x

أسامة غريب السيارة فى الأَسْر! أسامة غريب الخميس 28-04-2016 21:33


كنت عائداً إلى الوطن بعد سنوات قضيتها بالخارج فقررت أن أقوم بشحن السيارة إلى مصر.

عندما ذهبت للمطار لتسلمها قيل لى: يجب أن تدفع الرسوم الخاصة بالكشف عن المفرقعات. سألتهم عما يحدث إذا رفضت الدفع.. هل يتركونها تنفجر بحمولة القنابل التى بداخلها؟ بعد الكشف أخبرونى أنهم لا يجدون من يقود السيارة إلى مبنى الجمرك الذى يقع على الرصيف المقابل!..قلت لهم جاداً: وما المشكلة؟ أقودها أنا.. إنها سيارتى وأنا أولى بها. قالوا: لا يجوز، لابد من موظف رسمى يعبر بها. بعد ساعتين حضر شخص له هيئة متسول وخرج بالسيارة ثم توقف إلى جوارى حيث كنت أنتظر خارج قرية البضائع وفتح الباب قائلاً: سأسمح لك بأن تركب معى رغم أن هذا ممنوع. قلت له: ربنا يخليك لمصر!

توقف بالسيارة داخل ساحة الجمرك ونزل مبتسماً وهو يفرك يديه. نفحته ورقة بعشرين جنيها فنظر لها بقرف وظل يشتم نفسه شتائم بذيئة لأنه قام بعمل المعروف فيمن لا يستحق!

اقترب منى أحد الأشخاص ودون أن ينظر نحوى قام برفع غطاء السيارة وقال فى تأفف: هات الورق. أخذه ومضى مبتعداً دون كلمة واحدة فعدوت خلفه. نظر إلىّ بصرامة قائلاً: اجلس هنا وانتظرنى. راقبته وهو يدخل أحد المكاتب ويغيب بالداخل. بعد مدة أطل برأسه ونادانى. دخلت فسحبنى من يدى وقدمنى إلى أحد الموظفين: هذا هو صاحب السيارة. أشار لى الموظف أن أوقع على ورقة أمامه. خرجنا من المكتب فسألته: من أنت بالضبط؟ قال: أنا الذى سأخرج لك سيارتك من هنا معززة مكرمة. قلت له: وهل تظن أن سيارتى من غيرك ستخرج معمول لها حاجات قلة أدب!

ظل طوال اليوم يدخل إلى مكاتب ويقف فى طوابير حتى يصل فى النهاية إلى الموظف المختص وعندئذ يخرج لينادينى ويصطحبنى للداخل حيث أقوم بالإجابة عن أسئلة لزجة، وأقوم بالتوقيع على أوراق أو أخرج فلوساً لشراء طوابع ودمغات، ثم أعود إلى الدكة الخارجية أجلس عليها مع مجموعة من الأسرى أمثالى الذين لا يفهمون ما الذى يحدث ولا من هم الموظفون الحقيقيون فى هذا المكان ومن هم المشهلاتية، حيث إن الفروق بينهما كانت ذائبة. أدركت من المشهد أن المكان يحفل بمجموعة من العواطلية يتولون عن الزبون اللف بالأوراق على المكاتب، لكن ضايقنى أن الأفندى الذى كنت من نصيبه ربما بسبب سحنته الكئيبة لا يقيم علاقات طيبة بالموظفين تسمح له بسرعة الإنجاز، أو هذا ما فهمته من خلال وقوفه فى الطوابير مثل أى زبون!

بعد أن قمت بدفع الجمرك توجهت للأخ الذى كنت من نصيبه ونفحته خمسين جنيهاً، فما أدرى إلا وثورة جنونية تندلع وهو يطالبنى صارخاً بأتعابه التى قدّرها بألف وخمسمائة جنيه!

سألته فى دهشة: مقابل ماذا هذا المبلغ؟ فقال: رسوم تخليص السيارة. فقلت صارخاً أنا الآخر: وهل كانت سيارتى واقعة فى الأسر حتى تحتاج لمن يخلصها؟ قلت هذا ثم ركبت سيارتى وانصرفت.

عندما حكيت لأصدقائى ما حدث أخبرونى بأن عمراً جديداً كُتب لى، وأن الشبيحة والمجرمين بالمكان ما تركونى إلا لظنهم بأننى صاحب سطوة وجبروت وإلا ما دفعت خمسين جنيهاً فى تخليص سيارة!.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية