x

فاروق شوشة: السيسي صنع «معجزة».. ولا نهضة دون مشروع قومي للتعليم (حوار)

لو اهتمت ثورة 1952 ببناء الإنسان لما حدثت 25 يناير.. و«بحيري» و«ناعوت» و«ناجي» يسيئون للوطن.. والمشهد الثقافي سيئ
الجمعة 10-06-2016 21:14 | كتب: محمود الواقع |
شوشة اثناء حديثة للمصري اليوم شوشة اثناء حديثة للمصري اليوم تصوير : محمد الجرنوسي

مسيرة نصف قرن فى الأدب والشعر، توجتها الدولة بمنحه جائزة «النيل فى الآداب»، وهى الجائزة التى يعتبرها الشاعر الكبير فاروق شوشة، وسامًا على صدره، وتكريمًا لحياة حافلة فى الوسط الثقافى والإعلامى، بعد انقضاء نحو 20 عامًا على آخر جائزة حصل عليها.

«المصرى اليوم» التقت «شوشة» فى حوار خاص، بمكتبه المطل على النيل، فى مجمع اللغة العربية، للحديث عن الجائزة، والمشهد الثقافى والسياسى المصرى، وكيف يرى مستقبل الشعر العربى، ورأيه فى المشهد الإعلامى، وإلى نص الحوار:

■ نبدأ من حصولك على جائزة النيل فى الآداب، ماذا تمثل لك.. وكيف استقبلتها؟

- هى أكبر جائزة فى مصر، ومن الطبيعى أن تكون وسامًا على صدر أى إنسان يفوز بها، خصوصًا بعد فترة عمل امتدت لأكثر من نصف قرن فى مجال الأدب والشعر والثقافة، وبعد جهد ومعاناة، ومحاولة الاستمرار بصور وأشكال شتى، والتجريب فى مجالات كثيرة.

■ هل تأخر حصولك على جائزة النيل؟

- الجائزة جاءت بعد 20 عامًا من حصولى على جائزة الدولة التقديرية عام 1997، وخلال هذه السنوات نال جائزة النيل، من سبقتهم إلى الجائزة التقديرية، عمر طويل بين الجائزتين وأترك الحكم للناس، وفى السابق حصل على الجائزة من كانت تريدهم الوزارة والوزير، والمسؤولون الكبار، وكثير من العناصر التى كانت تصّوت للجائزة كانت خاضعة، وتعمل فى الوزارة، والآن الصورة اختلفت، وأصبح المثقفون الحقيقيون هم الغالبية فى المجلس الأعلى للثقافة.

■ جاء حصولك على الجائزة بعد هجومك على المثقفين فى قصيدة «خدم خدم» هل من علاقة بين الأمرين؟

- لاعلاقة بين الأمرين، قصيدة «خدم خدم»، كتبتها قبل 20 عامًا، وتصادف أن ألقيتها فى معرض الشارقة للكتاب، وتصور الناس أنى كتبتها فى ذلك اليوم، وأنى أُلقيها كشهادة على المشهد الثقافى الآن، على الرغم من أنى كتبتها لتكون شهادة على المشهد الثقافى منذ 20 عامًا وهو لم يتغير، بل ازداد سوءًا، وعندما استمع لها الناس، شعروا كأنى أخاطب اللحظة الحاضرة، واللحظة الحاضرة مستمرة لأنها هى نفسها اللحظة القديمة، ولكن لا علاقة بين الجائزة وهجومى على المثقفين.

■ هذا يفتح بابًا للسؤال عن تقييمك للمشهد الثقافى الحالى؟

- أكثر سوءًا، لأسباب كثيرة، أهمها أن المشهد الثقافى عموده أن يكون هناك تعليم فى مصر، لأن الجمهور الأساسى لابد أن يكون من المتعلمين والمثقفين، فإذا انحدر التعليم فى المدرسة وفى الجامعة مثل ما هو عليه الآن، فكيف نطمح فى مشهد ثقافى حقيقى؟، الأمر الثانى، أن المشهد الثقافى الرسمى محاصر عن طريق وزارة الثقافة، لأنه يدور داخل غرف ومدرجات وأبنية مغلقة، وليس متاحًا للناس بالقدر الكافى، ولكى يتاح للناس لابد أن تكون مؤسسات الإعلام جاهزة لنقله إلى الناس، وأعطيك مثالًا، وزارة الثقافة منذ عدة أيام، عقدت مؤتمرًا حول تجديد الخطاب الثقافى، واجتمع الناس من كل بلاد العالم العربى، وصفوة من المثقفين، لكن التوصيات وما دار فى الاجتماع لم يصل إلى الناس بسبب عدم اهتمام الإذاعة ولا التليفزيون، ولا الفضائيات، ولذلك وزارة الثقافة لو أقامت عشرات المؤتمرات بهذه الطريقة، فهى بمثابة مؤتمرات مغلقة، لن تصل إلى الناس، بسبب أننا ممزقون بلا وسائل إعلام، ولذلك كل العمل الثقافى لا يصل إلى أحد.

■ بمناسبة حديثك عن التعليم، الآن تجرى امتحانات الثانوية العامة، ما رأيك فيما يحدث بها من تسريب للامتحانات؟

- نحن نتحدث عن «الغش» والتسريب، وعن تفنن الطلاب فيما يوضع داخل الأذن، وكلها أشياء هامشية، ولم نلتفت إلى جوهر التعليم.

ينبغى أن نسأل أنفسنا، ما الذى نعلمه؟، ومن الذى يقوم بعملية التعليم، هذا إذا اتفقنا عليه؟ هل هو المعلم الحالى، أم معلم تتوافر فيه شروط وضرورات معينة، وينبغى إعداده؟، هل هو معلم متفرغ للتعليم، أم لقاعات الدروس الخصوصية؟، هل المدرسة تسمح بمزاولة التعليم وبها الإمكانيات؟، هل المكتبة مهيئة لممارسة الأنشطة المختلفة؟ هذه هى الأسئلة الأساسية.

■ ولكن هذا يتطلب مشروعًا تتبناه الدولة وتعمل عليه، أليس كذلك؟

- دون مشروع قومى للتعليم فلا نهضة، قبل الثورة عقدنا عشرات المؤتمرات لتطوير التعليم، ماذا كان يحدث فى هذه الاجتماعات؟، تجّمع متخصصين، ينتهى بخطبة لرئيس الدولة؟، وأقمنا أكثر من 20 مؤتمرًا للتعليم قبل الثورة، ولم نصنع شيئًا، لأنها كانت عبارة عن «مكلمات» فقط.

ومن وجهة نظرى من الضرورى عقد مؤتمر قومى للتعليم وأن يكون التعليم وقضاياه مهمة قومية، لأنه هو أساس الإنسان، والمشروعات بشكل عام لن تنجح إلا بإنسان يدرك قيمته ويحافظ عليه، ويضيف إليه، ويفهم قيمته وجدواه.

■ قلت سابقًا إن الإعلام أصبح مهنة غير مشرفة، هل مازلت عند رأيك؟، وكيف يتغير الوضع القائم؟

- الإعلام قبل أن يكون مهنة غير مشرفة، كان مهنة من لا مهنة له، وبعد ذلك تأتى حكاية الشرف والقيم، لكن فى الأساس هو مهنة أشخاص لا يعرفون معنى كلمة إعلام، ولم يتم تدريبهم ليكونوا عاملين فى أجهزة إعلامية، وتسلل كثير منهم إلى العمل أمام الميكروفون والكاميرا وبهم من العيوب الصوتية والشكلية ما لا يؤهلهم لممارسة هذه المهنة، بالإضافة إلى خوائهم الثقافى، وأنا هنا لا أتكلم عن الجميع، ولكن هناك عناصر سلبية كثيرة أصبحت هى المسؤولة عن تدنى الرسالة الإعلامية، وعما نراه من هبوط إعلامى مسف فى العديد من القنوات، وأعتقد أن كل هذا هو مسؤولية القنوات التى تريد أن تصل إلى أعلى عائد من الإعلانات، وهو الهدف الذى أفسد رسالة الإعلام، قبل أن يكون مسؤولية الإعلامى أو الضيف، الإعلام الآن ضحية للإعلان، وأصبحت «تورتة» الإعلانات هى التى تعيش فى رءوس كل أصحاب القنوات، ومن وجهة نظرى إعلام «ماسبيرو» يستحق أن يوصف بقدر كبير من المهنية، على الرغم من سلبياته الكبيرة وتخلفه الكبير، وديونه الهائلة، لكنه لا يزال يحمل بصمة المهنية مقارنة بـ«الدكاكين» و«البوتيكات»، التى يضرب فيها الضيوف بعضهم وتتسع لبذاءات المتكلمين.

■ لسنوات طويلة قدمت برنامج «لغتنا الجميلة» ورئيسًا للإذاعة، ما الذى ينقص الإعلام الحكومى حتى يكون له تأثير وينافس الإعلام الخاص؟

- أولًا كنت أعمل فى تليفزيون الدولة، وتليفزيون الدولة لا يمكن أن يتهم بالإسفاف أو عدم المهنية، لسبب أن عدد من العاملين فيه وفى الإذاعة تدربوا على أن يكونوا إعلاميين، وهناك معاهد للتدريب تؤهلهم لذلك، وفى ظل هذا المناخ كنت أقدم برنامج «الأمسية الثقافية» فى التليفزيون لمدة 30 عامًا، وأقدم «لغتنا الجميلة» من الإذاعة منذ عام 1967، وحتى اليوم، وشخصيًا كنت أعمل فى ظروف مواتية، فى صيغة مهنية محترمة، بين إعلاميين يعرفون ما معنى الإعلام، ويحافظون على رسالته، وإذا قارنت إعلام الدولة بأى إعلام فى أى مكان آخر فهو فى الطليعة والقمة.

■ بعد 5 أعوام على ثورة يناير، و3 أعوام على ثورة 30 يونيو، أين تأثير الثورتين على الثقافة المصرية؟

- الثورات لا تترك تأثيرًا فى عام أو عامين أو خمسة، حساب الثورات طويل، لأن الذين كانوا قبل الثورة، هم الذين عاشروا الثورة، وهم الذين يعيشون بعد الثورة، وأعتقد أن المتغير فيهم ليس بالحجم الذى يولد مشهدًا ثقافيًا جديدًا، الأمر الثانى، كما قلت فى السابق، التعليم هو الأساس، ولا يتوفر أى تغيير فى المشهد الثقافى، ونسبة الأمية كما هى أو تزيد، والثقافة التى ينبغى أن تتوفر للمواطن ليكون مثقفًا قليلة جدًا، ولدينا أمية هجائية وأمية ثقافية، وكلاهما يمنعان التقدم فى هذا المجال، ومصر قبل أن تقام وزارة الثقافة، كانت تعيش زخمًا ثقافيًا لم تكن تصنعه وزارة الثقافة، بل ربما صنعته مبادرات فردية، ومشاريع تتبناها هيئات ومؤسسات، وكان فى مصر جمعيات ثقافية وأدبية هى عصب الحراك الثقافى، وعلى مدى أجيال كانت هناك مجالات وندوات ومجالس أدبية وثقافية محركة لمناخ المجتمع، الآن هذا كله لا يوجد، وهذا النشاط معزول عن المواطنين وعن المجتمع لأن وسائل الإعلام لا تتبناه ولا تنقله إلى الناس.

الإعلام ينقل مباريات كرة القدم، والتى تشهد زحامًا كبيرًا فى متابعتها، وتنفق الملايين من أجلها، وينقل حفلات الأغانى والمنوعات، ونعتبر أننا حققنا نصرًا إذا استوردنا المطربة أو المطرب «الفلانى» ولا نهتم بنقل حدث ثقافى له أهميته فى تغيير واقع الثقافة فى المجتمع، ونقل الناس إلى مستوى اهتمامات العصر، الناس متخلفون عن الاحتياجات المطلوبة للعصر، تكلمنا منذ فترة عن تجديد الخطاب الدينى، لكن ماذا يعنى ذلك؟، من وجهة نظرى هو يعنى تجديد العقل، ليس هناك شىء مجرد اسمه الخطاب، الخطاب هو ما يتوجه به العقل إلى الآخرين، إذا كنت أنا جاهلا سيكون خطابى خطاب جهل، إذا كنت مؤمنا بالجن والخرافات التى تذيعها بعض القنوات حتى فى رمضان، إذن عقلى متخلف، تغيير الخطاب يتطلب أولًا تغيير العقل، وعدم الإيمان بالخرافات، والتحرر من ثقافة التخلف، الإيمان بالعقل، وأن كل شىء لا يخضع للعقل، هو خاضع للمراجعة والمناقشة والتأكد.

■ من المسؤول عن التقصير فى تجديد الخطاب الدينى؟

- سنرجع إلى الأمية وإلى التعليم، الذى يريد أن يكون واعظًا أو إمامًا أو يصعد إلى منبر، أو يخاطب الناس من خلال فضائيات كما يفعل البعض، وهم فى الحقيقة لا يقدمون تنويرًا دينيًّا ولا خطابًا عصريًا ولا شيئا، المسألة ترجع أولًا للتعليم.

أين تعلم هؤلاء؟ بعضهم لم يتعلم فى الأزهر، وليس لديه ثقافة أزهرية، ومع ذلك يسمح لنفسه بالحديث فى علوم الإسلام، ويفتى فى قضايا يرسلها له الناس، البعض ممن تعلموا فى الأزهر ينبغى أن يعاد إعدادهم أيضًا، ونريد من الأزهر أن يقيم معهدًا لتبنى مفاهيم الخطاب الدينى الجديد، فليس كافيًا أن يقال نريد خطابًا دينًيا جديدًا، لم نحدده، ولم نحدد ما هى أسسه وعناصره، أو ما الذى ينبغى أن نحذفه من الخطاب الحاضر، كيف نحرر الخطاب الراهن من سلبياته لكى نفتح الطريق أمام خطاب جديد.

■ لمرات كثيرة تحدث الرئيس عبد الفتاح السيسى، رئيس الجمهورية، عن ضرورة تجديد الخطاب الدينى لكن لم نرَ أى خطوات فعلية فى هذا الشأن؟

- نحن نطلب، لكن نريد الوسائل التى تحقق هذا، والأزهر إحدى أهم المؤسسات التى ستقوم بهذا الأمر، لكن لا أريد أن ألقى كل العبء على الأزهر وعلمائه، لأن لدينا مجمع البحوث الإسلامية، وهيئة كبار العلماء، والكتاب المثقفين المهتمين بالشؤون الدينية، وهناك علماء يكتبون فى الأبواب العلمية فى الصحف، وكل هؤلاء جزء من المنظومة الدينية، إذن لا ينبغى أن نحمل الأزهر المسؤولية منفردًا فى تجديد الخطاب الدينى، فالمسؤولية مشتركة بين وزارات التعليم، والثقافة، والأوقاف، وكتاب الدين، والأزهر ومؤسساته.

■ لكن البعض يتهم الأزهر بالأساس بأنه أحد منابع التطرف والتشدد الفكرى؟

- هذا اتهام غير حقيقى، والبعض تحدث عن بعض المناهج فى الأزهر، وضرورة تغييرها، وهذا أمر ينبغى أن تمارسه كل مؤسسة تعليمية فى كل مرحلة، فضلًا عن التجديد فى كتب التعليم بالمدارس، ينبغى أن يحدث تجديد مماثل فى مناهج الأزهر.

■ خلقت ثورة يوليو 1952 جيلًا من المثقفين الجدد انتموا لها وعبروا عنها، أين جيلا ثورتى يناير ويونيو؟

- الجيل لا يخلق فى 3 سنوات، وناتج الثورتين سيظهر على المدى الطويل، ثورة 1952 أصبحت نقطة «خيبة» لجيلنا بنكسة 1967، وجيلى عاش الحلم وعاش أيضًا انكسار الحلم، وهو ما ملأنا بسلبيات ومرارات مازال أثر بعضها موجودا حتى اليوم، انكسار الحلم القومى كان معناه أن مصر لم تعد مصر التى نعرفها، وأنها خرجت من التاريخ، لا جدال أن ثورة 1952، فتحت أمام جيلنا التعليم المجانى، فتعلمنا ودخلنا الجامعات، ولكن كانت لها سلبيات لأنها ارتبطت فى كثير من الأحيان بمشاريع قومية، كالسد العالى، وخروج الإنجليز من مصر، وفى مقابل هذا كانت هناك مصادرة للحريات وسجون مكدسة بالمعتقلين على كثرة معتقداتهم شيوعيين وإخوان، وبالتالى بناء الإنسان لم يكن هدفًا لهذه الثورة، ولو كانت اهتمت بالتعليم وبناء الإنسان لما كنا بحاجة إلى ثورة 25 يناير، لأن هذا الإنسان لم يكن ليصمت على فساد استمر لـ 30 عامًا.

■ هل تخشى على ثورتى 25 يناير، و30 يونيو، من مصير ثورة يوليو 1952؟

- لا، الأمر مختلف، الآن توجد رؤية، وحاكم وطنى، ونظام يحرص على صالح الوطن، ومشروعات يتم تدشينها، وبالتالى الموجود على أرض الواقع عمل جبار ليس له نظير فى تاريخ مصر.

■ لكن هناك اتهامات بتقليص مساحة الحريات الإعلامية، وسجون مكدسة بالشباب، وحتى فى أوساط المثقفين هناك الروائى أحمد ناجى، مسجون، والباحث إسلام البحيرى، بالإضافة إلى هروب الكاتبة فاطمة ناعوت، إلى خارج البلاد، بعد صدور حكم قضائى بحبسها، ما ردك على هذا؟

- أنت تنقلنى الآن إلى مساحة من الحوار، لا أوافقك على كل أسئلتك فيها بصراحة مطلقة، والذين تتكلم عنهم يسيئون للوطن ويعيقون استمرارية نهوضه، وجهود ريادته، وكل هذه الأعمال أنظر إليها على أنها تشويش على ما هو قائم من منجزات.

■ ما تقييمك لأداء الرئيس السيسى بعد عامين من توليه الحكم؟

- أرى أنه صنع معجزة بكل المقاييس، فى دولة فقيرة ليس لديها مصادر للإنفاق، ومع ذلك يقيم مشروعات كبرى فى مجال البنية التحتية، الكهرباء، والطرق والأنفاق والصناعة، والعلم النووى، ما يمكن أن نصنع له عنوانًا واحدًا هو «المعجزة».

■ ما تقييمك لأداء وزير الثقافة الحالى حلمى النمنم؟

- هو رجل مخلص، وعلى قدر كبير من الوطنية والشجاعة، وأعرف تاريخه منذ أن كان كاتبًا فى مجلة المصور، والموضوعات التى كان يكتبها فى الكشف عن مواطن الفساد فى المجتمع، وأعتقد أنه الآن يعمل بجد، ولكن مجهود أى وزير لن يظهر للناس، إذا تخلى عنه الإعلام، ووجود وزير مثل النمنم، أحد منجزات ثورتى يناير ويونيو.

■ هل تخلى الإعلام أيضًا عن مَجمع اللغة العربية؟

- جدًا، لدينا مؤتمر سنوى، ولدينا توصيات وقرارات كل سنة، لكن لا تجد صحيفة أو مجلة تنقل ذلك، المؤتمر السنوى يحضره جميع مجامع اللغة العربية فى الوطن العربى، ولا نجد أى وسيلة إعلامية تقوم بالتغطية، وبالإضافة إلى هذا، المجمع يحتاج إلى ميزانية، وبصراحه ميزانيتنا لا تناسب ميزانية حلقة واحدة من مسلسل تليفزيونى، يتقاضى أبطاله ملايين الجنيهات، المجمع هيئة بحثية مثل المركز القومى للبحوث، نؤلف بحوثا لغوية ومعاجم، ولدينا 26 لجنة علمية فى كل المجالات، ونحتاج إلى دعم مادى.

■ لماذا غاب جيلك باستثناء الراحل الكبير عبدالرحمن الأبنودى عن الحضور شعريًا فى حشد الجماهير خلال ثورة يناير؟

- أنا عملى هو الكتابة، وليس النزول إلى الشارع، والشعر لا يكتب بين يوم وليلة، أنت لا تكتب بأمر، أنا أكتب عندما أشعر بشىء لا يعرفه الناس ويحركنى، وفى البداية كتبت عن الشهداء، ثم كتبت عن ميدان التحرير، بعد أن أصبح قدس أقداس مصر، وأصبحت تخرج منه أجيال الثورة، ولكن لم أحس أنى مجند للكتابة بشكل مستمر.

■ ما سبب ابتعاد الشعر عن رجل الشارع العادى، وما سبب غياب «الشاعر الجماهيرى»؟

- الشعر لا علاقة له بالشارع، ولا يكتب للشارع، ومن يكتب شعرًا للشارع يريد أن يصل كلامه إلى مستوى الأغنية، أو تتر المسلسل، أما الشعر الحقيقى فلا يكتب من خلال الاتجاه إلى الشارع، الثورة تصنع فى الشارع لكن الشعر يكتب بعيدًا.

■ هل أنت راضٍ عن المنجز الشعرى الذى قدمته للشعر العربى؟

- لست راضيًا.

■ لماذا وصفت قصيدة النثر بـ«اللا شعر»؟

- لأنها قصيدة تخلو من الموسيقى، والموسيقى هى أساس الشعر، ووافقت أحمد عبدالمعطى حجازى فى كتابه النقدى «القصيدة الخرساء»، وطلبت ممن يكتبون موسيقى النثر، أن يطلعونا على هذه الموسيقى.

وأرى أن الأصوات الشابة التى تكتب قصيدة نثر، يكتبون خواطر جميلة، لكن هناك شعراء قصيدة نثر أقرأ أعمالهم بعيدًا عن مفهوم القصيدة التقليدية، فأنا شديد الإعجاب مثلًا بمحمد الماغوط، وهو قامة فارعة فى مجال كتابة قصيدة النثر، ولكنى أقرؤها متأثرًا بالحس الشعرى الذى تموج به الكتابة، ورغم افتقادى للإيقاع الشعرى فى الشاعر، لكن الزخم الوجدانى وحرارة الكلمات فى لغته يجعلاننى معجبًا به.

■ هل توافق على مقولة «زمن الرواية» رغم أن الشعر كان «ديوان العرب»؟

- لا، نحن فى زمن الفن الهابط والمسلسلات التليفزيونية، ياريتنا فى زمن الرواية، ثم ما هى الرواية التى تكتب الآن، الروايات التى يكتبها جيل الشباب الآن لغتها هشة وممزقة، أحاديث عن الجنس والكيف، ويقرؤها الملايين، ما يكتب الآن أعمال ما قبل النشر، الإسراع فى النشر هدفه أن يصبح المنشور فيلمًا أو مسلسلًا.

■ هل تعتقد فى أحقية «أدونيس» بالحصول على «نوبل»؟

- أدونيس أحد القمم الكبيرة فى الفكر العربى والشعر العربى، ويستحق «نوبل» بلا جدال.

■ أخيرًا.. ما مستقبل الشعر العربى؟

- مستقبل الشعر العربى مرهون بالشعراء القادمين، والنبوءات لا تصلح فى هذا المجال، قد يجىء شاعر كبير يغيّر الخريطة الشعرية، والقول بأننا سنكتشف «كام شاعر» هذا يدخل فى باب النبوءة، الشعراء الجدد سيكونون أبناء التعليم الجيد، والمناخ العام الذى يسمح بتصورات جديدة وخيال جديد واتصال بالشعر فى العالم.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية