لم يشعر المصريون وحدهم بالهلع من جنون الدولار فى مواجهة الجنيه.. أشقاؤنا فى الإمارات أيضاً أحسّوا بهذا الإحساس الفظيع، وتحركوا بسرعة لوقف الانهيار الكبير.. الشيخ محمد بن زايد أعلن عن تخصيص 4 مليارات دولار دعمًا لمصر، منها ملياران وديعة فى البنك المركزى.. على مستوى الأصدقاء تلقيت استغاثات، كما تلقيت أفكاراً تحت عنوان: كيف نسيطر على جنون الدولار فى السوق؟!
الاستغاثة وردت من الأخ المهندس خالد أحمد.. يقول فيها: «أرجوكم أن تناقشوا مشكلة جنون الدولار، لقد وصل السعر اليوم فى شركات صرافة إلى 11.80 جنيه!.. والأغرب أنها تمتنع عن البيع بحجة عدم توافره.. شركتنا تعمل فى استيراد المواد الكيميائية الوسيطة لصناعة الزجاج، وهى مواد أساسية للتصنيع، ونتعامل مع الشركات بالخارج بالائتمان، ونبيع داخل السوق المحلية بالجنيه المصرى!.
المثير أن البنوك لا تساعدنا فى تدبير العملة، وترفض بشكل قاطع، وتطالبنا بتدبير الدولار من السوق، مع أن شركات الصرافة تتحكم فى السعر.. وللأسف أصبحنا مهددين بالإفلاس.. أرجوكم أن تناشدوا السيد محافظ البنك المركزى التحرك لتجاوز هذا الوضع المخيف، قبل أن تخرب بيوتنا.. أرجوكم، نحن مهددون بالإفلاس».. وكما ترون فهى ليست مجرد صرخة فقط، لكنها تحمل إحساساً هائلاً بالفجيعة!
أما الفكرة فقد جاءتنى من مصرفى سابق، هو الأستاذ محمود سيف.. يقول فيها: «أعرض على حضراتكم فكرة قد تُسهم فى السيطرة على جنون الدولار بالتدريج، فما لا يُدرك كله لا يُترك كله.. وتستطيع الدولة اتخاذ خطوة واحدة فقط على عدة مراحل، حسب إمكانيات البنك المركزى، وهى تقسيم المستوردين إلى مجموعة من الشرائح.. الأولى من 100 ألف- مليون دولار.. الثانية من مليون- 5 ملايين دولار.. وهكذا..
وتفرض الدولة على شرائح معينة من هذه الشرائح، التى تستطيع تغطية احتياجاتها الدولارية بشكل يومى بشراء الدولار من البنوك، وألا تقبل منهم الإيداع أو التحويل بغير ما يعادل الدولار بالجنيه المصرى، ولا تبيع لغيرهم الدولار.. كما تفرض البنوك على الشريحة الأولى شراء الدولار من البنوك، ولا تقبل الإيداع فى حسابات الموردين أو التحويل من هذه الشريحة بغير الجنيه المصرى!
ولا تقوم البنوك ببيع الدولار لغيرها من الشرائح، حتى لا تتبعثر جهودها وتفشل فى تلبية احتياجات هذه الشريحة، أو الشرائح التى تستطيع تغطيتها.. ولهذا عدة فوائد: - إذا ما افترضنا أن هذه الشريحة التى تستطيع البنوك تغطية احتياجاتها تمثل 20% أو 30% من المستوردين، فهذا معناه أن البنوك نجحت فى تخفيض الطلب على الدولار فى السوق السوداء بنسبة مماثلة، وبالتالى تنخفض قيمة الدولار فى السوق السوداء!
- توفير مبالغ كبيرة للمستوردين من هذه الشريحة، وهى الفارق بين سعر البنك وسعر السوق السوداء وهى 3 جنيهات اليوم لكل دولار.. فإذا كان مبلغ الاستيراد مليون دولار مثلاً، سيتم توفير 3 ملايين جنيه للمستورد، وهو ما سينعكس على أسعار السلع.. وبعد فترة تزيد الشريحة لتصل إلى 40% و50% و60%.. وهكذا إلى أن تستطيع الحكومة ربط سعر الدولار فى السوق السوداء بسعر صرف الدولار بالبنوك، ولا تجعل نفسها تحت رحمة شركات الصرافة، أو حتى تجار السوق السوداء!».