x

جمال الجمل الركوب المجاني (أقوال وتعليقات) جمال الجمل الجمعة 29-04-2016 21:21


(1)

يحكي الأديب الدكتور محمد حسين هيكل، أن فلاحا فوجئ بثعبان طويل ومخيف أثناء عمله بالحقل، فهرع مفزوعاً وهو يصيح بأعلى صوته «ثعبان.. ثعبان»، سمعه فلاح آخر كان يعمل بالحقل المجاور، فأسرع باتجاه الصوت، ولما رأى الثعبان انقض عليه بفأسه وقتله، ثم تركه مكانه وعاد إلى عمله بهدوء، ولما اطمأن الفلاح المفزوع، عاد إلى حقله، واقترب من الثعبان ببطء ليتأكد من موته، ثم حمله وهرول باتجاه القرية، وهو يصيح: لقد قتلت الثعبان.. لقد قتلت الثعبان!

(1- ت)

إنها حكاية عن الشجاعة المُزيفة.. عن أؤلئك الذين يسرقون مجهود الآخرين، وللأسف انتشرت هذه النوعية المُستغلة في المكان والزمان، إنهم يستغلون كل شيء ليظهروا في الواجهة ويقفزوا على إنجازات غيرهم، والأعظم إثماً ذلك النوع منهم الذي يسرق المجهود الفكري للآخرين- سواء بحكم المكانة الوظيفية لهم، أو لحاجة المتضرر مادياً. وبالطبع يحرص لصوص العرق والفكر على استمرار وضعهم هذا بالتمسك بمكانتهم الوظيفية، فيتحايلون، ويقمعون بكل ما لديهم من قوة وألاعيب للاستمرار في المكانة والسلطة التي تتيح لهم تقزيم الآخرين، وهذا ما يفسر تكرار البعض في مجتمعنا أن مصر تعدم البدائل في كل المجالات، ولهذا نضطر دائما للاختيار بين السيئ والأسوأ.

(2)

يقول الدكتور زكي نجيب محمود: من الإنصاف أن يكون الكبير كبيراً لأنه كبير، وأن يكون الصغير صغيراً لأنه صغير، وأما أن يزداد الصغير صِغراً، ليزداد الكبير كُبراً، فذلك ما أسميه إجحافاً.. حيث لا يصغر الكبير من أجل الصغير، ولا يكبر الصغير ليستوي مع الكبير.

(2- ت)

أرى أن القول يقدم رؤية متوازنة للعلاقة بين الصغير والكبير والرئيس والمرؤوس، والقوي والضعيف، فالبعض يتصور أن خلق صغيراً ويجب أن يظل كذلك، فيذوب في التبعية، وتختفي شخصيته سعيداً بحاله، بل سعيداً وهو يرى الكبير يزداد كبرا، والغني يزداد غنى، والقوي يزداد قوة، بينما هو يتضاءل أكثر ويزداد فقرأً وضعفاً، وحتى إذا أتيحت لهؤلاء الفرصة كي يبرزوا ويتفوقوا بعيداً عنهم الآخرين، إلا أنهم يصرون (بمحض إرادتهم) على الاستمرار في التبعية والدوران في فلك غيرهم بما يعكس عبودية نفسية ورضوخهم الطوعي للآخرين.

(3)

يقول العقاد: لقد علمتني تجارب الحياة أن الناس تغيظهم المزايا التي ينفرد بها غيرهم، ولا تغيظهم النقائص التي تعيبنا، يكرهون منا ما يُصغرهم لا ما يصغرك، وقد يرضيهم النقص الذي فيك لأنه يُكَبِّرهم في رأي أنفسهم، ولكنهم يسخطون على مزاياك لأنها تُصغرهم أو تُغطي على مزاياهم. لذلك فإن أجمل الأيام بالنسبة لي، ذلك اليوم الذي لاحظت فيه الفرق بين عمل لم يعجبني حاز «ثناء الناس» وبين عمل أحبه لا يُثني عليه أحد، يومها ألقيت بالثناء عن ظهري، وارتضيت العمل الذي أحبه، حتى لو لم يسمع به إنسان.

(3– ت)

منذ انفتاح السبعينيات، أصابت مجتمعنا سلبيات كثيرة، وتغيرت قيم كثيرة، واختلطت مفاهيم كثيرة، واضطربت موازين كثيرة، وصارت السمة الغالبة في تقييم الناس هي مقدار ما يملكه الفرد من سلطة أو مال، وأصبح العلم والثقافة والفكر من أرخص الأشياء في مقابل رواج السطحية وانتعاش الابتذال، والمغالاة في كل ما هو مادي، مما جعل أحد المفكرين الراحلين يكتب موجهاً كلامه لأحد الحكام قائلا: لم يعد هناك تناسب يا سادتي بين المناصب وشاغليها، فصغيركم يملأ منصباً كبيراً، وكبرائكم تشغل مواقع صغيرة، ولم يعد هناك تناسب بين الرواتب والعاملين، فالعامل المُنتج ضئيل الكسب، وخامل لا يُنتج عظيم الكسب

(ت أخيرة)

المقال للدكتور/ رضا محمد طه – جامعة الفيوم

في إطار سلسلة «مقال قارئ» ... تفاعلوا تصحوا

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية