في بلد شغوف بالأرقام والإحصائيات مثل الولايات المتحدة، قد تكون استضافة بطولة كأس أمم أمريكا الجنوبية «كوبا أمريكا 2016» مصدر تفاؤل كبير لدى أنصار المنتخب الأمريكي بإمكانية إحراز اللقب الغالي للمرة الأولى في التاريخ.
ولم يسبق لأي منتخب من خارج قارة أمريكا الجنوبية أن توج بلقب كوبا أمريكا رغم بدء توجيه الدعوات منذ نحو عقدين كاملين إلى منتخبات من خارج القارة للمشاركة في هذه البطولة.
ولكن النسخة المئوية، التي تستضيفها الولايات المتحدة في شهر يونيو المقبل، ستكون أول نسخة تقام خارج قارة أمريكا الجنوبية، حيث تقام هذه النسخة الاستثنائية احتفالا بمرور 100 عام على تأسيس اتحاد كرة القدم في أمريكا الجنوبية «كونميبول» وبداية إقامة بطولات كوبا أمريكا.
ولم يقتصر الأمر في النسخة المئوية على توجيه الدعوة لمنتخبين من خارج «الكونميبول» كما كان في النسخ الماضية منذ منتصف التسعينيات من القرن الماضي وإنما تشهد هذه النسخة الاستثنائية مشاركة ستة منتخبات من اتحاد كونكاكاف «أمريكا الشمالية والوسطى والكاريبي» من بينها منتخبات الولايات المتحدة والمكسيك وكوستاريكا.
ورغم فوز المنتخب المكسيكي بلقب الكأس الذهبية لأمم اتحاد الكونكاكاف في 2015 وتغلبه على نظيره الأمريكي في الدور الفاصل على بطاقة التأهل لكأس القارات 2017، وكذلك تألق المنتخب الكوستاريكي في كأس العالم 2014 بالبرازيل وبلوغه دور الثمانية، يستمد المنتخب الأمريكي تفاؤله قبل كوبا أمريكا 2016 من استضافة فعاليات هذه النسخة على أرضه ليكون أبرز المرشحين من الكونكاكاف للمنافسة على لقب البطولة.
وعلى مدار تاريخ البطولة الممتد من 1916، توجت ثمانية منتخبات من اتحاد الكونميبول بلقب كوبا أمريكا وأحرزت ثلاثة منها اللقب مرة واحدة فقط وجاء تتويج كل من هذه المنتخبات الثلاثة بلقبه الوحيد من خلال بطولة استضافتها بلاده، كما توج منتخب البيرو باللقب مرتين الأولى كانت على أرضه والثانية عندما وزعت مباريات البطولة على مختلف البلدان المشاركة.
وكان اللقب في أكثر من نصف النسخ الـ44 الماضية من نصيب أصحاب الأرض.
وأكدت النسخة التي استضافتها تشيلي العام الماضي أهمية عامل الأرض والجماهير في القدرة على المنافسة حيث تغلب المنتخب التشيلي على نظيره الأرجنتيني بركلات الترجيح في المباراة النهائية ليحرز اللقب الأول في 37 مشاركة له بالبطولة على مدار تاريخها.
وحدث نفس الشيء لمنتخبات كولومبيا في نسخة 2001 وبوليفيا في 1963 والبيرو في 1939.
وكان الاختلاف الوحيد هو فوز منتخب البيرو بلقب ثان له في نسخة 1975 عندما أقيمت البطولة بتوزيع المباريات ليخوض كل منتخب مبارياته على ملعبه دون أن يكون لهذه النسخ بلد مضيف محدد.
واستغل المنتخب البيروفي امتلاكه مجموعة من اللاعبين المتميزين مثل الأسطورة تيوفيلو كوبياس وخوان كارلوس أوبتيلاس وأوزوالدو راميريز وتوج الفريق بلقبه الثاني.
وخلال 41 نسخة كانت الاستضافة في كل منها لبلد واحد فقط، كان الفوز باللقب من نصيب أصحاب الأرض في 21 منها.
ونجحت منتخبات أوروجواي والأرجنتين والبرازيل في الفوز باللقب خارج أرضها، كما نجح منتخب باراجواي في ذلك مرة واحدة فقط وكانت في النسخة التي استضافتها البيرو عام 1953.
وفي النسخ الثلاث الأخرى التي كانت فيها مباريات البطولة موزعة بين بلدان مختلفة، كان اللقب من نصيب البيرو في 1975 وباراجواي في 1979 وأوروجواي 1983.
وإلى جانب كونه المنتخب الأكثر مشاركة في البطولة حيث غاب عن نسختين فقط كما يحمل الرقم القياسي لعدد مرات الفوز بلقب كوبا أمريكا (15 لقبا)، كان منتخب أوروجواي هو الأكثر نجاحا على أرضه من بين جميع منتخبات كوبا أمريكا حيث أحرز اللقب على أرضه سبع مرات، وذلك في سبع مرات استضاف فيها البطولة على مدار تاريخها.
كما أكد منتخب أوروجواي المنافس العنيد للمنتخب الأرجنتيني الفائز باللقب 14 مرة أنه الأقوى بعد راقصي التانجو في البطولات التي استضافتها الأرجنتين حيث أحرز اللقب ثلاث مرات على ملاعب الأرجنتين التي توجت باللقب ست مرات على أرضها في تسع مرات استضافت فيها البطولة ولم يتوج أي منتخب آخر باللقب على أرض التانجو الأرجنتيني.
وجاء تتويج منتخب أوروجواي باللقب على أرض الأرجنتين في النسخة الأولى عام 1916 ثم في نسختي 1987 و2011.
وفي المقابل، لم ينجح المنتخب الأرجنتيني أو أي فريق آخر في التتويج باللقب على أرض منتخب أوروجواي.
ولكن ما يعوض المنتخب الأرجنتيني، الذي غاب عن أربع نسخ لكوبا أمريكا، عن هذا هو كونه الفريق صاحب المركز الثاني في قائمة أكثر الألقاب برصيد 14 لقباً، كما أنه الأكثر فوزا بالألقاب خارج ملعبه برصيد ثمانية ألقاب، منها أربعة ألقاب في تشيلي ولقبان في البيرو ومثلهما في الإكوادور.
وجاء آخر تتويج للمنتخب الأرجنتيني باللقب من خلال نسخة 1993 بالإكوادور.
والمثير للدهشة أنه حتى 1997 لم يكن المنتخب البرازيلي قد فاز باللقب خارج ملعبه، حيث كانت الأربعة ألقاب الأولى له على ملعبه على عكس مسيرته في بطولات كأس العالم التي توج بألقابه الخمسة فيها خارج ملعبه.
وشهدت نسخة 1997 في بوليفيا أول لقب لمنتخب البرازيل في كوبا أمريكا خارج ملعبه وهو ما تكرر في ألقابه الثلاثة الأخرى التالية بالبطولة والتي أحرزها أعوام 1999 في باراجواي و2004 في البيرو و2007 بفنزويلا.
ومع اهتمام الجماهير الأمريكية بالأرقام والإحصائيات، قد يكون في مساندة الأرض مصدر تفاؤل للمنتخب الأمريكي في كوبا أمريكا 2016 ولكن الفريق يحتاج أيضا إلى التغلب على حقيقة أخرى وهو أنه ما من فريق شارك في كوبا أمريكا من خارج اتحاد الكونميبول سبق له الفوز باللقب، وذلك منذ بداية توجيه الدعوات في 1993 إلى منتخبات من خارج أمريكا الجنوبية.
وكان المنتخب المكسيكي قاب قوسين أو أدنى من كسر هذه القاعدة عندما بلغ نهائي البطولة عام 1993 في الإكوادور ولكنه خسر النهائي أمام المنتخب الأرجنتيني، كما تكرر ذلك في نسخة 2001 بكولومبيا لكنه خسر النهائي أيضا أمام أصحاب الأرض.
ولم تنجح أي من المنتخبات الأخرى المدعوة للمشاركة في كوبا أمريكا بالنسخ الماضية، وهي منتخبات الولايات المتحدة وكوستاريكا وهندوراس وجامايكا واليابان، في الاقتراب من تحقيق هذا الإنجاز.
والآن، تشهد البطولة للمرة الأولى مشاركة ستة منتخبات من اتحاد الكونكاكاف لتكون الفرصة سانحة بشكل أكبر لكسر هيمنة منتخبات أمريكا الجنوبية على اللقب.