هل كان على المؤرِّخ المصرى الشركسى الأصل محمد بن شهاب الدين بن أحمد بن إياس أبوالبركات الحنفى المعروف بـ«ابن إياس» (852 هـ / 1448م - سنة 930 هـ / 1523م) صاحب كتاب بدائع الزهور فى وقائع الدهور أن يكون موجودًا بيننا فى القرن الحادى والعشرين؛ ليضُمَّ إلى كتابه هذا واقعة تجريد المرأة القبطية سعاد ثابت من ملابسها، وإشهارها تجريسًا فى شوارع قريتها الكرم بمركز أبو قرقاص جنوب المنيا، فى صعيد مصر، وسط جيرانها وأهلها، حيث تم عرضها فى وضع مُهينٍ مُزرٍ إذلالا لها، كأنَّ الذين فعلوا بها ذلك من بعض غوغائى وهمج القرية، من الذين ينتسبون إلى الإسلام زُورًا وبهتانًا، لا يعرفون أن الله سيُلبِسهم ثوب المذلَّة، وتسْوَدُّ وجوههم فى حياتهم، وتنجرِد شواربُ قلوبهم، إذ هم منعدمو الرجولة والنخوة، خُصُوصًا أن المرأة المُسنَّة استعطفتهم طالبةً الرحمةَ منهم بألا يجرِّدُوها كما ولدتها أمها، وهى امرأةٌ عجوزٌ فى السبعين من العمر، كأننا فى زمن المماليك، أو العثمانيين الذين أفرطوا فى استخدام التجريس والتشهير بتوسُّع للمخطئ أو حتى المُشتبه به، أو البرىء، أو المُغتاظ منهم ومنهن، وكانت دائما هذه العقوبة الفضائحية (التعرية) التى فيها تشدُّد ومُغالاة ؛ لأنها لا تكافئ نوع الجريمة، حيث كانت الأمور تؤخذ بالشبهات مثلما جرى لسعاد ثابت (فى أواخر شهر مايو من سنة 2016 ميلادية)، والتى للأسف لم تشفع سنُّها، ولم يشفع ضعفها لدى من جرَّدوها من أشباه الرجال، ومن أشباه المسلمين، لأن التشهير أكثر إيلامًا من القتل.
وفى سنة 925 هجرية - أى قبل حوالى 517 سنة – اتهمت صبية مصرية، بأنها كانت مع نصرانى، فأمر بها ملك الأمراء بمصر فعُريت من أثوابها، وكُتِّفت، ورُبطت من رجليها إلى ذنبِ إكديش (وهى كلمة فارسية تقال للحصان المهجن، أى للبغل الذى لا يُستخدم للركوب أو للسباق، بل يُستخدم فقط للتحميل)، وسُحبت على وجهها، فماتت فى الطريق.
ألم يقُل الرسول: لا تقتلوا امرأةً ولا وليدًا، أو لم يوصِ (الخليفة) أبوبكر الصديق بعدم الاعتداء والغدر والقتل على النساء والأطفال والشيوخ، وأيضًا الخليفة عمر بن الخطاب، وكذا أوصى الإمام على بن أبى طالب بأن: (لا تكشفوا عورةً،... ولا تهيجوا امرأة بأذى، وإن شتمن أعراضكم، وسبَبْن «سفَّهن» أمراءكم وصُلحاءكم، فإنهن ضِعافٌ).
هؤلاء الرعاع – إذن – يأتون بأفاعيل نهى عنها الله ورسوله والصحابة، فى نساء المسلمين أو فى الديانات الأخرى.
وتعذيب النساء فى تاريخ الإسلام كتابٌ واسعٌ، أبوابه وفصولُه كثيرةٌ، ويحتاج الأمر منِّى إلى إفراد مُجلَّدات؛ كى أفِى بالغرض، وأعرض لطرائق التعذيب والقتل والتجريس والإشهار، وما فعله بعض الهمج والغوغاء من الحُثالة فى عجُوزٍ، لا حول لها ولا قوة، تدين بدينٍ آخر هو المسيحية، مُنكرٌ عند الناس، وملعونٌ من الجميع، ومُحتقرٌ فى التاريخ، وتعذيب النساء عموما بقطع أيديهن أو أرجلهن، أو بإلقاء رأس أزواجهن فى حجُورهن، يُعدُّ من أكبر الكبائر، ومن أسوأ الممارسات التى أقدم عليها بعض المسلمين، وبخاصة صلب النساء عاريات، إذْ كانوا يلتذُّون بتعذيب النساء وتقطيع أطرافهن.
وليس بمُستغربٍ أن نقرأ عند ابن الأثير فى كتابه (الكامل فى التاريخ): «فأخذ إبراهيم بن بلكين أبناءهم، وذبحهم على صدور أمهاتهم، فقيل إنه ذبح منهم بيده ستين طفلا، فلما فرغ من الأطفال، ذبح الأمهات».
قتل النساء وتعذيبهن كان سنة متبعة فى مختلف الخلافات (الإسلامية !)، ويمتلى كتاب التاريخ الإسلامى بآلاف الحوادث والقصص الدامية، حيث تفنن المعذبون فى ابتكار وسائل التعذيب، لا يفرقون بين عجوز وصبية وشابة وطفلة.
ومن أشهر وأغرب طرائق التعذيب تعليق المرأة من ثدييها، أو إلقاء رأس زوجها فى حجرها ثم قتلها بعد ذلك، أو قتل طفلها الذى تحمله على صدرها، ثم فصل رأسها عن جسدها بعد ذلك، وسلب حلى وجواهر النساء قبيل تعذيبهن، وتغريق النساء عمْدًا فى الأنهار، ولعل دجلة قد شهد وحده تغريق كثيرات فى القرن التاسع الهجرى، وصلب النساء باديات العورة، وبقر بطُون النساء خصُوصًا الحبالى، وقتل من لم تكن حُبلى (وقصص الخُصومة بين قبيلتيْ قيس وتغلب فى سنة سبعين من هجرة النبى لا تُنسى)، وأن تطرح المرأة للسباع والكلاب الضالة الجائعة؛ حتى تنفصل أعضاء المرأة عضوًا عضوًا، ولا يبقى منها شىء، وشق فُرُوج النساء، وجرى ذلك فى (غزو – فتح) مدينة سوسة التونسية سنة 333 على يد أبى يزيد الخارجى «المسمى المنصور بالله الفاطمى !»، حيث كان فساد المعتقد والمسلك، ونشر الشرك والبدع، ومحاربة الحق وأهله، عنوانا له ولأتباعه.