بعد ما يقرب من 15 سنة من هجمات 11 سبتمبر المروعة، يتعين على الرئيس أوباما أن يقرر ما إذا كان سيفرج عن 28 صفحة من المعلومات السرية المحجوبة من التقرير الذى قُدم للجنة التحقيق فى الكونجرس فى شأن الهجمات الإرهابية التى أودت بحياة آلاف الأمريكيين.
فى 10 إبريل، بث برنامج «60 دقيقة»، المذاع على شبكة «سى. بى. إس»، قصة عن الـ28 صفحة المحجوبة، وكنت واحدًا وقتها من العديد من المسؤولين الحكوميين السابقين، بمن فى ذلك رئيس لجنة الاستخبارات فى مجلس النواب السابق، مدير وكالة المخابرات المركزية، بورترجوس، والسيناتور السابق بوب كيرى، ووزير البحرية السابق جون ليمان، والسفير السابق تيم رومر، الذين دعوا البيت الأبيض إلى نزع السرية والإفراج عن الوثائق.
بعد يومين من ذلك البث، تلقيت اتصالًا من أحد موظفى البيت الأبيض الذى قال لى إن الرئيس سيتخذ قرارًا بشأن الـ28 صفحة فى موعد أقصاه يونيو المقبل، فيما لم يقدم هذا المسؤول أى وعود لما سيفعله أوباما، لكنى نظرت إلى الخبر بمثابة خطوة فى الاتجاه الصحيح.
كان تفاؤلى حول عمل الإدارة على هذه القضية الحساسة قصير الأمد، ففى أول مايو، عندما كان مدير وكالة المخابرات المركزية، جون برينان، فى برنامج «واجه الصحافة» شاهدته باستغراب وهو يجادل بأنه لا ينبغى الإفراج عن الـ28 صفحة لأن الشعب الأمريكى غير قادر على تقييمها بدقة.
وعندما سأله المذيع تشاك تود لتقديم أسبابه ضد الإفراج عن المعلومات، أجاب برينان: «أعتقد أن بعض الناس قد تنتهز فرصة مجموعة المعلومات غير المؤكدة وغير المنقحة التى يتضمنها التقرير، والتى كانت فى الأساس مجرد تجميع للمعلومات التى خرجت من ملفات مكتب التحقيقات الفيدرالى، للإشارة إلى التدخل السعودى الذى أعتقد أنه سيكون غير دقيق بالمرة».
مع كل الاحترام الواجب، هذه الحجة هى إهانة ليس فقط للجمهور الأمريكى بشكل عام، ولكن أيضا لجميع الذين فقدوا أفرادا من عائلاتهم الأحباء فى هذا اليوم المشؤوم، فالأمريكيون قادرون تماماً على مراجعة الـ28 صفحة واتخاذ قرارهم الخاص حول أهميتها.
وكمشارك فى رئاسة تحقيق مشترك فى هجمات 11 سبتمبر 2001 الإرهابية، قرأت الـ28 صفحة، وحلفى بالسرية يمنعنى من مناقشة تفاصيل تلك المواد، ولكن فى حين لا أستطيع الكشف عن هذه التفاصيل، أعتقد جازمًا أن الشعب الأمريكى يستحق أن يعرف لماذا هذا الموضوع مهم جدًا، وكل الإشارات القادمة هى من الإصدار العام المفرج عنه من التقرير النهائى للجنة التحقيق المشتركة.
للمرة الأولى منذ أكثر من 200 سنة اندمجت لجنتان دائمتان من الكونجرس، وهما لجنتا المخابرات الخاصة بمجلس الشيوخ ومجلس النواب، وكان التحقيق المشترك يضم موظفين متميزين بسبب خبرة أعضائها فى العمل أو الإشراف على وكالات الاستخبارات الرئيسية.
كان أول قرار لنا هو مطالبتنا وكالات الاستخبارات بالاحتفاظ بأى معلومات قد تكون مفيدة فى فهم ما حدث قبل، وخلال، وبعد هجمات 11 سبتمبر، وخلال مراجعة هذه الملفات وجد موظفونا ذوو الخبرة بعض الوثائق التى أثارت مخاوف حول احتمال تورط أفراد أجانب ومصادر أجنبية فى دعم المنفذين، وفى العديد من الحالات اعترف قادة الوكالة أنهم أصبحوا على بينة من هذه الأدلة من خلال التحقيق من هيئة التحقيق المشتركة. وفى 10 أكتوبر 2002، قال مدير مكتب التحقيقات الفيدرالى آنذاك، روبرت مولر، فى شهادته «بالتحقيق مع الموظفين، ونتيجة للتدقيق، ظهرت بعض الحقائق إلى النور، وبالنسبة لى، وبصراحة ربما لم تكن تخرج إلى النور إن لم يتم استجواب الموظفين».
وثمرة ذلك التدقيق تشكل الجزء الأكبر من المواد التى لاتزال تُصنف بـ«السرية». وقد تم نشر تقريرنا النهائى فى يوليو 2003 باستثناء الـ28 صفحة، التى توبخ وكالات الاستخبارات لعدم الاهتمام والعمل على المعلومات التى تحتويها ملفاتهم الخاصة. وشمل هذا التقرير معلومات تشير إلى مصادر محددة قدمت دعماً خارجياً لبعض منفذى هجمات 11 سبتمبر، بينما كانوا فى الولايات المتحدة. وفى الوقت نفسه لم يستطع أحد من مسؤولى «سى آى إيه»، أو «إف بى آى» أن يوضحوا بشكل قاطع حجم هذا الدعم الذى حصل عليه الخاطفون، ونظرا لضخامة المخاطر المحتملة على الأمن القومى وجدت لجنة التحقيق المشتركة أن الفجوة فى التغطية الاستخباراتية «غير مقبولة»، وحولت المعلومات التى تم تلخيصها فى الـ28 صفحة إلى مكتب التحقيقات الفيدرالى ووكالة الاستخبارات المركزية للتحقيق «بأسرع وقت ممكن».
إن الإفراج عن الـ28 صفحة سيمنح الشعب الأمريكى الفرصة لتقييم المسائل المهمة، مثل: هل ينبغى لنا أن نعتقد أن 19 خاطفاً، معظمهم لم يتحدث الإنجليزية بشكل جيد، وبمستوى تعليمى محدود، ولم يسبق أن زاروا الولايات المتحدة من قبل، تصرفوا بمفردهم فى تنفيذ هجوم متطور مثل هجمات سبتمبر؟ وهل حصل الخاطفون على دعم خارجى؟ وإذا كان الأمر كذلك، من الذين قدموه؟ كما أن برينان قال إن الـ28 صفحة تحتوى على معلومات «غير مؤكدة» و«غير منقحة» و«غير دقيقة»، فما هو أساس استنتاجه هذا؟ وهل التأخير لمدة 15 عاماً فى إطلاع الشعب الأمريكى على المعلومات الموجودة فى الـ28 صفحة يضر بالأمن القومى، وتأخر العدالة لأسر نحو 3000 أمريكى قُتلوا فى الهجمات، أو يقلل من ثقة الشعب الأمريكى فى حكومته الفيدرالية؟
حاكم إلينوى والمرشح الرئاسى السابق، أدلاى ستيفنسون، يوضح الأمر بأفضل طريقة: «كمواطنين فى هذه الديمقراطية، أنتم الحكام والمحكومون، أنتم مشرعو القوانين ومنفذوها، أنتم البداية والنهاية»، هذا الوضع الفريد يعطى الشعب الأمريكى السلطة والقدرة اللازمة للاطلاع على الـ28 صفحة وتحديد الحقيقة.
نقلاً عن صحيفة «واشنطن بوست» الأمريكية
ترجمة- مروة الصواف