x

فضفضة من باريس

الأربعاء 20-04-2016 21:54 | كتب: اخبار |
خدمة شكاوى المواطنين  - صورة أرشيفية خدمة شكاوى المواطنين - صورة أرشيفية تصوير : بوابة الاخبار

منذ أربعين عاما، قررت مغادرة القاهرة للإقامة بصفة دائمة فى باريس، بسبب كوارث حكم الفرد الواحد، والانفراد بالسلطة، دون مساءلة أو محاسبة!

فى تلك الأيام كان جيلى- جيل ثورة ٢٣ يوليو١٩٥٢ ما زال يحلم بالحرية والكرامة، وبوطن تحكمه العقول المستنيرة.. ولكن، وبكل أسف كان للأجهزة الأمنية اليد العليا فى كل شىء!

وعرفت مصر كلها زوار الفجر وسطوة مراكز القوى والتعذيب الوحشى غير الآدمى فى السجون والمعتقلات، وتضخمت الدولة البوليسية فى شرايين الحياة اليومية لكل المواطنين، وكان الغياب التام لمعارضة حقيقية، ولمسنا الصور الباهتة لمؤسسات الدولة التى تأتمر بأمر الحاكم الفرد، وانتشار كهنة المعبد لتبرير كل الأخطاء، وكان بإمكان أصغر ضابط بنجمة واحدة أن يمسح الأرض بكرامة أى مواطن مهما كان وضعه الاجتماعى، وأن يلفق له التهم دون أى مساءلة!

وقبل رحيلى لباريس لم أجلس أمام قارئة فنجان لكى تقرأ لى مستقبل الوطن، بل ذهبت بأحلامى وهمومى كشاب قرأ بعمق لكبار الكتاب والمفكرين كالأساتذة إحسان عبدالقدوس ومصطفى وعلى أمين وأنيس منصور وأمينة السعيد وغيرهم، وفهمت مما لم يكتبوه صراحة أن الأحوال فى مصر سوف تظل، كما هى، لزمن طويل طالما يحكمنا فرد واحد دون مساءلة!

رحلت إلى باريس. جسدى فى باريس، وقلبى معلق بالقاهرة، وأتابع الأحداث بدقة. حاليا مرت أكثر من ستة عقود على ثوره ١٩٥٢ وأربعة عقود على رحيلى عن مصر، وما زال الوضع مؤلما. وما زال للأجهزه الأمنية اليد العليا فى كل شىء، وما زال يحكمنا فرد واحد، مستشاروه دون المستوى.. ولا صوت لمعارضة حقيقية، والسجون مكتظة بالمعارضين، لا يوجد ملف واحد من ملفات المجتمع المصرى، سواء فى الصحة، أو التعليم، أو المواصلات، أو السكن... إلخ.

تمت دراسته ووضع حلول له خلال العقود الستة الماضية، فانتهت معاناة المواطن منه، بل أزعم أن الأحوال ازدادت سوءا، فالمجتمع المصرى أصبح منقسما: 10% مرفهون، والباقى محرومون من التعليم الجيد والعلاج المناسب والسكن الآدمى بالإيجار، والعيش بكرامه تحت مظلة القانون! تمضى العقود، ويستمر الوضع فى مصر على حاله مع تدهور واضح فى القيم والأخلاقيات الأصيلة، وفقد للعدالة الناجزة!

رغم كل الكوارث لم نعِ الدرس! يا أحبابى، بدون ديمقراطيه حقيقية، واحترام حقوق الإنسان، ومساءلة ومحاسبة الحاكم ومعاونيه، وكبح جماح الأجهزة الأمنية، لا أمل فى أى مستقبل واعد لمصر، وسنظل ننشد الأغانى الوطنية، ونقيم أوبريتات لأمجادنا، وسأظل أنا مجرد طائر مصرى مهاجر، من ضمن الحالمين بوطن، تكون فيه كرامة المواطن خطا أحمر، يعمل له الحاكمون ألف حساب.

وجيه أحمد إبراهيم- باريس- فرنسا

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية