x

عباس الطرابيلي المقاطعة.. لتأديب الجشعين! عباس الطرابيلي الخميس 19-05-2016 21:30


مادامت وزارة التموين تخشى إثارة التجار، ولا تتخذ أى موقف حاسم مع الجشعين منهم.. وفى مقدمتها استخدام ما لديها من مفتشى تموين وحتى شرطة التموين لمراقبة الأسعار.. والحد من الغلاء، غير المبرر، الذى يأكل كل المصريين.. يعنى ببساطة: مادامت الحكومة تتبع أسلوب «الطبطبة» مع هؤلاء التجار.. لماذا لا يقوم الناس أنفسهم بتأديب الجشعين.. وبالأسلوب الذى يلجأ إليه أى شعب يمر بنفس ظروفنا.. وأقصد به «المقاطعة»؟

أى الامتناع عن شراء أى سلعة يغالى التجار فى أسعارها، هنا نجد دور جمعيات حماية المستهلك.. ونجد الناس أنفسهم.. وهم المتضررون مما يحدث.. فى كل السلع بلا استثناء.

وواضح أن التجار استغلوا ظروفاً عديدة ليحققوا مكاسب إضافية، فى مقدمتها التهاب سعر الدولار مقابل الجنيه المصرى، الذى زاد بحوالى 35٪ فى شهور قليلة.. ومنها استغلال التجار عشق الناس للطعام.. وبالذات فى شهر رمضان، حيث يزيد استهلاك الناس بشكل لافت للنظر قد يصل إلى 50٪ مما يأكل الناس فى ظروفهم العادية.. أو ما يطلبون من أى سلعة.

ومن اهتماماتى، التجول فى الأسواق لمعرفة تطور الأسعار. وشدتنى سرعة زيادة أسعار السلع الأساسية وفى مقدمتها الأرز، رغم أننا من منتجى الأرز، بل ومصدريه.. حتى إن الدولة فى حلها لأزمة الأرز، سارعت بالتعاقد على استيراد كميات أرز من بنجلاديش والهند وغيرهما لتواجه ما لجأ إليه كبار التجار من جمع الأرز من الأسواق، وحجبه عن المستهلكين، ومنها الزيت، ونحن نستورد 95٪ مما نستخدمه من زيوت طعام.. أى ليس شرطاً أن نكون منتجين.. أو مستوردين.. وهذا يعنى أنها «لعبة تجار» أو عملية احتكار للسلعة.. واحتقار التجار للسلطة المصرية!! ثم حكايتنا مع اللحوم الحمراء.. حتى إننا نستورد لحوماً من طوب الأرض من السودان والصومال وإثيوبيا وكينيا وتشاد.. كما نستورد لحوماً من أستراليا ونيوزيلندا - من الأغنام بالذات - وكذلك من إسبانيا والأرجنتين والبرازيل.. وبعضها نستوردها «حية» أو مذبوحة ومبردة فى بلادها.. وبعضها مجمدة.

وصدمتنى أسعار اللحوم البلدية.. وهل يعقل أن يتجاوز سعر الكيلو 170 جنيهاً.. والكبدة 150 جنيهاً.. ولماذا - نفسياً - لا يقبل المصرى على تناول اللحوم المبردة.. فما بالنا باللحوم المجمدة؟! ونسى المصرى أن 90٪ من اللحوم التى تقدمها الفنادق الكبرى و95٪ من المطاعم الشهيرة إنما هى من اللحوم المجمدة.. وتختلف النوعية حسب نوع القطعة والمراعى وبلد المنشأ.. ولكن معظمها.. مجمدة.. إلا المواطن العادى!!

ولا ننسى هنا انعكاس ارتفاع أسعار اللحوم على أسعار الدواجن والبط والأسماك.. بل وعلى البروتين النباتى أيضاً.

ولو اعترفنا بأن لعبة الدولار لها دورها الرئيسى فى ارتفاع أسعار اللحوم وغيرها.. ولكن ليس بالشكل الفج الذى نجده الآن.. وربما كان من أسباب ذلك زيادة الاستهلاك المتوقع مع شهر رمضان.. سواء على أسعار العلف أو أدوية الطب البيطرى.. بل وأجور العمالة.. ولكن أين هذه الأسعار من تلك التى «تتحدث» وزارة التموين عن بيعها للناس بأسعار رخيصة.. ولكن أين هى هذه اللحوم رخيصة الثمن.. وما الذى يمنع تسريبها إلى الجزارين لعرضها على أنها لحوم بلدية؟!

السؤال الآن: هل ينجح أسلوب المقاطعة فى مصر الآن.. كما ينجح فى غيرنا من الدول؟.. أى عندما تبدأ عملية مقاطعة الشراء - فى بلد ما - يلتزم بالقرار كل الناس.. إلا عندنا!! هنا تكون الدعوة تخفيض استهلاكنا من السلع المطلوب تأديب بائعيها.. بشرط ألا يقل التخفيض عن نصف ما نستهلكه، إن كان صعباً المقاطعة بنسبة 100٪ والهدف هنا هو «إصابة التجار» بضربة موجعة تؤدى بهم إلى الخسارة الفادحة خصوصاً فى السلع المعرضة للتلف.. مهما تم تجميدها أو حفظها.

■ ولن يموت الناس إذا امتنعوا عن تناول اللحوم لمدة شهر أو حتى شهرين لإرغام المغالين من التجار على خفض أسعارهم، من خلال خفض أرباحهم منها.. وإذا كان صعباً الالتزام بالامتناع عن الشراء الكامل فلا أقل من خفض معدلات الاستهلاك.. حتى ولو كان من طبق الفول المدمس.. أى خفض الاستهلاك بنسب تتراوح بين 25٪ و50٪ لكى نحصل على تأثير إيجابى وقوى لقرار المقاطعة.

ويا سلام لو تعاونت الحكومة - مع المستهلكين - لخفض الاستهلاك للضغط على الجشعين من التجار.. والحكومة هنا مستفيدة، أى بتخفيض فاتورة الاستيراد لنقلل عجز الميزان التجارى.. وأن تتحرك وزارة التموين من خلال مفتشى التموين وشرطة التموين للسيطرة على الأسواق.. وأن نقوم بتنشيط دور جمعيات حماية المستهلك.

■ هل تنجح - عندنا - عمليات المقاطعة.. كما تنجح فى غيرنا من الدول، وكلها.. فى مصلحة المستهلكين؟!

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية