في الوقت الذي أعلنت فيه الكثير من النقابات والحركات تضامنها مع نقابة الصحفيين، التي تعرضت لـ«سابقة تاريخية»، مساء الأحد، حيث اقتحمتها الأجهزة الأمنية لضبط الزميلين عمرو بدر، ومحمود السقا أثناء اعتصامهما بالنقابة، لم تعلق الرئاسة بأي تصريحات أو بيانات رسمية بخصوص هذه الأزمة، حتى كتابة تلك السطور.
وخاطب صحفيون الرئيس عبدالفتاح السيسي للدخول على الخط مع حدة الأزمة، وأعلنوا دخولهم في اعتصام داخل مقر النقابة احتجاجًا على اقتحام قوات الأمن لمقر النقابة والقبض على الزميلين عمرو بدر ومحمود السقا، بينما برأت وزارة الداخلية ساحتها ورأت أن مسؤولية اقتحام نقابة الصحفيين تعود إلى النيابة العامة.
الحديث عن مؤسسة الرئاسة جاء في تصريح أدلى به ياسر رزق، رئيس مجلس إدارة مؤسسة أخبار اليوم ورئيس تحرير «الأخبار»، حيث قال في مداخلة لبرنامج «القاهرة اليوم»، إن مؤسسة الرئاسة «لم تعلم بأمر مداهمة مقر نقابة الصحفيين ولم ترض عنه»، مضيفًا أن «الواقعة دليل على أن أطراف في وزارة الداخلية تسئ للنظام وتسئ للدولة ولا تعي مسؤوليتها».
وسبق أن أعرب السيسي، في عام 2015، عن خالص اعتذاره لجموع المحامين عما اعتبره «تصرفًا فرديًا» من قبل أحد ضباط الشرطة، قائلًا: «أنا بقول للمحامين كلهم حقكم على، وأنا أعتذر لكم، وبقول لكل أجهزة الدولة من فضلكم، لازم نخلى بالنا من كل حاجة، رغم الظروف اللى احنا فيها»، موجها كلامه، آنذاك، للواء مجدى عبدالغفار، وزير الداخلية.
السيسي وقتها خاطب المصريين، على هامش افتتاح 39 مشروعا تنمويا جديدا :«أنا أعتذر لكل مواطن مصري تعرض لأى إساءة، باعتبارى مسؤولا مسؤولية مباشرة عن أي شىء يحصل للمواطن المصرى، وبقول لأولادنا في الشرطة أو في أي مصلحة حكومية، لازم ينتبهوا إنهم بيتعاملوا مع بشر، والوظيفة تفرض عليهم التحمل، لان المصريين أهلنا وناسنا، ومافيش حد ينفع يقسو على أهله»، متابعا: «عاوزين ناخد بالنا دايما، ونكون مثل وقدوة».
وتوقع الدكتور محمود خليل، أستاذ الإعلام بجامعة القاهرة، عدم تعليق الرئاسة على أزمة اقتحام الأمن لنقابة الصحفيين، موضحًا أن «الأزمة كلها تتعلق بجزيرتي تيران وصنافير، وتم القبض على عمرو بدر ومحمود السقا بسبب ترديد شائعات بأن الجزيرتين مصريتين كما رأت الأجهزة الأمنية، وأن الرئيس عبدالفتاح السيسي طالب صراحة بعدم الحديث ثانية عن تيران وصنافير».
واعتبر «خليل»، في حديثه لـ«المصري اليوم»، أن «الرئاسة لن تعلق على هذا الأمر نظرًا لأن وزير الداخلية جزء من السلطة التنفيذية، التي يرأسها الرئيس، ومن ثم لا يمكن الفصل بين الرئاسة والحكومة، كما أنهم ينظرون إلى الإعلام على أنه يلعب دورًا تحريضيًا ضد القرارات، التي تتخذها السلطة والدولة تريد من الصحافة أن تكون أداة للحشد والتعبئة لسياستها».
«خليل» رأى أنه «من الصعب إقالة وزير الداخلية نظرًا لأنه رجل تنفيذي ينفذ ويترجم توجهات الرئاسة وليس صاحب قرار، ومن ثم فمن الصعب إقالته»، واصفًا قرار اقتحام النقابة بأنه «سابقة في تاريخ الصحافة المصرية نظرًا لأن العالم كله يهتم بالصحافة والصحفيين ومن ثم سيكون لهذه الأزمة صدى عالمي».
[image:4:center]
بدوره، علَّق الدكتور سامي عبدالعزيز، أستاذ الإعلام بجامعة القاهرة، على الصمت الرئاسي بشأن هذه الأزمة بقوله: «الموقف يتسم بالحساسية المفرطة بين مؤسسة أمنية تنفذ قرار النيابة وبين نقابة لها طبيعتها الخاصة، وبالتالي الرئاسة ليست غائبة عن هذا الموقف ومدركة لحساسيته وأهميته».
وأضاف «عبدالعزيز» لـ«المصري اليوم»، «أن المواقف الكبرى تحتاج إلى قرارات كبيرة متأنية ومدروسة ومن ثم فالأزمة تخضع لتحليل ودراسة متأنية من قبل الرئاسة لإصدار قرار في حدود حجم الحدث».
وأرجع الخبير الإعلامي سبب الأزمة الحالية إلى «ضعف الحوار بين المؤسسة الأمنية ممثلة في وزارة الداخلية وبين نقابة الصحفيين، فلو كان هناك حوار ممتد بين الأمن والنقابة كان من السهل احتواء المواقف».
في السياق نفسه، قال الدكتور ياسر عبدالعزيز، الخبير الإعلامي، إن «الدولة دخلت في صدام غير مبرر مع الجماعة الصحفية وهذا الصدام سيكون له آثار وتداعيات كبيرة».
وأشار الخبير الإعلامي إلى أن «المشكلة ليست في اقتحام نقابة الصحفيين، لأننا الآن في ذروة مجموعة من التصرفات التي يمكن أن توصف بأنها ممنهجة ضد المجال الصحفي، وهناك أطراف تريد أن تفجر الأوضاع»، موضحًا أنه «لا توجد مبررات واضحة تبرر مثل هذا القرار والتعجيل بصدامات».
ودعا «عبدالعزيز» السلطات إلى «سرعة حل المشكلة واحتواء الموقف عبر التزام صارم باحترام الدستور والقانون والابتعاد عن التصرفات التي يمكن أن تزيد الأزمة اشتعالاً».
[image:3:center]