x

أسامة كمال تركي بجم أسامة كمال الإثنين 09-05-2016 21:13


عندما قمت بإذاعة شعر صلاح جاهين الذى غناه سيد مكاوى بعنوان تركى بجم أثار انتباه عدد كبير من المشاهدين على الشاشة والمتابعين على مواقع التواصل الاجتماعى، فتم تداوله بشكل مكثف ليس فقط لطرافته ولكن أيضا لاندهاش الناس من أن العلاقات المصرية- التركية كانت سيئة أيام جاهين ومكاوى.. ولكى تزول تلك الدهشة يجب أن نراجع تاريخ تلك العلاقات منذ القرن السادس عشر وليس فقط منذ الخمسينيات.

احتلت الدولة العثمانية مصر عام 1517 وحولتها إلى ولاية من الولايات العثمانية حتى عام 1914، ورغم دخول مصر تحت الحماية البريطانية عام 1883 اعتبرت تركيا مصر ولاية عثمانية حتى قيام ثورة 52 وتأسيس الجمهورية عام 54، وهو نفس العام الذى أعلن فيه عبدالناصر طرد سفير تركيا فى القاهرة، فنشرت الأهرام مانشيتاً بعنوان «طرد سفير تركيا من مصر».. وفى تفاصيل الخبر كان السبب حملاته المستمرة ضد الثورة وتوجيه ألفاظ نابية لجمال عبدالناصر.. هل يذكركم ذلك بموقف تركيا من ثورة 2013 والرئيس عبدالفتاح السيسى؟

جاء رد تركيا بالانضمام لحلف بغداد عام 55 بدعم من الولايات المتحدة لتفتيت الوحدة العربية ودعما لإسرائيل.. ثم تدهورت العلاقات أكثر بين البلدين مع وقوف تركيا إلى جانب الغرب فى ادعائه حق السيطرة على قناة السويس.. ورغم أن ناصر استبشر بسياسة تركية جديدة بعيدة عن الغرب وهيمنته عقب انقلاب الضباط الأحرار فى تركيا عام 1960 إلا أن هؤلاء الضباط أكدوا فى أول بيان لهم أن تركيا تدعم جميع الاتفاقيات السياسية والاقتصادية والعسكرية التى تربطها بالغرب.. ووقفت تركيا كحائط صد أمام الوحدة بين مصر وسوريا، وكانت أول دولة تعترف باستقلال سوريا عن الجمهورية العربية المتحدة عام 1961.

ظلت تركيا على حالها إلى أن تخلى عنها الغرب فى أكثر من مناسبة، فبدأت بأسلوب التاجر المفلس تبحث عن حلفاء لها، فقام وزير خارجيتها بزيارة مصر ثم قامت تركيا وعلى النقيض من موقفها خلال العدوان الثلاثى المضاد لمصر بتأييد العرب وإرسال مساعدات كالملابس والأدوية والغذاء لمصر خلال حرب 67.. ولكن لم تفعل تركيا ذلك حباً فى مصر والعرب، إنما كان تخلى الغرب عنها قد جعلها تشعر بالاحتياج لمصر.

هذا التلخيص يشرح لنا أولاً لماذا كانت المشاعر الشعبية والرسمية متأججة تجاه تركيا، والتى طالما ما أرادت ابتلاع سوريا ولم يوقفها إلا موقف مصر العروبى، ويشرح لنا أيضا لماذا كتب جاهين هذه الكلمات الطريفة التى تبدو وكأنها كُتبت اليوم بسبب صلف النظام الحاكم هناك، بقيادة غير المأسوف عليه أردوغان، الذى يكرر أفعال أسلافه أيام ناصر فيسبّ مصر ورئيسها كما فعلوا مع جمال، وتراوده أحلام الهيمنة العثمانية فى ابتلاع على الأقل أجزاء من سوريا وقيادة العرب فى المنطقة، فيعلن أن جامعة الدول العربية يجب أن تختفى وإلا قام بإنشاء جامعة الدول التركية!!! ويغازل المملكة العربية السعودية، وفى نفس الوقت يتحالف مع إيران، يعلن تبنيه لمواقف مؤيدة للقضية الفلسطينية وفى نفس الوقت يتحالف اقتصاديا وعسكريا مع إسرائيل..

سياسة تركيا الحالية ليست خافية، ولكن البعض لم يكن يعلم ما فعلته تركيا مع مصر فى الخمسينيات والستينيات (وما أدراك ما الستينيات التى يكرهها محمد مرسى وأصدقاؤه)، والآن أرجو أن يكونوا قد عرفوا أن العداء قديم والأطماع ليست جديدة من تركى بجم سكر انسجم.. فيقولوا معنا: ادخل ح نضرب فـى الملان.. خليك تقول أنا جلفدان.. ولا ينفعوك الأمريكان. رحم الله ناصر وجاهين ومكاوى، ولا أريد أن أقول والعروبة.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية