x

أحمد بهاء الدين ..واستيقظنا على كارثة ! أحمد بهاء الدين الأربعاء 25-05-2016 21:34


أتردد أحيانا، وأبتعد بالفعل عن الكتابة تحت عددا من العناوين. فى الغالب يكون حديث صادم يصف الحالة، دون اقتراح أو رؤية لحلول. اليوم ترددت أيضا قبل كتابة هذه السطور، ربما تكون جارحة أو صادمة للبعض، ولى شخصيا ولكنها -للأسف- واقعا، لا يمكننا إنكاره. منذ أسبوع تحديدا استيقظنا على كارثة، أحداثها كانت سريعة جدا وانتهت بإعلان سقوط طائرة الركاب المصرية، بدون ناجين. لأسباب كثيرة كان الخبر صادما، أصابنى وربما أصاب الملايين بحالة حقيقية ومستمرة من «وجع القلب» والحزن، كأننا قررنا الاعتراض على هذا النوع من الحوادث، قررنا أن لا نقبله تماما. أو قررنا أن ننكره. ندعو الله أن يرحم الضحايا، ويجعلهم من الشهداء والأبرار، ولكن لو ابتعدنا قليلا عن العواطف والمشاعر،

وحالة الصدمة التى تملكتنا لساعات أو لأيام منذ وقوع الحادث، سوف نجد «مبالغة» عاطفية فى تقييمنا للأمور، استيقظت على هذه الحقيقة صباح الإثنين الماضى، وترددت فى كتابة هذه السطور ليوم كامل، حتى صباح الثلاثاء. كانت هناك مبالغة عاطفية بالفعل، وأصف تقييمى الشخصى للموقف، حالة القلق أثناء متابعتى للأحداث، وربما لأننى كثير السفر كنت أتخيل المواقف التى مر بها الضحايا، كنت أرفض المشاهد المؤلمة التى يفرضها على عقلى بشكل مستمر. وبعد مرور يومين أو ثلاثة أيام، بدأت أرى المأساة بشكل مختلف إلى حد ما، رؤية عقلانية أحاول من خلالها موازنة الأمور، والحقيقة أن النتيجة سببت لى حالة من الفزع، تتخطى الحزن والألم الذى تركه حادث الطائرة. يمكننى أن أسرد سريعا بعض الحقائق والأرقام،

ولكنى فى الواقع لست فى حاجة إليها. هناك «حقيقة» واحدة، تقول أن بلدنا أصبحت الأولى عالميا فى حوادث الطرق. وليس الهدف من حديثى المقارنة بين أشكال الحوادث، ولكن الحقيقة المفزعة أننا أصبحنا نتعامل بتبلد شديد «جدا» تجاه حوادث الطرق، التى يذهب ضحيتها أبرياء أيضا، لم نعد نهتز عندما نسمع عن أوتوبيس مدرسة انقلب فى ترعة، أو عن عشرات القتلى فى حادث ضخم على طريق سريع، أو عندما نسمع عن عبور مئات الركاب لقضبان مترو الأنفاق من رصيف إلى أخر، أو حتى عند رؤيتنا بأعيننا القتلى على الطرق، أصبح معظم المارة وبمنتهى «التناحة» يبطئوا سياراتهم لـ«الفُرجه» فقط. أعتقد أن حالة «التبلد» التى أصابتنا، بجانب «السلبية» الكاملة التى أصبحنا نلام عليها جميعا، هى أسباب حقيقية لاحتلالنا هذا التصنيف العالمى «الكارثى»، ببساطة لأننا لم نعد نهتم. بعد أيام من حادث الطائرة، وضعت نفسى أمام أسئلة بسيط جدا؛ ما هو الفرق بين ضحايا الطائرة وضحايا حوادث الطرق؟، لماذا رفضنا لأيام تقبل حادث الطائرة فى الوقت الذى نتقبل فيه قتلى الطرق دون أدنى شعور بالحزن؟ سألت عدد من أصدقائى نفس الأسئلة، والحقيقة أن الإجابات تنوعت كثيرا بشكل ظاهرى، ولكن اتفق الجميع أن حوادث الطرق حوادث «عادية». نعم وللأسف أعتدنا هذا النوع من الحوادث، لن أقول أننا لم نعد نشعر بالمسؤولية، لأننا لم نشعر يوما بها أساسا، سوف أقول أننا لم نعد نشعر حتى بالحزن. وأصبحت بالتالى حوادث تحصد يوميا أرواح عشرات أو مئات الآبرياء «عادية» بالنسبة لنا، لا نشعر تجاهها بأى نوع من أنواع المشاعر. باختصار أعتدنا أن نستيقظ على كوارث، أصبحت مع الوقت مجرد أخبار. والحقيقة أن الوضع تدهور كثيرا بسبب حالة «التبلد»، التى تخلق بدورها استهتارا عند استخدام الطريق، تزداد بسببه الحوادث، وربما تتضاعف. دعونا ننهى الحديث ونتفق على شىء واحد، دون سرد أعداد القتلى ونسب ارتفاعها على مدار السنوات. الإحساس بالمسؤولية بداية لطريق طويل جدا يجب قطعه لتحقيق أبسط مبادئ السلامة على الطرق. وليرحم الله جميع الضحايا.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية