x

أسامة كمال فن صناعة الأزمات أسامة كمال الثلاثاء 03-05-2016 21:25


أحداث نقابة الصحفيين إن دلت على أى شىء فهى تدل على عدم الحصافة وانعدام الوعى السياسى إلا إذا كانت الدولة قررت أن تُكشر عن أنيابها لمعارضيها وربما مؤيديها لسبب فى نفسها لا يعلمه إلا الله.. ما تم نشره اعتباراً من الأحد يكفى القارئ لأن يعرف التفاصيل منذ لحظة دخول (اقتحام) الشرطة للنقابة وإلقاء القبض على صحفيين (شخصين غير نقابيين) بواسطة ثلاثين ضابطًا وجندياً (أربعة أو خمسة ضباط فقط).

ما بين الأقواس هو التباين فيما جاء على لسان أعضاء مجلس النقابة من ناحية وما صرح به يوم الأحد اللواء أبوبكر عبدالكريم، مساعد وزير الداخلية لشؤون الإعلام.. تباين فى عدد القوات، فهو من ناحية اقتحام جحافل الأمن أو دخول قوة محدودة لإنفاذ القانون... مساعد الوزير قال أربعة أو خمسة، وأحد الصحفيين قال تشكيلات من الأمن الوطنى.

ثم تم تبادل الاتهامات بين النقيب الأستاذ يحيى قلاش الذى قال إنه كان يتعيّن على الداخلية إخطارنا لو كان لديها أمر ضبط وإحضار من النيابة، وبين اللواء أبوبكر عبدالكريم الذى قال إن نقيب الصحفيين كان يعلم بأمر الضبط والإحضار تجاه شخصين كان عليه ألا يسمح لهما بالاختباء داخل النقابة لأنهما مطلوبان للنيابة العامة.. وكالعادة تاهت الحقيقة.. فهل كان هناك إذن نيابة أم لا؟ هل كان النقيب يعلم بذلك أم لا؟

ثم تصاعدت الأحداث ما بين دعوة لجمعية عمومية ودخول أعضاء مجلس النقابة فى اعتصام مفتوح ودعوات لاستقالة وزير الداخلية وتصريح الكاتب الصحفى ياسر رزق، رئيس مجلس إدارة أخبار اليوم، بأنه يتوقع «أن تأمر رئاسة الجمهورية بإجراء تحقيق عاجل مع المسؤول عن إصدار قرار اقتحام النقابة ومحاسبته، سواء كان الوزير أو أحد معاونيه، لأن المشهد سيتصدر الصحف العالمية ويسىء لصورة مصر».. وبالفعل احتل الخبر موقعًا متقدمًا فى المواقع الأجنبية، ودخلت على الخط الأسماء المعروف أنها تظهر مع أى هوجة، أو كما قال المثل: «جنازة يشبعوا فيها لطم» ولا يمكن أن يرد عليهم أحد لأن هناك من أعطاهم الفرصة على طبق من ذهب.

المواطنون جميعاً أمام القانون سواء، وبالتالى «بدر والسقا» ليس على رأسيهما ريشة، هذا حقيقى.. مبنى النقابة ليس محصناً ضد دخول الأمن دستورياً أو قانونياً، هذه حقيقة أخرى.. ولكن (وهى فى الواقع مليون لكن) كما تطالب الدولة المواطنين بمراعاة الظروف الخاصة للمرحلة الحالية كان عليها أن تفعل ما تطالبنا به وتراعى ظروف المرحلة.. حتى لو كانت الداخلية قد أشعرت النقيب بالطرق التقليدية، كان عليها أن تكرر ذلك علانية وأكثر من مرة لأن المطلوبين متواجدان داخل المبنى فلا داعى للعجلة..

وإذا كان المبنى لا توجد له حصانة دستورية أو قانونية، فله رمزية مهمة تتزايد فى الوقت الحالى.. لاحظ أننى لم أتحدث عن حرية الرأى، ولم أتحدث عن ضرورة قبول ما يخطه القلم مهما كان مؤلمًا، لأنه مهما كان أهون آلاف المرات مما يسببه السلاح، وغير ذلك من المسببات.. انتقدت شخصياً «أردوغان» مراراً وتكراراً لاقتحامه صحيفة، فاقتحم الأمن المصرى النقابة بأكملها وكأننا فى سباق مع الرئيس التركى من منا أفضل فى افتعال الأزمات لنفسه.

لو كان هناك سبيلان على الداخلية أن تختار بينهما، فقد اختارت الأسوأ، ولو لم يكن أمامها إلا ما فعلت فكان عليها أن تمتنع.. كنا نطالب فى الماضى بأسلوب أفضل لإدارة الأزمات فوجدنا أنفسنا أمام من يصنع الأزمات بنفسه لنفسه وللجميع.. فهل يستطيع أحد إدارة هذه الأزمة الأخيرة؟ أدعو الله.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية