■ تجول فى العالم كله، اشتاق أن يطوف ببلاد العرب فقد اشتاق إليهم، تجول فى السماء فوجد الطائرات الأمريكية والبريطانية والفرنسية والروسية تجوب سماء العرب بلا قيود، ذهب إلى البحار والمحيطات فوجدها مكتظة بالأساطيل وحاملات الطائرات الأمنية، نظر إلى الأرض رأى قواعد عسكرية وجيوشا أجنبية كثيرة.
■ قال لنفسه: يبدو أننى ضللت الطريق وذهبت إلى بلاد أخرى!
■ قال له الجميع: هذه بلاد العرب وهى شبه محتلة، طاف بالشوارع من الخليج وحتى المحيط فوجد معظم المحلات والشركات بأسماء أجنبية، أما التى كتب اسمها بالعربية مثل شركة الأمانة اتضح أنها رأس الخيانة وسوبر ماركت الصدق كله كذب، وما كتبت عليه شعارات الإسلام لا يمت له بصلة.
■ هالته الأعداد الهائلة التى تجلس على المقاهى والكافيهات، علم أنه المشروع الوحيد المربح فى بلاد العرب، يجلس الشباب معظم وقته، هالته أعداد البطالة فى بلاد العرب، وحزن لأنها من أعلى النسب العالمية.
■ قال لنفسه: إذا كانت الأمية الأبجدية عالية فى أمة «اقرأ» بهذه الطريقة فكيف بالأمية الفكرية والثقافية والدينية والتكنولوجية.
■ وجد طوابير المتسولين لا نهاية لها، حزن لمظاهر الفوضى والزحام والتلاسن والتشاتم دون النظر لحرمة الشهر.
■ دقق النظر فرأى عدداً من المقابر الجماعية، أصابته الدهشة حينما رأى عدداً كبيراً من السجون العربية، دخلها فوجدها تعج بمئات الآلاف ومعظمهم من السياسيين وعلى خلفيات الصراع السياسى أو الطائفى، فوجئ بهذا القدر من إهدار الكرامة الدينية والإنسانية الذى يحدث لهم وكأن العرب ينتقم بعضهم من بعض.
■ تذكر فجأة بيت نزار قبانى:
من قال إن الحجاج مات ... ففى كل بلد عندنا حجاج
■ وجد ملايين الفقراء والمعدومين والذين يعيشون حياة بائسة، وفوجئ بأن عدداً لا بأس به من أثرياء العالم من العرب، هاله هذا التفاوت الطبقى وغياب العدالة الاجتماعية، وهاله الإنفاق اللامعقول لهؤلاء المليارديرات العرب فى التفاهات والسفاهات فى أوروبا وأمريكا.
■ حزن لأن العراق تحول إلى أنهار من الدماء، وصراع طائفى بغيض، رأى داعش وهى تعيث فى الأرض فساداً وتأكل الأخضر واليابس وتذبح وتسفك الدماء المعصومة، أراد أن يغادر العراق ولكن لفت نظره ميليشيات الحشد الشعبى، عجب لأنها تقتل بالاسم، ما ذنب إنسان اسمه أبوبكر أو عمر حتى يقتل، رآها تقتل بالمذهب وتقوم بالتصفيات العرقية للسنة والمسيحيين وتهجرهم من أرضهم، عجب لتفجيرها لمساجد السنة، أدرك أنها لا خير فيها ولا فى داعش.
■ كان يكره ظلم وبغى صدام، فلما رأى بغى وظلم هذه الميليشيات ترحم على أيامه، تذكر قول الشاعر:
أنستْ مظالِمُهُمْ مظالمَ مَن خلَوْا ... حتّى ترحمَنا على نيرونِ
■ ذهب إلى سوريا ممنياً نفسه برؤية دمشق الرائعة وحدائقها الغناء وغيرها من مدن سوريا الجميلة، فوجئ بأن سوريا دمرت وتحولت إلى أطلال، حتى المستشفيات والمدارس والمساكن لم تسلم من الدمار، هالته أعداد اللاجئين.
■ قال لنفسه: ما هذا العدد الضخم من اللاجئين؟!.
■ قيل له: أمة العرب أصبحت أمة اللجوء السياسى، أربعة ملايين لاجئ عراقى، وستة ملايين سورى، وقرابة مليون يمنى، وربع مليون ليبى، ذلك فضلاً عمن ماتوا فى البحر أو فى محاولات الهروب.
■ دمعت عيناه على هذه الأمة الثكلى، رأى جماعات إسلامية وميليشيات حركية، وميليشيات مسلحة، والإسلام فى تقهقر وسمعته فى انحدار.
■ ماذا يفعل هؤلاء؟! قيل له: هؤلاء هم السبب فى تشويه صورته.
■ ضجر من برك الدماء التى لا تجف، وعدد الجماجم التى تتطاير على الأرصفة والجثث التى لم تدفن بعد، أكل هذا من أجل السلطة والرغبة فى الحكم!.
■ وجد الأسعار غالية جداً، عجب لأنها انخفضت فى أوروبا وفى كل مكان، رأى الدولار شامخاً، فعجب لأنه تركه ذليلاً فى أوروبا.
■ رأى موجات الكراهية لا نهاية لها، وجد الجامعات خارج التصنيف العالمى، والمستشفيات لا علاقة لها بمقاييس الجودة، والاستبداد يصول ويجول فى بلاد العرب، هاله أن ينفق العالم العربى فى عهده ستة أضعاف ما ينفقه فى الأشهر الأخرى.
■ قرر «شهر رمضان» الفرار سريعاً من هذه البلاد قبل أن يصيبه الجنون، فمضى آسفاً على أمة كانت سيدة للعالم فأصبحت ذليلة لكل من هب ودب.
■ أدار «رمضان» ظهره لبلاد العرب وتولى عائداً من حيث أتى.