x

عبد الناصر سلامة خطأ صلاح دياب عبد الناصر سلامة السبت 14-05-2016 21:48


المهندس صلاح دياب هو مؤسس «المصرى اليوم»، أهلاً وسهلاً، يمتلك فيها أسهماً، على عينى وراسى، يشرف على المؤسسة إدارياً، ليس هناك ما يمنع، قد تكون له بعض المطالب فى الناحية التحريرية، قد يريد مجاملة هذا الوزير، أو تجنب ذلك الغفير، قد يتواصل مع رئيس التحرير أحياناً، أو رئيس أحد الأقسام أحياناً أخرى، كل ذلك فى إطار من الود، بحكم التشاور والوصول بالصحيفة فى النهاية إلى مبتغاها، شكلاً ومضموناً.

إلا أن مؤسس «المصرى اليوم» حينما يريد تقييم أو تقويم السياسة التحريرية للصحيفة، فلا يجب أبداً أن يكون بهذا الأسلوب، كان عليه احترام تاريخ هذه الصحيفة. ويتأنى فى نشر مقاله الخميس الماضى، تحت عنوان (رسالة مؤسس «المصرى اليوم») معتذراً فيه- أو هكذا أرى- عن الطريقة التى تناولت بها الصحيفة ذلك الصراع الدائر بين نقابة الصحفيين ووزارة الداخلية، ليس ذلك رأيى الشخصى فقط، بل رأى كثيرين ممن استطلعت آراءهم من زملاء صحفيين وقُرّاء مرموقين.

عليه أن يحافظ على حجم التعاطف من أشخاص وجماعات لا تعرفه ولا يعرفهم، هذا التعاطف الذى هو بمثابة ثروة فاز بها وقت المحنة التى خرج منها أقوى كثيراً من ذى قبل.

البعض ممن يعرفون الرجل جيداً يرون أنه قد وقع فريسة نصيحة ليست صائبة من هنا، أو ضغط من هناك، وإلا لما فعل ذلك، مواقع التواصل تتحدّث عن علاقة المقال بالمصالح التجارية والقانونية، وهو ما أستبعده تماماً، إلا أننى أعتقد فى كل الأحوال أن اعتذاراً مؤكداً من المهندس صلاح دياب عن ذلك المقال سوف نقرؤه فى نفس المكان بالصحيفة يوماً ما، بحكم معرفتى بالرجل هو لا يتمسك بالرأى الخطأ، بل يراجع نفسه دائماً.

مؤسس «المصرى اليوم» هو أكثر الناس إدراكاً للدور السياسى الذى قامت به صحيفته منذ نشأتها، بصفة خاصة فى أحداث ٢٥ يناير ٢٠١١، و٣٠ يونيو ٢٠١٣، ها هو الآن يستنكر على الصحيفة الاشتغال بالسياسة، أرى أنه كان منذ اللحظة الأولى مناصراً لنقابة الصحفيين فى أزمتها، ها هو الآن يستنكر على الصحفيين الانتصار لنقابتهم، إلا أنه لم يدرك أبداً أن صحيفة «المصرى اليوم» كانت الأكثر توزيعاً خلال الأزمة، كانت الأكثر قراءة، الأكثر مصداقية، الأكثر احتراماً، ربما اختلط عليه الأمر بمؤتمر أصحاب المعاشات الذين تخيلوا للحظة أنه يمكنهم اختطاف النقابة، لم يدرك هو أن جيل النكسة والدفاع عن الهزيمة لا يقيم أبداً مجتمعات، لم يدرك أن ذلك الجيل هو سبب ما نحن فيه من كوارث حتى الآن.

على الجانب الآخر، المتعلق بالمهنية والموضوعية، أرى أن مؤسس «المصرى اليوم» كان يمكنه معالجة الموقف بطرق أخرى كثيرة أفضل من ذلك، حتى يطمئن. كان يمكن أن يعبر عن رأيه لإدارة التحرير شفاهة مباشرة، كان يمكن أن يوجه إليهم رسالة تحريرية، كان يمكن أن يتحاور معهم، ربما اقتنع بوجهة نظرهم، ربما اقتنعوا هم وتداركوا الموقف، هى بالتأكيد ليست سياسة خاصة برئيس التحرير، هى سياسة مجلس التحرير عموماً، وإلا لما كان هذا الأداء الذى يؤكد أنه كان جماعياً، وحين العدول عن الموقف سوف يقوم رئيس التحرير بنفسه بعملية العلاج، والطرق أيضاً فى ذلك كثيرة.

لقد سبق السيف العذل، وتم نشر المقال السقطة، الذى كان من حق رئيس التحرير، بحكم صلاحياته، الاعتراض على نشره، لسبب بسيط، هو أن الصحيفة يمكن أن تتراجع أهميتها لدى القارئ، يوماً بعد يوم، جرّاء مثل هذا السلوك، الصحيفة التى نجحت بفضل جهود كبيرة، كان فى مقدمتها دعم صلاح دياب لها من كل الوجوه، بحكم تاريخ عائلته وعلاقتهم بالمهنة، بحكم إيمانه هو شخصياً بالرسالة التى تؤديها صحيفته، بحكم علاقاته المتشعّبة بالمسؤولين، والمصادر، ونجوم المجتمع، ورجالات المال والأعمال، بحكم متابعاته الدؤوبة للشارع واستطلاعات الرأى فى هذا المجال.

هذه هى الحقيقة، كان لصلاح دياب الأثر الكبير فى نجاح «المصرى اليوم»، منذ صدورها قبل ١٢ عاماً، لا نريد أبداً أن يأتى اليوم وتتراجع «المصرى اليوم» عن صدارتها حتى لو كان ذلك على يد مؤسسها.

أُدرك تماماً أن هذا المقال قد لا يُنشر، أو قد لا يُنشر إلا بعد العرض على المهندس صلاح دياب شخصياً، نتيجة ذلك الضغط الحاصل على إدارة تحرير الصحيفة، أُدرك أيضاً بحكم معرفتى بشخصه أنه لن يمانع فى نشره، هو يؤمن تماماً بالرأى الآخر، حتى لو تعلق ذلك الرأى بانتقاده هو شخصياً، بالطبع ما كنت أود انتقاده، هو يمثل قيمة كبيرة، عملية وإنسانية، أزعم أنى أعرفه عن قُرب، هو نموذج لرجل الأعمال الناجح والمحترم فى الوقت نفسه، إلا أنها كبوة جواد.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية