x

عادل نعمان هل يستحق الخلاف «السنى- الشيعى» كل هذا الدم؟ عادل نعمان الأربعاء 04-05-2016 21:46


قلت إن الخلاف بين المسلمين بعد وفاة النبى كان خلافاً سياسياً على الحكم ولم يكن لخلاف فقهى أو شرعى. فى حادث سقيفة بن ساعدة كان الخلاف بين فرق عدة أولها: حزب الأنصار. وثانيها: حزب بنى هاشم وأحقهم على بن أبى طالب (الشيعة) وثالثها: حزب بنى أمية بن عبد شمس (أهل السنة). وحسم الأمر لقبيلة تيم (أبوبكر) وبعده لقبيلة عدى (عمر بن الخطاب) وانتقلت إلى عثمان ومرت على استحياء للخليفة على وسريعا من بعده لبنى أمية. وللحقيقة فإن حروب الردة كانت توطيدا للحكم الجديد، فليس فى الإسلام حكم لقتل المرتدين أو مانعى الزكاة.

بعد مقتل الحسن بن على بالسم فى بيته، والحسين ذبحا فى كربلاء، اتجه الشيعة إلى التخفى فى فترة الحكم الأموى لاضطهادهم والتنكيل بهم، وحين حاولوا الظهور فى بداية الحكم العباسى تحت مظلة أولاد العم، تنكر لهم العباسيون ونكلوا بهم وذلك لإيمان العباسيين أنهم أولى بعلى بن أبى طالب منهم، ولما ظهرت الدولة الفاطمية أخذ الشيعة راحتهم ومددوا بطولها فى بقاع أرض الخلافة، وكان بداية ظهور الخلاف «السنى- الشيعى» ظاهرا ومكشوفا. كلا البناءين الفقهيين كانا لتأكيد المذهبين فى الحكم، فمعظم الأحاديث والروايات التى ظهرت تؤيد الشيعة وأحقية الإمام على فى الحكم وأولاده من بعده ظهرت فى الكوفة، فظهر الفقه الشيعى مركزه الكوفة، ومعظم الأحاديث والروايات التى تؤيد أحقية أبوبكر ومن بعده عمر امتدادا لبنى أمية ظهرت فى الشام فظهر الفقه السنى مركزه الشام.

وأصبح الغلو صفة مشتركة بين الطرفين، وكما ارتكب خلفاء السنة من ظلم فى قتال المرتدين وغالوا فى الغزو والفتح مرورا ببنى أمية والعباسيين، فإن خلفاء الشيعة ارتكبوا نفس الظلم منهم البوهيون فى بغداد والحمدانيون والفاطميون والأدارسة، والدولة الصفوية فى إيران. المذهبان اللذان تغنيا بأنهما سند للإسلام قد ارتكبا ما يخالف الإسلام من ظلم وقهر لعباد الله.

وكما يظن أهل السنة السوء بالمذهب الشيعى، فإن نفس الظن لدى أهل الشيعة تجاه المذهب السنى أيضا. فزواج المتعة عند الشيعة يقابله فى المذهب السنى نكاح الطفلة حتى الرضيعة وجواز الاستمتاع بها وزواج ابنة الزنى، وكذلك زيارة الأضرحة والتشفع والتوسل إليها عند الشيعة، فهو لا يقل أيضا عند كثير من أهل السنة، ولنرجع إلى الحج الأصغر فى جبل حميثرة فى مولد الإمام أبوالحسن الشاذلى جنوب الغردقة، وفى الكثير كل منهما يسىء الظن بالآخر. ولم تكن الخلافات العقائدية والفقهية الساذجة إلا خلافا سياسيا على الحكم.

وظلت ساذجة عند مكانها لا تتحرك يقابلها اتساع الخلاف السياسى وزيادته يوما بعد يوم حتى وصل إلى حشود تنذر بالخطر بين دولتين كبيرتين، واحدة حامية المذهب السنى والأخرى حامية المذهب الشيعى، ويجرا الملايين إلى القتال على ذات الخلافات الفقهية الساذجة الثابتة التى حصدت رقاب الملايين منذ قرون.

تعالوا نعرف هشاشة هذه الخلافات. الأولى خلافات عقائدية: أولها الإمامة والخلافة يعتبرها الشيعة ركنا من أركان الإسلام لا يكتمل الدين إلا به وأن الرسول أوصى وعين الخليفة الشرعى من بعده وهو الإمام على وقد ساقوا لإثبات ذلك الكثير من الأدلة من القرﺁن، ومن الأحاديث كحديث الغدير وحديث الثقلين، أما أهل السنة فقالوا: إن الرسول ترك الأمر لأمته من بعده، والخلافة ليست ركنا من أركان الإسلام وليس لها علاقة بالإيمان أو بالكفر لأن الإيمان يبُنى على الاعتقاد، إلا أن الشيعة الزيدية ترى جواز أن يتولى الخلافة الأفضل مع وجود الأفضل منه للضرورة (تولى أبوبكر وعمر الخلافة فى وجود الأفضل منهم وهو الإمام على). الثانية: «العصمة» أهل الشيعة يعتقدون أن الأنبياء والأئمة معصومون عصمة مطلقة، وهم أئمة المسلمين ودليلهم.

أهل السنة فريق منهم يرى أن العصمة كاملة فى الأنبياء فقط وليست فى غيرهم. وفريق يرى أن الأنبياء معصومون فى أمور الوحى فقط، أما غير الوحى فلا عصمة للأنبياء فيه. ثانيها: «الصحابة وأمهات المؤمنين» أهل السنة يرون الخلفاء الراشدين عدولاً، وهم الأصدق بعد النبى، وهم فى الترتيب: أبوبكر وعمر وعثمان وعلى. الشيعة يرون أن من الخلفاء العادل والفاسد، وأن عائشة قد خالفت أمر الله بعدم طاعتها علياً ولى الأمر وخليفة رسول الله. ثالثها: «الشفاعة» الشيعة يرون أن الشفاعة والتوسل بالأنبياء والأئمة والصالحين جائزة. أهل السنة منهم من يرى الشفاعة بالنبى محمد فقط وليست من غيره، وفريق منهم من يحرم الشفاعة والتوسل تحريماً قاطعاً حتى بالنبى محمدا وهم الوهابيون. الثانى: خلافات فقهية.

أولها: «زواج المتعة» عند الشيعة مباح، ونكاح المتعة تزويج المرأة نفسها إذا لم يكن لديها مانع شرعى، ويكون برضا وصداق معلوم لأجل محدد، ويقع الطلاق إذا حل أجله، ولا تدخل بآخر حتى تعتد، وولد المتعة يرث ويلحق بالأب.

زواج المتعة عند أهل السنة محرم، لكنه ليس زنى. الثانية: «السجود» الشيعة يجيزون السجود على رمل أو حصى أو تراب، والسنة يرون أن هذا بدعة ويجوز السجود على الأرض.

الثالثة: «وضع اليد على الصدر» الشيعة لا يرون أن وضع اليدين على الصدر سنة، أهل السنة يرون أنها سنة ومن تركها لا تبطل صلاته. الرابعة: «الأذان» الشيعة يرون الأذان يستكمل بنداء (حى على خير العمل) فى جزء، وأن علياً ولى الله فى آخر. السنة لا ترى أن هذا فى الأذان، وزادوا عليه فى أذان الفجر الصلاة خير من النوم.

(الأذان ليس تنزيلاً من الله لكنه رؤيا أحد الصحابة وافق النبى عليه) هذا الخلاف أقل من أن يدفع الناس لقتال، أو تراق فيه دماء المسلمين من مئات السنين، وتدفع الدول الإسلامية الآن إلى حرب تقتلع فيها الأخضر واليابس. وأقولها صراحة إن الخلاف الوحيد المؤثر بين المذهبين هو سب الخلفاء الثلاثة والسيدة عائشة. وهذا له بحث آخر.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية