x

عماد سيد أحمد هل كنا مواطنين شرفاء يوم 30/6 ؟ عماد سيد أحمد الأربعاء 04-05-2016 21:41


«كنت صحفياً، وسأبقى صحفياً، وسأموت صحفياً، وسأبعث يوم القيامة فى كشف نقابة الصحفيين. إن أحداً لا يستطيع أن يصنع كاتباً، يمكن صناعة وزير أو رئيس وزراء، أو حتى رئيس جمهورية، ولكن لا أحد يستطيع أن يصنع كاتباً أو مطرباً لأن الموهبة نعمة من الله».

من كتاب الرائع الراحل الأستاذ محمود السعدنى، «الولد الشقى فى المنفى». كتب هذا الكلام عندما تم إبعاده قسراً عن المهنة. بقرار فوقى من الرئيس السادات شخصياً فى السبعينيات من القرن الماضى.

الصحافة فى البلاد التى تشبه بلادنا محنة وليست مهنة. محنة الشرفاء. محنة القابضين على الجمر. أصحاب الضمائر الحية والصوت الحر. قل ما شئت فى الصحافة. اهجوها كما تشاء. انتقدها كما تريد. لكنها كانت ومازالت صوت الغلابة. صوت الحق. حتى وإن اخترقها شىء من الباطل ونفد من جلبابها فى لحظة من اللحظات.

الصحافة هى ما يتبقى للأمم التعيسة. هى لسان حال الناس فى مواجهة سلطة باطشة. أياً كان نوعها: سلطة دينية أو سياسية أو عسكرية. المجتمعات التى بلا صحافة هى مجتمعات القبور. الصحافة هى ما تبقى المجتمعات على قيد الحياة. بغيرها لا أمل ولا نجاة، من ديكتاتور أو محتل. وكأن الشعب فريسة فى قفص مظلم بغير حتى نافذة يستنشق الناس منها حريتهم.

ذهبت مع مجموعة من الزملاء الصحفيين والأساتذة الأفاضل (عبدالحكيم الأسوانى، شريف عارف، ثروت محمد، حسن أبوالعلا، محمد الكفراوى، على البدراوى.. وغيرهم) للمشاركة فى اجتماع الجمعية العمومية التى دعت لها نقابة الصحفيين أمس. كانت هناك حشود من الشرطة والأمن السرى، وغير السرى والمدرعات، والمصفحات، وأهم من كل ما سبق «كتائب المواطنين الشرفاء»، الذين وقفوا يرقصون على أنغام «تسلم الأيادى». ومن ثم فجأة وبدون مقدمات أصبحنا نحن الأعداء. قلت: لا بأس، فأصدقاء اليوم أعداء الغد.. لكن لماذا؟

مسؤول برتبة لواء فى جهاز الشرطة كان يقف فى حالة امتعاض. سألته عن حشد الغلابة الذين يقف نفر منهم بملابس ممزقة. وبعضهم مرضى والفقر ينهش أجسادهم كما هو واضح للعيان.

سألته: من الذى أتى بهؤلاء؟ نظر إلى مستنكراً: ده بعض من جمهور 30/ 6. قلت له: لكن جمهور 30/ 6 كان جمهورا عريضا، عددهم كان بالملايين، فهل هذا ما تبقى من 30/ 6.

ولما لم يجب، سألت نفسى: من الذى يتولى إدارة 30 يونيو، وما بعدها، حتى الآن، وكيف حدث كل هذا النزيف بهذه السرعة الرهيبة؟ فمشهد الأمس أمام نقابتى المحامين والصحفيين ونادى القضاة كان بائساً. ورحت أفكر فيمن هو صاحب المبادرات البائسة لحشد رهط من الغلابة والمساكين وأصحاب الحاجة الذين يبحثون عن لقمة عيش تحت أى ظرف وفى أى مناسبة. هؤلاء الذين تستغلهم السلطة على هذا النحو الفج. بدلاً من أن تعينهم وتوفر لهم وظيفة وعملاً يتكسبون منه. أى سلطة تفعل ذلك هى سلطة منعدمة الضمير. رأينا هؤلاء وشفناهم عندما دفعوا لهم وأخرجوهم للدفاع عن مبارك قبل تنحيه بأيام عقب مظاهرات 25 يناير. وأشباههم كانوا أمام مكتب الإرشاد أتوا من القرى البعيدة والحوارى الفقيرة. الآن نراهم مجددا فى مناسبات عديدة. لكن المصيبة الكبرى أن قادة النظام الحالى ربما كانوا ينظرون لكل الجماهير التى احتشدت فى 30 يونيو فى مواجهة السلطة الدينية الغاشمة على أنهم مواطنون شرفاء. ويظنون، وإن بعض الظن إثم، أن هؤلاء هم من أسقطوا سلطة الإخوان. وهذه هى المصيبة الحقيقية التى لا نعيها جيداً. لا أحد يتعلم الدرس فى المحروسة. «.. إلا الحماقة أعيت من يداويها».

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية