هندرسون، وطالب الوفد بإقالة الحكومة تجنباً للعبث بإرادة الناخبين وتأليف وزارة محايدة تكفل الحرية والنزاهة وقبلت الحكومة البريطانية شروط الوفد وكان معنى ذلك سقوط وزارة محمد محمود وتأليف وزارة جديدة وهذا ما حدث بالفعل، حيث قدم محمد محمود استقالته فى 2 أكتوبر 1929 وقبلها الملك الذى عهد إلى عدلى يكن بتأليف الوزارة الجديدة. وكان أهم عمل لوزارة عدلى إعادة الحياة الدستورية وإجراء انتخابات عامة خالية من أى ضغط حكومى.


وعادت الحياة الدستورية فى 31 أكتوبر 1929 وتضمن المرسوم إجراء انتخابات مجلسى النواب والشيوخ ليعودا للانعقاد فى 11 يناير 1930.


وتم فض الأختام على أبواب البرلمان منذ يوليو 1928 وتم تسليم مفاتيحه لسكرتير مجلس الشيوخ. وجرت الانتخابات فى موعدها وحظى الوفد بفوز ساحق بعد مقاطعة الأحرار الدستوريون، فيما دخلها الحزب الوطنى.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية