x

محمد أمين اكتب فى دفتر العزاء! محمد أمين الجمعة 20-05-2016 21:42


لا أوجه كلامى لكل مَن شمت، ولا أوجه كلامى لكل مَن رأى أن الكارثة سببها الكابتن أو الطائرة، ولا شىء غيرهما.. هؤلاء لا أعنيهم، ولا أهتم بهم بالمرة.. يعنينى مَن يتألم لفقدان الضحايا، ويعنينى مَن يبكى من أجل الإنسان فقط.. لا يعنينى قساة القلوب أبداً، ولا الذين يفرحون فى مصائب مصر وأحزانها، نكاية فى رئيسها.. أقول لمَن أعنيهم: اكتبوا فى دفتر العزاء: هنجيب حقكم، ونأخذ العزاء بعده!.

اكتبوا أننا لن نلبس الأسود، إن كان الأسود يسعدكم.. سنلبس الأبيض.. ولن تؤثر فينا مكائدكم.. اكتبوا أننا سوف نصبر، إن كنتم تريدون أن نحزن.. اكتبوا أننا لم نرَ مَن يفرحون فى أحزاننا مثلكم.. اكتبوا أننا لا نقبل شماتتكم.. كل فتاواكم غلط، وكل تحليلاتكم منحطة.. هل يُعقل أن نتهم الطائرة؟.. هل يُعقل أن نتهم الطيار؟.. فرنسا نفسها لم تقل ذلك لتحصل على البراءة، واعترفت بوجود الإرهاب!.

لم أصدق ما قرأت وما سمعت.. لا أتخيل أن نهلل لسقوط طائرة تلو الأخرى.. لا أتصور أن هناك مَن يفرحون فى المصائب.. لا أصدق ولا أتخيل ولا أتصور أن هناك مَن يستغل الفاجعة فى أى عمل سياسى.. هؤلاء لا يفهمون فى السياسة، ولا يفهمون فى الإنسانيات ولا علاقة لهم بالآدمية.. فى المصائب والفواجع لا توجد سياسة، ولا توجد شماتة ولا توجد معارضة.. ما جرى انحطاط وسفالة!.

قال لى الصديق الكابتن عبدالحميد الصعيدى إن كابتن الطائرة المنكوبة كان يودعهم.. تناولوا الغداء معاً، ثم قام يرتدى ملابسه.. ثم عاد يسلم عليهم.. ثم خرج إلى غرفة جانبية، وعاد يسلم عليهم مرة أخرى.. قالوا له: جرى إيه يا كابتن؟.. قال: سلام يا كابتن.. لا تستخدموا هذه العبارة على طريقة «توكلت على الله».. أبناء الموت يحسُون الموت.. يودعون الحبايب.. كأنهم يريدون أن يطمئنوا على الأحياء!.

ذات مرة كان زميل صحفى، يرحمه الله، قد أحس بالموت.. فوجئنا أنه يمر على جميع الأقسام، وراح يسلم على الزملاء، على غير عادته.. ودَّعهم جميعاً، وقبَّلهم واحتضنهم.. بعد ساعة كان قد وصل إلى بيته، وبمجرد احتضان أمه مات.. قليل مَن يفهم هذه اللحظة.. قليل مَن يؤمن بها.. حالة كابتن الطائرة تشبه هذه الحالة.. لا يعنى أنه يعرف أى شىء.. لا يعنى أنه كان يخشى من خلل، أو أى عمل إرهابى!.

عيب أن نقول إن الخلل فى الطائرة.. وعيب أن نقول إنها كانت بها عيوب فنية.. مصيبة أن نقول إن الطيار كان السبب.. يريدون أن يقولوا إنها شركة فاشلة.. يريدون أن يقولوا إن «مصر للطيران» تشبه مصر.. أو العكس.. يفعلون ذلك لكى يخربوا مصر.. يفعلون ذلك نكاية فى رئيسها.. ونحن نعرف أننا سوف ندفع ثمن ثورتنا.. وسوف ندفع ثمن تجاوزنا للخطوط الحمراء.. وسندفع ثمن السلام!.

اكتبوا فى دفتر العزاء أن مصر لن تنكسر مهما حدث.. اكتبوا أننا لن نلبس الأسود، ولن نعيش فى حداد.. اكتبوا أن مصر سوف تتجاوز أحزانها، وتصنع التنمية وتصنع السلام.. اكتبوا أننا سوف نأخذ العزاء يوم نثأر للشهداء.. مرة أخرى أكرر: لا أوجه كلامى للخونة ولا للنشطاء!.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية