x

أيمن الجندي دوار أيمن الجندي السبت 21-05-2016 21:51


عندما تموت حبيبتك، هل فكرت أن الأقدار ربما ترأف بك وتمنحك فرصة أخرى وتعود حبيبتك إلى الحياة؟ وهل فكرت أيضا أنك بدلا من أن تعيش الحب تريد أن تفهم كيف عادت، فإذا بك تتسبب أن تموت حبيبتك بالطريقة نفسها للمرة الثانية! هذا هو الدوار الحقيقى وليس دوار رهاب الأماكن المرتفعة...

■ ■ ■

يالهتشكوك وشقراوات هتشكوك! من أى أفق مفقود يأتى هتشكوك بشقراواته!

«دوار»، مفخرته التى أخرجها عام ١٩٥٨، لم يكن فى اعتقادى مجرد فيلم يخرجه ملك الإثارة والتشويق. بل كان ينم عن رغبة هتشكوك الدفينة فى أن يعيش قصة حب مع شقراء. يتقمص رجلا محبوبا وجذابا مثل جيمس ستيوارت، بطل هوليود الكلاسيكى وفاتن النساء. لاحظ أنه عكسه فى كل شىء. فارع الطول، ممشوق القوام، وسيم الملامح، هكذا كان يختار هتشكوك دائما أبطاله من الرجال. فهل كان يتماهى مع صورة الرجل التى تمنى أن يكونها وفشل؟

■ ■ ■

هتشكوك لم يكن ذلك البدين المدهش! أو كيس الدهن الملىء بالعبقرية. هتشكوك كان يتمنى أن يستبدل ملامحه الشكلية، ليروق للشقراوات الحسناوات، بطلات أفلامه.

لاحظ أن عقدة الفيلم، تم جلاؤها بالكامل للمشاهد فى منتصف الفيلم، فلماذا فعل هتشكوك ذلك؟

■ ■ ■

القصة كالتالى: جون فيرجسون محقق شرطة مصاب برهاب الأماكن المرتفعة، ذلك الأمر الذى تسبب فى مقتل زميله أثناء مطاردة أحد المجرمين. وبلغ من حزنه وتأثره أن اعتزل المهنة، وهنا طلب منه أحد معارفه القدامى أن يراقب زوجته ذات الميول الانتحارية. وهكذا بدأ التعارف وأحبها جون من كل قلبه، لكنها غافلته وانتحرت من قمة البرج وعجز جون أن يلاحقها بسبب مرضه المزمن برهاب الأماكن المرتفعة.

■ ■ ■

مصرعها كان فاجعة حياته الكبرى. لقد أحبها من كل قلبه برغم أنها زوجة صديقه. وها هو ذا الصديق قد رحل، ولم تعد أمامه سوى الوحدة ومطاردة أشباحها القديمة وزيارة الأماكن التى ذهبا إليها سويا.

وفجأة يراها أمامه. ليست هى بالضبط ولكن تشبهها جدا. يتبعها ويتعرف عليها. فى هذه اللحظة يصارحنا هتشكوك بحقيقة ما حدث. هذه الفتاة هى نفسها المحبوبة التى تظاهرت بالانتحار، بعد أن ألقى الصديق زوجته بعد قتلها ليتبين أنه استغل رهاب الأماكن المرتفعة عند جون ليفلت بجريمته!

لقد باح هتشكوك بكل أسراره دفعة واحدة، ليصبح المشاهد وأبطال الفيلم كلهم عالمين بكل شىء فيما عدا جون المسكين.

■ ■ ■

من قواعد الحياة المحكمة أن الفرصة لا تأتى فى العادة إلا مرة واحدة، ولكن جون انكسرت من أجله تلك القاعدة. الحبيبة التى رحلت إلى حيث لا يعود أحد، شاهدها فى الشارع بمحض المصادفة. وهكذا تتبعها. وهكذا لم يكن ممكنا أن يضيّعها للمرة الثانية. وهكذا وقعت فى غرامه، أليس جيمس ستيوارت!

مجرد رتوش بسيطة، لون شعرها، زى فستانها، ارتفاع كعبها، وأصبحت نسخة من حبيبته الميتة.

■ ■ ■

ياللحب ويا لروعته حين يصبح متبادلا بين رجل وامرأة. جاملت الأقدار جون كثيرا حينما عادت مادلين. لكنه بدأ يشك أنها حبيبته القديمة. وقادها قسرا إلى برج الكنيسة العالى، حيث انتحرت الحبيبة لأول مرة، ليجعلها تعترف بالحقيقة. من المؤسف أنها أجفلت وسقطت من فوق البرج العالى، ليتكرر المشهد المحزن من جديد.

■ ■ ■

جون أراد أن «يعرف»، فهل تعاقب الأقدار المحبين على المعرفة؟

«دوار» لم يكن رهاب الأماكن العالية، ولكنه «دوار الحب» حين تتكرر المأساة ونعيشها بنفس تفاصيلها.

[email protected]

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية