x

د.حسين عبد البصير إنقاذ معبدى رمسيس الثانى ونفرتارى د.حسين عبد البصير الإثنين 25-04-2016 21:23


تمر السنون وتتعدد الأحداث ويسقط من الذاكرة عدد كبير من المشروعات سواء أكانت عظيمة أو غير عظيمة، لكن يبقى مشروع إنقاذ آثار النوبة، وخصوصا معبدى أبوسمبل الكبير والصغير، من المشروعات الحضارية والثقافية الكبرى في العالم أجمع في القرن العشرين.

وبدأ التفكير في ذلك المشروع العملاق بعد أن قررت مصر الشروع في بناء مشروع السد العالى، وعلى أثر ذلك قامت مصر الدولة العظمى حضاريا والرائدة ثقافيابامتياز،وساعدها في ذلك دول العالم المتحضرآنذاك،بالحفاظ على تراث مصر الحضارى في أرض النوبة العريقةمن الغرق والضياع في مياه بحيرة ناصر التي كونها السد العالى خلفه على مساحة شاسعة.

وسارعت الحكومة المصرية بتقديم طلب رسمى لمنظمة اليونسكو العالمية لإنقاذ آثارالنوبة من الضياع الوشيك.ثم خاطبت منظمة اليونسكو بدورها الدول الأعضاء لبدء الحملة الدولية لإنقاذ آثار النوبة.وبالفعل قامت بعثات العديد من الدولبحفائر علمية منظمة واسعة النطاق، وتم تسجيل وترميمالعديد من المواقع الأثرية، وتم إنقاذ وترميم آلاف من القطع الأثرية، وكذلك تكفيك ونقلالعديد من المعابد الأثرية المهمة، وإعادة تجميعها في عدد من المواقع

الجديدة، وكان من بين أكثر المعابد شهرة في هذا السياق معابد أبوسمبل الكبير والصغير وفيلة وغيرها من معابد النوبة العزيزة.

تاريخ مصر في أرض النوبة

تعتبر أرض النوبة من أغنى المناطق الأثرية على ضفاف نهر النيل،وكانت توجد بها حضارات عظيمة، وعثر بأرضها الممتدةعلى العديد منالبقايا الأثرية بداية منذ عصور ما قبل التاريخ مرورا بالعصور الفرعونية واليونانية-الرومانية والمسيحية والإسلاميةووصولا إلى العصر الحديث. وجفرافيا تمتد منطقة النوبة من جنوب مصر إلى عمق أرض السودان وتحديدا من مدينة أسوان إلى الدبة على وادى نهر النيل الخالد. ويتحدث أهل هذه المنطقة الحضارية العريقة اللغة النوبية. وتقسم عادة النوبة إلى النوبة السفلى -والتى تمتد من الجندل الأول إلى الجندل الثانى على نهر النيل- والنوبة العليا التي تمتد في أرض السودان الشقيق. ووفقا لعلماء الآثار والمؤرخين، فإن النوبة تمتد عادة إلى أواسط السودان لتشمل المناطق التي كانت تحت حكم دولة كوش المعروفة التي كان مقرها في مدينتى ناباتا ومروى في الألفية الأولى قبل ميلاد السيد المسيح وبعد ميلاده عليه السلام. وشغلت تلك المنطقة حضارات عديدة منذ عصور ما قبل التاريخ وتكونت بها ثقافات محلية مدهشة وامتد منها عبق الحضارة المصرية القديمة إلى أطراف وأعماق القارة الأفريقية. وفى عصور الدولة القديمة والدولة الوسطى والدولة الحديثة الفرعونية، شهدت منطقة النوبة وجودا مصريا متميزا ومزدهرا. وتشبع ذلك الجزء من النوبة بالحضارة المصرية القديمة مما أدى في عصر الانتقال الثالث إلى قيام أهل كوش بالسيطرة على الحكم في أرض النيل وتكوين ما يعرف بالأسرة الخامسة والعشرين مقلدين بذلك سير فراعنة مصر العظام أمثال الفرعون المحارب الملك تحوتمس الثالث والفرعون الشمس الملك أمنحتب الثالث ونجم الأرض الفرعون الأشهر الملك رمسيس الثانى. وبحلول العصر المتأخر، بسطت مصر نفوذها على أرض النوبة إلى أن دخلت الحضارة الفرعونية إلى مرحلة الذبول والنسيان. ومع دخول الإسكندر الأكبر أرض مصر، تحولت مصر إلى جزء من العالم الهللينستى، ثم ازدهرت مع عصر البطالمة، وصارت جزءا مهما من العالم الرومانى والبيزنطىثم منالعالمين المسيحى والإسلامى إلى وقتنا الحالى.

حملة اليونسكو لإنقاذ آثار النوبة

ونتيجة لبناء السد العالى بمدينةأسوان، كما سلف القول، فقد غمرت بحيرة السد مواقع أثرية مهمة وامتدت المنطقة التي ستغمرها مياه بحيرة السد العالىإلى مسافة كبيرة.وتنبهت الحكومة المصريةإلى الخطر الذي يحيق بآثار مصر في بلاد النوبة، فما كان منها إلا أن تدق ناقوس الخطر وتدعو الأمم في جميع أنحاء العالم بأن تمد يد العون لمصرللمساعدة في إنقاذ آثار مصر في بلاد النوبة لإنقاذ هذا التراث الخالد الذىلم يكن واجبا وطنيا يخص مصر العظيمة وحدها،بل كان واجبا إنسانيا يخص العالم أجمع. وكان لبناء السد العالى أكبر الأثر على تطور البحث الأثرى في بلاد النوبة وقيام العديد من البعثات المصرية والدولية الأثرية بالتنقيب عن الآثار في بلاد النوبة بكثافة غير مسبوقة. وقامت كل بعثة بإجراء أبحاث أثرية كاملة وتسجيل جميع نتائج الحفائر الأثرية التي كان يتم العثور عليها بكل دقة وعناية. وفى وقت وجيز، نجحت منظمة اليونسكو في تكوين حملة عالمية للحصول على المعونات المالية اللازمة والخدمات والخبراء. وفى تلك المناسبة، أقيم حفل كبير في المقر العام لمنظمة اليونسكو العالمية بباريس للإعلان عن النداء العالمى للإسهام في حملة إنقاذ آثار بلاد النوبة.

ثروت عكاشة «أبوالثقافة المصرية»

ولم يكن لهذا العمل العملاق أن ينجح هذا النجاح الساحق أو حتى يتم التفكير فيه دون وجود قامات ثقافية مصرية عظمى نشأت ونبتت في أرض مصر العاشقة والمعشوقة وعشقت أرض مصر الخالدة وأهلها وتاريخها وآثارها وحضارتها. فقد كان لرجال مصر العظام الدورالأساسى في هذا الإنجاز الحضارى الكبير، ونذكر منهم بكل تأكيد وفخر واعتزاز الدكتور ثروت عكاشة والأستاذ عبدالمنعم الصاوى والدكتور محمد جمال الدين مختار والدكتور شحاته آدم والدكتور عبدالمنعم أبوبكر وغيرهم من الأسماء اللامعة العديدة التي لا تسقط من الذاكرة في هذا العمل المحلمى الفريد. غير أن الفضليرجع أولاوبشكل أساسى إلى دينامو العمل وشعلته التي لم تكن تخبو أبدا الدكتور ثروت عكاشة القامة الثقافية الكبرى في مصر في منتصف القرن العشرين وما بعده وفى حياة المصريين الثقافية. ويتضح من خلال كتاب الدكتور عكاشة المعروف «إنسان العصر يتوج رمسيس الثانى» أهمية الدور المحورى الذي بذله ذلك المثقف العملاق من أجل إقناع الزعيم الخالد جمال عبدالناصر بضرورة إطلاق حملة دولية لإنقاذ آثار النوبة ومساهمة منظمة اليونسكو العالمية في هذه الحملة التي لم تكررها منظمة اليونسكو بهذا الشكل المذهل وبهذا النجاح غير المسبوق من بعد. واختار القدر أن يعتذر الزعيم المثقف جمال عبدالناصر عن حضور الاحتفال بنقل معبدى أبوسمبل إلى موقعهما الجديد وينيب عن سيادته الدكتور عكاشة الذي دخل التاريخ من أوسع أبوابه بهذا الحدث العظيم وأعماله الفريدة والمهمة الأخرى من أجل تأسيس بنية ثقافية قوية لأركان الثقافة المصرية، فكان بحق الأب المؤسس للثقافة المصرية ليزيد على معماره وزراء ثقافة مصر اللاحقونفى بناء وإعلاءصرح الثقافة المصرية من بعدهحتى يصل إلى علاه ويتجه باستمرار إلى مبتغاه حيث حب الحق والخير والجمال. لقد كان نقل آثار النوبة ملحمة تاريخية مثيرة للإعجاب،وسوف يظل التاريخ يذكرها بأحرف من نور مسجلا بفخار أسماء البنائين المصريين العظام وعلى رأسهم المثقف الموسوعى والرائد المؤسس الدكتور ثروت عكاشة«أبوالثقافة المصرية» بامتياز.

معبدا أبوسمبل

تقع مدينة أبوسمبل إلى الجنوب من مدينة أسوان على الضفة الغربية لنهر النيل الخالد في النوبة المصرية بالقرب من حدود مصر الدولية مع دولة السودان الشقيق. وبنى بأبوسمبل معبدان منحوتان في الصخر يرجعان إلى عهد الفرعون الأشهر رمسيس الثانى من الأسرة التاسعة عشرة من عصر الدولة الحديثة الفرعونية.

وكان معبدأبوسمبل الكبير واحدا من أربعة معابد بنيت خلال فترة حكم الملك رمسيس الثانى كوحدة واحدة، والثلاثة الأخرى هي: معبدوادى السبوعة (مقر المعبود آمون رع) ومعبدالدر (مقر المعبود رع حور آختى) ومعبدجرف حسين (مقر المعبود بتاح). وقد أمر الفرعون رمسيس الثانى مهندسيه البارعين بالبدء في بناء معبدى أبوسمبل في السنوات الأولى من فترة حكمه العريق واكتمل العمل فيهما في العام الخامس والعشرين من حكمه المديد.

معبدأبوسمبل الكبير

يطل معبدأبوسمبل الكبير على بحيرة ناصر في منظر جمالى رائع قلما أن يتكرر في مكان أثرى آخر حيث تتزاوج زرقة السماء الصافية بزرقة المياه الرائقة ورمال صحراء مصر الصفراء النقية بصخور المعبدالداكنة وخضرة الأشجار والنباتات الموجودة في المنطقة بسمرة أبناء مصر المميزة. ويعتبر معبدأبوسمبل الكبير من روائع فن العمارة في مصر القديمة. وتتصدر تماثيل الملك رمسيس الثانى الأربعة الجالسة واجهة المعبدالتي تشبه الصرح ويبلغ كل تمثال من هذه التماثيل حوالى 22 مترا، ويحيط بهذه التماثيل تماثيل أصغر واقفة تجسد أم الملك وزوجة الملك، وتماثيل أكثر صغرا تصور أبناء وبنات الملك الممثلين واقفين بين قدمى الفرعون. وحدث زلزال في العصور القديمة أثر على التمثالين المحيطين بالمدخل إلى المعبدمما أدى إلى تساقط الجزء العلوى من التمثال الجنوبى، بينما عانى التمثال الشمالى منهما بشكل أقل ضررا من التمثال السابق وتم ترميمه في عهد أحد خلفاء الملك رمسيس الثانى، وهو الملك سيتى الثانى في نهايات عصر الأسرة التاسعة عشرة. وفوق المدخل يوجد كورنيش ضخم يحتوى على اسم الملك رمسيس الثانى. ويضم جانب المدخل على اليسار نقشا يضم ألقاب الملك. ثم أجزاء المعبدالمعمارية وصولا إلى قدس الأقداس حيث يوجد تمثال الملك رمسيس الثانى بين تماثيل آلهة مصر الكبرى في تلك الفترة المهمة من تاريخ مصر الفرعونية.

ومن أروع معالم معبدأبوسمبل الكبير هو اختراق شعاع الشمس باب المعبدليصافح وجه رمسيس الثانى مرتين من كل عام في ظاهرة هندسية وفلكية تثير الانبهار باستمرار.ويؤكد هذا على عبقرية المصرى القديم التي لها أدلة كثيرة ما تزال تحير العالم كلهإلى اليوم الحالى.وتعد ظاهرة تعامد الشمس على وجه تمثال الملك رمسيس الثانى بذلك المعبدالمهمحدثا فريدا ينتظره عشاق مصر في كل مكان في العالم.

معبدالملكة نفرتارى

يقع معبدأبوسمبل الصغير أو معبدجميلة الجميلاتالملكة نفرتارى إلىجوار المعبدالكبيرالخاصبزوجها الفرعون الشهير الملك رمسيس الثانى.ومن أجل الجميلة نفرتارى بنى لها زوجها ذلك المعبدالمتميزفى الصخر الطبيعى.ونحتت تماثيل عديدة في واجهة المعبدتمثلالملك العظيم وزوجته الجميلة التي أبهرت العالم قديما وحديثا بجمالها وجاذبيتها وعذوبتها ورقتها التي لا تقاوم. ثم تتوالى الأجزاء المعمارية المكونة لهذا المعبدالمهم. وصارت نفرتارى الزوجة الرئيسية للملك رمسيس الثانى، على الرغم من تعدد زيجاته ومحظياته. وكانت نفرتارىأم ستة من أهم أبناء الملك رمسيس الثانى.ومن فرط حبه الشديد لزوجته فائقة الجمال،أمرالملك المعظم بإنشاء مقبرة رائعة لها في وادى الملكات.

وقد حملت منطقة وادى الملكات في مصر القديمة أسماء عدة مثل «الوادى العظيم» و«الوادى الجنوبى» و«تا ست نفرو» ويعنى الاسم الأخير «مكان الجمال»، وشاع أكثر من الاثنين السابقين، وأسس في البداية كجبانة مخصصة لدفن نساء الطبقة المالكة من المجتمع المصرى القديم في بداية عصر الدولة الحديثة على الشاطىء الغربى لنهر النيل المواجه لمدينة الأحياء في شرق طيبة (الأقصر الحالية). ولم تبدأ الحفائر العلمية المنظمة إلا في عام 1903م، بوصول الأيطالى الشهير «إرنستو سيكياباريللى» (1856-1928م) -مدير المتحف المصرى في تورينو-وحصوله على التصريح بالتنقيب في الوادى من مصلحة الآثار، فنجح في اكتشاف مقبرة الملكة الفاتنة نفرتارى، جميلة الجميلات.

ومنذ العثور على هذه المقبرة الجميلة، اعتبرت واحدة من أجمل المقابر التي أبدعتها مخيلة المصريين القدماء فكرا وأداء، فبلغت الرسوم المصورة على جدرانها وممراتها 520 مترا مربعا من الجمال الساحر. وحين اكتشفها سيكياباريللى في عام 1904م، فتح الباب ليطل العالم على واحدة من أجمل الإبداعات الفنية في العالم عبر تاريخ الفن البشرى الطويل، وعلى واحدة من أجل وأجمل المقابر القادمة من مصر الفرعونية ذات الرسوم التي تخلب الأبصار وتسحر العقول بجمال مناظرها وتنوع موضوعاتها ونقاء وصفاء ألوانها. وأصبح من المفضل عند عشاق الجمال الراغبين في نشدان البهجة زيارة هذه المقبرة للنهل من جمالها الأخاذ، وأصبح الجمال علامة وعنوانا عليها وعلى صاحبتها، جميلة الجميلات، كما كانت الحال في حياتها الأولى المليئة بالجمال والحب والسعادة والعشق وفى عهد مليكها العاشق الأبدى لها ولجمالها التي كانت تنافس به حتحور ربة الحب والجمال عند قدماء المصريين. وتحول الطموح الفنى الذي راود وساور صاحبتها ومبدعيها إلى حقيقة واقعة واضحة كوضوح الشمس في كبد السماء في نهار مشمس رائق العذوبة.

ملحمة عالمية لإنقاذ معبدى أبوسمبل

كانت حالة المعبدين جيدة إلى أن بدأ ارتفاع منسوب نهر النيل الذي بدأينتج عن بناء السد العالى وبحيرة ناصر من خلفهمما كان سببا قد يهدد بغرقهما، مما جعل من الضرورى نقلهما للحفاظ عليهما من الغرق. وكانت عملية نقل معابد أبوسمبل من أصعب عمليات نقل المبانى على مر التاريخ حيث كان التحدى كبيرا أمام المهندسين المعماريين والآثاريين على حد سواءكىينجحوافى تنفيذ ذلك المشروع العملاق،خصوصاأن التحدى الأصعب أمامهم كان الحفاظ على الزوايا الهندسية والقياسات الفلكيةكى تستمر ظاهرة تعامد الشمس على وجه الفرعون الأشهر الملك رمسيس الثانى مرتين في العام. وتم القيام بعملية إنقاذ لمعبدى أبوسمبل من الغرق عقب بناء السد العالى في ستينيات القرن العشرين واستمرت تلك العملية عدة سنوات. وتم نقل معبدى أبوسمبل من موقعهما اللذين كانا فيهما إلى الموقعين الحاليين اللذين هما فيهما اليوم على الهضبة الشرقية بارتفاع حوالى 64 مترا فوق الموقع القديم وحوالى 180 مترا إلى الغرب من موقعهما الأصلى.

وتمت عملية نقل المعبدينعلى عدة مراحل.وفى المرحلة الأولى،تم إقامة سد عازل بين مياه نهر النيل الخالد وبين المعبدين لحماية المعبدين من الغرق في المياه التي كانت ترتفع بسرعة.وفى المرحلة الثانية، تمت تغطية واجهة المعبدين بالرمال أثناء تقطيع الصخور المكونة لهما. وفى المرحلة الثالثة، قام المهندسون البارعون بتقطيع كتل المعبدين الحجرية ثم ترقيمها حتى يسهل تركيبها بعد النقل، قبل أنيتم نقلها إلى مكان المعبدين الجديد.

وبعد نقل جميع الأحجار من موقعها القديم، تم البدء في المرحلة الرابعة، وكانت عبارة عن تركيب الأحجار مرة أخرى بداية من قدس الأقداس إلى واجهة المعبدين. كما تم بناء قباب خرسانية تحت صخور الجبل الصناعى فوق المعبدين لتخفيف حمل صخور الجبل على المعبدين. وبذلك تم نقل معبدى أبوسمبل العظيمين بنجاح ساحق ليصبح نقلهما أحد أهم وأكبر مشاريع القرن العشرين الضخمة والدقيقة التي تطلب تنفيذها الحفاظ على تعامد الشمس على وجه نجم الأرض الفرعون الأشهر الملك رمسيس الثانى.

وفى النهاية، فإن مشروع إنقاذ آثار النوبة وتحديدا معبدى أبوسمبل الكبير والصغير، الذي تبنته منظمة اليونسكو العالمية، سوف يظل علامة ساطعة كالشمس وبراقة الوضوح وناصعة الضياء على تكاتف المجتمع الدولى في لحظة ما من عمر وتاريخ وحضارات الأمم من أجل إنقاذ آثار النوبة العظيمة من الغرق في مياه بحيرة ناصر التي خلقها السد العالى من ورائه،ليس كبحيرة صناعية تتراكم فيها المياه بغزارة خلفه، بل كبحيرة حضارية تجمع وتربط بين أبناء وادى النيل الواحد في الشمال في مصر وفى الجنوب في السودان،وفى واحدة من أروع مشروعات القرن العشرين الثقافية والحضارية الكبرى التي لا تنسى والتى اتحدتفيها بصدق البشرية جمعاء على كلمة سواء من أجل الحفاظ على تاريخها الجمعى من الضياع في فترة زمنية من عمر الشعوب لا تتكرر كثيرا.

ولا يمكن أن ننكر أبداأنها جاذبية مصر وتاريخها وحضارتها وآثارها التي لا تقاوم والتى يقف العالم أجمع إنحناء لعبقرية البناء المصرى القديم الذي جعل الحجر يتكلمويحكى لنا حكايته التاريخية المجيدة التي ما تزال تبهرنا إلى الآن وإلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.

ولا يمكن أن نغفل دوما أنها قصة مصر الخالدة المتوهجة دوما والعظمى حضاريا دائما وأبدا ذات الفصول والقصص والحكايات التاريخية التي لا تنتهى، وتعد قصة إنقاذ آثار النوبة واحدة من قصصها الحضارية العديدة التي نستنشق عبيرها وعبقها آناء الليل وأطراف النهار.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية