x

عبد الناصر سلامة صلاحية الغذاء عبد الناصر سلامة الإثنين 30-05-2016 21:18


الملاحظ فى الآونة الأخيرة أن هناك حملات مكثفة لضبط سوق الغذاء، من حيث الصلاحية والجودة، شملت المحافظات، سواء بالأسواق، أو المطاعم، أو المحال التجارية، وهو ما بدا واضحاً من مجمل ما يُعلَن عنه، من ضبط كميات كبيرة من السلع الغذائية الفاسدة، أو منتهية الصلاحية.

ربما كانت سوق اللحوم هى الأكثر فساداً فى هذا المجال، سواء من حيث انتهاء الصلاحية، أو من حيث ذبح حيوانات غير مسموح بها، مثل الحمير والكلاب والقطط، ناهيك عن الحيوانات النافقة والطيور الجارحة، وغير ذلك من مخالفات أخرى فى مجالات الألبان والمياه والمعلبات بصفة خاصة، منها ما هو صناعة محلية، ومنها ما هو مستورد، منها ما هو نتيجة سوء تخزين، ومنها ما هو سوء تصنيع، إلا أن النتيجة فى النهاية واحدة، وهى أننا أمام ما هو أكثر إضراراً بالصحة، وهو الغذاء الفاسد.

أتصور أن تلك الجهود المبذولة لمقاومة هذا النوع من الفساد هى الأكثر أهمية من بين أى جهود أخرى، على الرغم من أنها تكشف عن حجم خراب غير مسبوق، لحق بالذمم والضمائر خلال السنوات الأخيرة تحديداً، وتوضح فى الوقت نفسه أسباب تلك الظاهرة المتعلقة بتدهور صحة الإنسان فى مصر، وذلك الانتشار الواسع لعدد كبير من الأمراض، مما جعل المستشفيات تئن بأعداد المترددين عليها، كما العيادات الخاصة سواء بسواء.

أعتقد أن هذه القضية الخطيرة يجب أن نرصد لها كل ما تحتاج من إمكانيات مادية وتكنولوجية، يجب أن نوليها الأهمية التى تتناسب مع خطورتها، يجب تذليل كل العقبات التى تعوق عمل هؤلاء القائمين على هذا الأمر، من حيث التفتيش والضبطية القضائية، وسرعة إصدار الأحكام، وتعديل القوانين بما يحقق الردع الكامل، بما لا يجعل الإجراءات تتوقف على مصادرة تلك البضائع الفاسدة فقط، وإنما تمتد إلى إغلاق المنشأة المنتجة، أو المحل المروِّج للسلعة، أو منع هذا التاجر أو ذلك المستورد من ممارسة مثل هذا النشاط مستقبلاً، إلى غير ذلك من إجراءات.

ما يتعلق بالغذاء والدواء تحديداً أيها السادة لا يجب أن نتعامل معه أبداً بشفقة أو رحمة من أى نوع، بدءاً من الموانئ المستقبلة لهذه البضائع القادمة من الخارج، مروراً بمصانع الإنتاج فى الداخل، ومحال البيع، والأسواق، وحتى العامل البشرى المتعلق بهؤلاء الذين نعهد إليهم بمتابعة هذه الأوضاع، سواء كانوا مفتشى وزارة التموين، أو الشرطة المتخصصة، أو جماعات حماية المستهلك، أو الأجهزة الرقابية بصفة عامة.

أتصور أن عملية مراقبة الأسواق، أو الواردات، أو المطاعم والمحال، وغيرها من هذه المنشآت، يجب أن تخضع جميعها فى النهاية إما لرئيس الوزراء مباشرة، أو لوزير متخصص فى هذا الشأن، أو لهيئة عليا يتم إنشاؤها خصيصاً، مع بدء حملة قومية وتشريعية وشعبية وإعلامية، تبعث برسالة فى النهاية إلى كل الفاسدين، مؤداها أننا بصدد بدء مرحلة جديدة من التعامل مع هذه القضية المتعلقة بصحة الإنسان على كل المستويات، تحت شعار «الوقاية خير من العلاج».

الحقيقة المؤكدة هى أن الغذاء السليم يساوى فى النهاية صحة سليمة، يساوى فى النهاية جسما سليما، يساوى فى النهاية عقلا سليما، بما يؤكد أن هذه هى البداية الحقيقية لتكوين مجتمع صحى من كل الوجوه، قادر على العطاء، قادر على العمل، قادر على الإنتاج، ذلك لأننا بحسبة بسيطة سوف نكتشف أن معظم إنفاق الأسرة المصرية يذهب إلى الدواء، كما أن موازنة الدولة لم تعد تفى بحاجة المواطن فى العلاج، كما أن المنظومة الصحية ككل غير قادرة أبداً على استيعاب ما يجرى.

الأرقام تتحدث عن نحو عشرة ملايين مريض بالسكر، عن ثمانية ملايين مريض بفيروس سى، عن أربعة ملايين مريض بالربو، عن أكثر من عشرة ملايين بأمراض الجهاز الهضمى عموماً وأمراض المعدة، عن انتكاسات صحية مفاجئة للأغلب الأعم من شعب مصر دون سبب معلوم فى معظم الأحوال، عن انتشار الأمراض بين الأطفال كما الكبار، بين النساء كما الرجال، بين الأغنياء كما الفقراء، الأمراض لا تستثنى أحداً لسبب وحيد، وهو أن الغذاء كما الماء، بهما ما بهما من عوامل وأسباب المرض.

أرى أنه لم يعد من المناسب الإعلان عن مصادرة سلع فاسدة، أو منتهية الصلاحية، أو أى شىء من هذا القبيل، دون الإعلان عن اسم ذلك التاجر، أو ذلك المستورد صاحب تلك السلعة، أرى أنه يجب التشهير بهذه الأسماء إلى أقصى درجة ممكنة، بل يجب تجريسهم إعلامياً من كل الوجوه، نحن أمام قضايا مخلة بالشرف، أو هكذا يجب أن تكون بحكم القانون، يجب أن يحصل مرتكبوها على أقصى العقوبات.. من هنا فقط يمكن أن نبدأ.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية