x

محمد حبيب انتبهوا.. ما هو قادم أخطر! محمد حبيب السبت 28-05-2016 21:51


فشل العدو الصهيونى فى تطبيع العلاقات مع الشعوب العربية، برغم المحاولات الدؤوب التى بذلها على مدى عقود.. إذ إن التطبيع، سوف يحقق له مجموعة من الأهداف؛ يأتى فى مقدمتها، (١) تحقيق أمن وأمان الكيان الصهيونى، فهو يعلم أنه سارق لأرض العروبة والإسلام، واللص عادة يظل قلقا ومتوترا، طالما بقى صاحب الشىء المسروق حريصا على البحث عنه واسترداده..

وفى اللحظة التى تقبل فيها الشعوب العربية تطبيع العلاقات مع الكيان الصهيونى، معناه أنها قبلت بالوضع وسلمت أمرها، (٢) فتح الأسواق العربية أمام المنتجات الصهيونية، بما يعود على الكيان الصهيونى بالخير الوفير، (٣) توفير جزء كبير من مليارات الدولارات التى تنفق على الآلة العسكرية، ورصدها لمجالات أخرى، كالتقدم العلمى والتقنى، وغير ذلك، (٤) فتح الباب على مصراعيه للتبادل الفنى والثقافى، وما يتضمنه ذلك من العبث بالخصوصية الثقافية وإفساد للذوق العام، وبالتالى طمس معالم فكرة الجهاد لتحرير الأرض وتطهير المقدسات، (٥) كتابة شهادة وفاة للقضية الفلسطينية، ومن ثم ينتهى هذا «الصداع» المستمر.. ولا شك أن الإدارة الأمريكية (وتابعيها من دول أوروبا) بذلت جهودا مضنية فى سبيل تعبيد الطريق لعمليات التطبيع مع الشعوب العربية.. إلا أن هذه المحاولات كانت تبوء بالفشل..

وبعد مناقشات ودراسات قام بها أئمة الفكر الاستراتيجى، ومراكز الدراسات والبحوث والاستخبارات فى أمريكا و«إسرائيل»، عثر المخطط الأمريكى/ الصهيونى على ضالته، وهى الإخوان؛ فلهم تنظيم دولى يضم عشرات من التنظيمات المحلية فى الدول العربية والإسلامية، فضلا عن أمريكا وأوروبا.. وليس بخاف ما كان يتمتع به الإخوان من شعبية وثقة على مستوى هذه الشعوب، خاصة أن دورهم كان ملحوظا فى الدفاع عن القضية الفلسطينية، بل إن «البنا» نفسه- مؤسس الجماعة- يعتبر شهيد القضية الفلسطينية..

يضاف إلى ذلك أن «حماس» ذاتها هى جزء من الإخوان المسلمين.. فإذا استطاعت الإدارة الأمريكية أن تتواصل مع الإخوان وأن تساعد على دمجهم فى الحياة السياسية داخل أوطانهم كخطوة أولى لوصولهم إلى السلطة، فى مقابل أن يكون لهم دور فى تطبيع العلاقات بين العدو الصهيونى والشعوب العربية والإسلامية، فهذا هو غاية المراد.. وسواء أدرك الإخوان أم لم يدركوا هذا المخطط، فإن الشعوب ما كانت لتقبل ذلك.. فى مصر، كانت الظروف مناسبة للغاية، فقد حدثت ثورة ٢٥ يناير، ونحى الرئيس مبارك، وأصبح الطريق ميسرا أمام الإخوان.. ولأنهم يمثلون- فى الوقت ذاته- حجر الزاوية لكل الإخوان فى مختلف الأقطار العربية، فإن ما سيقومون به سوف يكون له صداه على الجميع.. لقد كانت الاتصالات مستمرة بين أمريكا وإخوان مصر، خاصة فى نهاية العقد الأول من القرن الحالى..

وفى يوليو ٢٠١٢، وقعت الاتفاقية بين حماس والعدو الصهيونى برعاية أمريكية وضمان الحكومة المصرية التى كان يمثلها الإخوان آنذاك.. وفى نفس الشهر، حمل السفير المصرى الجديد معه إلى دولة العدو الصهيونى، خطابا من الدكتور مرسى للسفاح «شيمون بيريز»، يقول له فيه «نتمنى الرغد لبلادكم»، أى لفلسطين المحتلة(!)، ثم يذيله بهذا التوقيع الفضيحة «صديقكم الوفى» (!).. وفى زيارته لدولة العدو الصهيونى، وقف أوباما فى مدينة القدس يقول فى مؤتمر صحفى: «سوف تبقى القدس عاصمة أبدية لإسرائيل».. ونقلت وكالات الأنباء هذا التصريح، ولم يحرك الإخوان ولا الرئيس المصرى ساكنا.. وجاءت ثورة ٣٠ يونيو، وأطيح بحكم «المرشد» فى ٣ يوليو ٢٠١٣، ومعه أطيح بأحلام الإدارة الأمريكية والعدو الصهيونى فى التطبيع مع الشعب المصرى..

ومنذ ذلك الوقت، والهجوم الأمريكى (ومن يقوم بالوكالة) لا يتوقف على مصر، واتبع فى ذلك وسائل ووسائط معروفة، داخليا وخارجيا.. الأيام القادمة تحمل ما هو أخطر من ذلك بكثير، ويجب أن نكون منتبهين إليه..

فالحروب العرقية والطائفية والمذهبية فى المنطقة العربية سوف تشتعل بأكثر مما هى الآن، خاصة أن التنسيق والتفاهم الذى يجرى بين أمريكا وروسيا حاليا يتجاوز الأزمة السورية إلى الترتيب لتوزيع مناطق النفوذ على نحو ما تم فى سايكس- بيكو عام ١٩١٦، الأمر الذى يلقى على مصر مسؤولية وتبعة كبيرة.. ليس لنا إلا الدعاء بأن يحفظ الله مصر من كل سوء ومكروه، وأن يرزق أهلها الرشد والسداد، ولله الأمر من قبل ومن بعد.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية