x

محمد أمين الصيد فى الماء العكر! محمد أمين السبت 28-05-2016 21:56


ما حدث فى قرية الكرم بالمنيا لا هو فتنة طائفية ولا أى شىء.. فقط خناقة بين سيدتين كأى مشاجرة تحدث فى بر مصر.. خناقة، لا فتنة طائفية.. ولو كانت مشاجرة بين سيدتين مسلمتين ما وصلت إلى الإعلام.. ولو كانت مشاجرة بين سيدتين مسيحيتين، ما كانت قد أصبحت على مكتب الرئيس.. المشكلة أنها كانت بين واحدة مسلمة وأخرى مسيحية.. ومن هنا حاول البعض الصيد فى الماء العكر!

فجأة اشتعلت الحريقة.. إلحق فتنة طائفية.. 300 واحد جردوا سيدة مسيحية من ملابسها.. فكرة التعرية وشد الشعر والسحل لسيدة يمكن أن تستقبلها بألف طريقة.. لكن أدنى هذه الطرق هو حرق الدم بالطبع.. فما بالك حين يكون من قاموا بها عشرات أو مئات، ثم تكون السيدة مسيحية؟.. هكذا تم تصدير القصة للإعلام.. ربما فيها رائحة الحقيقة، لكنها ليست الحقيقة.. «فرصة وجت على الطبطاب»!

ولأنها مأساة، تحركت مؤسسة الرئاسة على الفور، وأظن أنها تتحرك فى الفترة الأخيرة كجهاز إطفاء، أكثر منها مؤسسة تدير البلاد، وتحركت الكنيسة أيضاً على الفور، وقال البابا تواضروس لا مجال للمتاجرة، ويجب سدّ هذا الباب بالضبة والمفتاح، فالحادث جنائى، لا طائفى.. وبسرعة تم القبض على الجناة لاتخاذ الإجراءات.. وهكذا تم نزع فتيل الأزمة التى حاول البعض «النفخ» فيها للأسف!

وبعيداً عن إشعال الحرائق أو التهوين منها، قال عمدة الكرم عمر راغب، إن ما حدث غير ما تم ترويجه عبر وسائل الإعلام، وقال إنها مشاجرة مثل أى مشاجرة، المثير فيها أنها بين سيدة مسيحية وأخرى مسلمة.. ولو كانت بين أى سيدتين ما حدث أى شىء.. وقال «ما حدث من إساءة لرجال قرية الكرم شىء محزن، ولابد من عودة روح الود بين أبناء القرية».. ومن المؤكد أنهم فى ورطة فعلاً!

ليس من الدين، ولا من أخلاق المصريين ما جرى.. كنا أكثر حكمة، وكنا أكثر إنسانية وأكثر تديناً.. الآن يتندرون علينا فيقولون «المصرى متدين بطبعه».. أصبحت الحادثة حادثة شرف.. أصبحت فتنة طائفية.. أصبحت إهانة لكل المصريين.. فهل يعقل هذا؟.. السؤال: ماذا جرى للمصريين؟.. هل الثورة غيرتنا إلى الأسوأ؟.. هل يتحول أى خلاف عائلى إلى دم وتكسير وفوضى وفضائح وتشويه؟!

سئمنا من تبويس اللحى.. سئمنا من الحلول العرفية.. نحن دولة قانون لا دولة عرفية.. مهم أن يحاكم الجناة.. مهم أن نضرب بيد من حديد على دعاة الفتنة.. أيضاً مهم أن يكون لرجال الاجتماع وعلماء النفس موطئ قدم.. اذهبوا إلى الصعيد فوراً.. قولوا لنا ماذا جرى للمصريين؟.. علموهم مرة أخرى أن يكونوا متحضرين.. علموهم قيم الحب والتسامح والإخاء.. علموهم يعنى إيه معنى الوطن؟!

لا تصطادوا فى الماء العكر، فليست هناك فتنة طائفية.. ولا تحرقوا الوطن، فالحكاية مجرد خناقة عادية يومية.. المشكلة فقط أنها حدثت بين مسلمة ومسيحية.. إيه يعنى؟.. مفترض أنها بين مصرية ومصرية.. بلاش تنفخوا فى النار.. سنعيش على أرض هذا الوطن مصريين.. لا مسلمين ولا مسيحيين!

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية