مدونة سلوك نواب البرلمان هى ميثاق يلتزم به النواب فيما يتصل بقواعد اتصالاتهم بما يدور حولهم. لكن يبدو أنه من الصعوبة بمكان أن يقوم البرلمان بوضع تلك المدونة، لما سيعتبره غالبية النواب أنه تقييد لحركتهم، كما أن الحجج ستتوالى لإرجاء الأمر، بدعوى أنه لا وقت للبرلمان لوضع تلك المدونة فى إطار الأعباء التشريعية الكبيرة الملقاة على عاتق البرلمان، رغم ما رصدناه وبحت به الأصوات معنا، من أن أيام إجازات البرلمان فاقت أيام عمله.
لذلك ربما تسير المدونة الموعودة فى طريق مسدود مثلها مثل سن أو تعديل ثلة من القوانين لتواكب مواد حقوق الإنسان فى الدستور كقانون الشرطة وقانون العقوبات وقانون التظاهر، ومثلها مثل ركض الملاك العطشى وراء سراب تعديل قانون إيجارات المساكن القديمة، أو أمل الأحزاب والمجتمع المدنى فى تعديل تشريعهما ليقتربا من التشريعات الدولية المتمدينة.. إلخ.
أما إذا ما كتب لهذه المدونة أن تكون، فيجب أن نسعى لتطبيقها على الجميع، ولا تخضع لمعايير مزدوجة.
والسؤال الآن: ماذا نحتاج فى تلك المدونة؟ نحتاج أن يلتزم النواب بقيم ومعايير النزاهة والشفافية والأخلاق الحميدة، وهو ما يمكن سطره عبر الأمور الستة التالية:
أولا: الرغبة فى تنظيم سلوكيات النواب مع ذواتهم داخل البرلمان فى الملبس والكلام وغيره. (نائب التيشيرت، نائب الحلف بالطلاق).
ثانيًا: الحاجة لتنظيم سلوك النواب فيما يتصل بعلاقاتهم مع بعضهم البعض، حتى تنتهى سلوكيات محددة، محورها أن يطيق النائب ويحتمل آراء ومواقف وسلوك زميله، ويترك للقانون أى مؤاخذة عليها. (نائب الجزمة).
ثالثًا: تنظيم سلوك النائب فى التعامل مع العاملين بالمجلس من أطقم الأمانة العامة والموظفين، وذلك فيما يتصل ليس فقط بالالتزامات التى تقع على النائب، بل بحقوقه فى هذا الصدد.
رابعًا: تقرير سلوك النائب أمام المواطنين خارج البرلمان، وهنا يبدو أن مسألة الحصانة البرلمانية ستكون هى اللاعب الرئيس فى تحديد هذا السلوك، ويتضمن ذلك: السلوك فى التعامل مع الموظف العام، والسلوك فى السير فى الشوارع بالسيارة، والنقاش مع وبشأن المواطنين، ورغبة بعض النواب فى خرق القانون لمجرد تقديم خدمات شخصية غير قانونية لأبناء الدائرة. (ترك نائب أولع مصر، ونائب منح السعودية جزيرتين فوق جزيرتى تيران وصنافير دون حساب).
خامسًا: تنظيم علاقة النائب بالوزراء داخل وخارج البرلمان، وذلك بما يحفظ للبرلمان كرامته، ولا يهدر من هيبة المجلس، لا سيما وأن تلك الهيبة أصبحت على المحك فى ظل استمرار الخلل فى التوازن بين السلطتين التشريعية والتنفيذية فى الممارسة وفى التطبيق.
سادسًا: وضع الأسس والمعايير التى يتعامل بها النائب مع الإعلام باحترام متبادل، بما يكفل حقه فى الظهور بشكل لائق فى وسائل الإعلام، وحق الإعلام فى التعامل الكريم من قبل النائب عند الحصول على المعلومة.