x

سليمان جودة ما بعد حريق الصحافة! سليمان جودة الخميس 05-05-2016 21:12


فى عز انشغال الجميع بإطفاء حريق الصحافة، أعلن وزير السياحة انخفاض عائدها خلال الربع الأول من العام، بنسبة 60٪!.. والمعنى أن العائد إذا كان مائة جنيه، مثلاً، فإنه تراجع إلى أربعين!

والذين ذهبوا إلى شرم فى أعياد شم النسيم رأوا بأعينهم أن نسبة الإشغال فى فنادقها لا تتجاوز 8٪.. بما يعنى أن ثمانى غرف هى فقط المشغولة، من بين كل مائة غرفة!

وقد عرفت أن واحداً من مستثمرى السياحة الكبار فى شرم، قد أغلق ثلاثة فنادق بالكامل!.. ولابد أنه ليس وحده الذى اتخذ مثل هذا القرار!

وإذا علمنا أن الذين يعملون فى صناعة السياحة هم بالملايين، وليسوا بالآلاف طبعاً، ولا حتى بعشرات أو مئات الآلاف، تصورنا على الفور، الحال البائس الذى يعيش فيه الملايين ممن عاشوا طول عمرهم على عوائدهم من هذه الصناعة، فإذا بها تجف فجأة هكذا، وإذا بالصناعة كلها فى خطر داهم!

وبطبيعة الحال، فإن ما أعلنه وزير السياحة عن انخفاض الـ60٪ لم يستوقف أحداً، لأن الجميع مشغولون بإطفاء حريق الصحافة، فى الوقت الذى يمكن أن نجد أنفسنا فيه، فى المستقبل القريب، أمام حريق أكبر، هو حريق العاملين فى قطاع السياحة، ممن فقدوا مصادر الرزق، وصاروا يسألون الناس إحساناً على الرصيف، أو يكادون يفعلون ذلك!

فإذا سألت نفسك عما كنا منشغلين به طوال الربع الأول من العام، الذى وصل فيه تراجع عائد السياحة إلى هذا الحد المخيف، فسوف نجد أننا انشغلنا مرة بإطفاء حريق الشاب الإيطالى ريجينى، ومرة بإطفاء حريق تيران وصنافير، ثم لما جاء أول الربع الثانى من العام، انشغلنا بحريق الصحافة!

وفى غمرة هذا كله، لم ينشغل أحد برؤية المستقبل التى جرى إعلانها فى مارس الماضى تحت عنوان: مصر 2030!

لم ينشغل بها أحد، ولا أحد يفكر فيها، ولا فى الطريقة التى يمكن أن تذهب بها إلى عام 2030، ونحن من بين أهم 30 اقتصاداً فى العالم، على نحو ما جاء فى تلك الرؤية عند إعلانها!

ولا أحد قد انشغل كما يجب ببيان الحكومة، الذى من المفترض أنه يغطى عامين ونصف العام منذ تاريخ إعلانه، ولو أن أحداً أجرى استطلاعاً بين المواطنين عن 2030 أو عن بيان الحكومة، وعما جاء فيه لعموم الناس، فسوف ترى أنه لا الرؤية حاضرة فى ذهن أحد، ولا البيان موجود فى وعى مواطن يهمه الأمر!

ولا أحد يعرف ما هو الحريق القادم، الذى سوف ننشغل به، حين يهدأ حريق الصحافة ويتوارى قليلاً.. ولكن المؤكد أن حريقاً جديداً فى الطريق، كما أن المؤكد أن مجتمعاً، هذا هو ما يشغله، من أول العام، إلى ما يقرب من منتصفه، هو مجتمع لا علاقة له بالمستقبل.. هو مجتمع حجز مقعداً فى قطار مسافر إلى الماضى.. هو مجتمع كلما واتته الفرصة أضاعها، لأنه بلد لا عقل فيه!

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية