بدأ الشيخ زكريا أحمد عالمه فى التلحين فى عام 1913 بتلحين الأغانى الدينية، ثم تزوج وأنجب عام 1920 وحينها قام بتلحين الطقاطيق الغنائية، ومنها الطقطوقة الشهيرة (ارخى الستارة اللى فى ريحنا) ولفظ «طقطوقة» أصله «قطقوطة»، ويراد بها الشىء الصغير؛ وفى اللغة العربية معناها الأهزوجة، وظهر هذا القالب الغنائى فى نهايات القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين. ومن أبرز الطقاطيق التى حققت شهرة واسعة فى ذلك الوقت؛ «يا ورد يا فل يا ياسمينا»، و«يا عشاق النبى»، و«طلعت يا محلا نورها» التى لحّنها الموسيقار سيد درويش الذى تميّز فى هذا اللون الغنائى. وعن فن الطقطوقة يقول الناقد الموسيقى السورى «ياسر المالح» (الاختلاف بين الطقطوقة وأى لون موسيقى آخر يأتى من بساطتها، رغم أنها من أصعب الأشكال الموسيقية، حيث تشمل مذهباً مستقلاً يتكرر بين المقاطع الغنائية. وعادة تُعرف الطقطوقة بلحن مذهبها، حيث تتم التفرقة بين نجاح الطقطوقة وفشلها بنجاح لحن المذهب. وبالرغم من انحسار الأضواء عن فن الطقطوقة إلا أن هناك طقاطيق لاتزال عالقة بالأذهان حتى وقتنا الراهن مثال «زورونى كل سنة مرة»، و«مادام تحب بتنكر ليه»، ورائعة السنباطى «هقابله بكرة» التى غنتها ببراعة السيدة أم كلثوم ذات الحظ الكبير فى غناء الطقاطيق، ومثلها تماماً نال الموسيقار محمد عبدالوهاب حظاً وفيراً من غناء الطقاطيق. فجميعنا نذكر طقطوقة «خايف أقول اللى فى قلبى»، و«اجرى اجرى»، و«لما أنت ناوى»، و«امتى الزمان يسمح يا جميل». وقوامها نظمٌ من الزجل، عالجه عدد من الشعراء أمثال بديع خيرى، وبيرم التونسى، وأحمد رامى، وحوّله الموسيقار زكريا أحمد إلى غناء فى الثلاثينيات من القرن المنصرم. ويمكننا القول إنه من أهم الطقطوقات التى لحنها الشيخ زكريا أحمد «جمالك ربنا يزيدو»، و«ليه عزيز دمعى تذله»، و«اللى حبّك يا هناه»، وأشهر هذه الطقاطيق على الإطلاق «غنى لى شوى شوى» التى غنتها أم كلثوم فى فيلم «سلامة» عام 1944. بعدها عمد زكريا أحمد إلى تطوير الطقطوقة فجعلها قريبة من المونولوج من حيث اللحن كما فعل بطقطوقة «حبيبى يسعد أوقاته». ولم يتوقف زكريا عن عمليات تطوير وجعلها سهلة التداول بين الجمهور، فاقترب بها من المنولوج لحناً، لتصبح الطقطوقة من أنجح الأشكال الموسيقية فى عصر الأربعينيات).
ولحن طقطوقة (ارخى الستارة اللى فى ريحنا) كان بمثابة وش السعد على الشيخ «زكريا أحمد» فقد غنته سلطانة الطرب «منيرة المهدية» فى عز مجدها، ثم غناه المطرب «عبداللطيف البنا»، وبعده غنته المطربة «فاطمة سرى» وهى التى لفتت النظر إلى هذا الملحن الموهوب، مما جعل الممثل المسرحى «على الكسار» يتعاقد معه على تلحين أوبريتات مسرحياته بأجر خيالى قدره ثلاثون جنيها شهريا، وكان أول أوبريت يلحنه «زكريا أحمد» لفرقة على الكسار هو أوبريت «دولة الحظ» تأليف أمين صدقى، وكان ذلك فى عام 1922. واستمر زكريا يلحن روايات الكسار حتى عام 1926، وبلغت جملة ما لحنه للكسار 43 رواية.
وللعلم طقطوقة «ارخى الستارة» من كلمات «محمد يونس القاضى»، وهذه هى كلماتها، مع ملاحظة أن فى ذلك الوقت لم تكن السينما قد نطقت بعد ولم يكن التليفزيون قد ظهر، لذا تخيل المشاهد كما يتراءى لك: (ارخى الستارة اللى فى ريحنا لحسن جيرانك تجرحنا.. يا فرحانين يا مبسوطين يا مفرفشين يا مزأططين قوى يا احنا.. دلوقت بس اللى ارتحت لا حد فوق ولا حد تحت.. يعرفنى جيت ولا روّحت ولا حد يقدر يلمحنا.. قلبى بيطب قوى وخايفة عندك شباك نواحى العطفة.. افتح درفة واقفل درفة وقوم نغيّر مطرحنا).