حذر الرئيس الأمريكي باراك أوباما من «تهديد إرهابى حقيقى» للولايات المتحدة بعدما تم العثور على طردين يحتويان على مواد متفجرة، الخميس ، على متن طائرتي شحن متجهتين إلى الولايات المتحدة بمطارين في بريطانيا ودبي، موضحاً أنه تم إرسال الطردين من اليمن، مركز تنظيم «القاعدة» فى شبه الجزيرة العربية، مستهدفين معبدين يهوديين فى شيكاغو.
قال أوباما إن المؤشرات الأولية تشير إلى أن الطردين «يحتويان على مواد متفجرة على ما يبدو»، على الرغم من أن المسؤولين لم يحددوا ما إذا كان من الممكن تفعيل المواد المتفجرة كقنبلتين. وأضاف أوباما أن هذا الحدث «يؤكد ضرورة استمرار الحذر فى مواجهة الإرهاب»، ووجه أوامره للسلطات «باتخاذ كل الخطوات اللازمة لحماية مواطنينا من هذا النوع من الهجوم».
وفى اتهام لتنظيم القاعدة بالوقوف وراء الحادث، قال أوباما إن التنظيم «يواصل التخطيط لشن هجمات»، مؤكداًَ أن الولايات المتحدة تعمل مع السلطات اليمنية من أجل «القضاء على هذا الفرع لتنظيم القاعدة»، وأن بلاده «لن تدخر جهداً فى التحقيق فى مصدر هذين الطردين المريبين».
من جهته، قال جون برينان، مستشار أوباما لمكافحة الإرهاب، إن التحقيقات الأولية تشير إلى أن العبوتين اللتين عثر عليهما لهما «شكل مصمم لشن نوع ما من الهجمات».
وتحدث برينان عبر الهاتف مع الرئيس اليمنى على عبدالله صالح، الذى تعهد بالتعاون التام فى التحقيق، فيما أعرب برينان عن امتنان بلاده للمملكة العربية السعودية «لمساعدتها فى توفير المعلومات التى ساهمت فى توضيح خطورة التهديد الصادر من اليمن»، موضحاً أن «السعوديين بالإضافة إلى مسؤولين فى بريطانيا ودولة الإمارات العربية وأصدقاء وشركاء آخرين ساعدوا الولايات المتحدة فى تحديد الطردين المريبين فى دبى ومطار ببريطانيا». ونبه برينان إلى أن «الولايات المتحدة لا تفترض أن الهجمات قد أحبطت بشكل كامل ولا نزال يقظين».
وفى وقت سابق، أكدت وزيرة الداخلية البريطانية «تيريزا ماى» أن الطرد الأول الذى عثر عليه على متن طائرة شحن تابعة لشركة نقل الطرود الأمريكية «يو.بى.إس» أثناء توقفها فى مطار «إيست ميدلاندز» بالقرب من نوتنجهام بوسط إنجلترا ـ كان يحتوى على مادة متفجرة، إلا أنها تابعت قائلة إنه لم يتضح بعد ما إذا كانت العبوة قابلة للانفجار، موضحة أن الطب الشرعى لا يزال يتابع عمله. وأشارت «ماى» إلى أن بريطانيا تراجع «بشكل عاجل» خطوات لتحسين أمن طائرات الشحن القادمة من اليمن على الرغم من عدم وجود تهديد محدد إلى بريطانيا، وشددت «ماى» على أن «أمن بريطانيا يبقى أولويتى الأولى، نعمل بشكل وثيق مع زملائنا الدوليين وسنواصل هذه الجهود»، لكنها قالت إنه «فى المرحلة الراهنة، لا مؤشر على أن موقعاً فى بريطانيا كان مستهدفاً»، مذكّرة بأن الرحلات الجوية المباشرة بين اليمن وبريطانيا معلقة منذ يناير 2010.
وقال متحدث باسم وزارة الداخلية البريطانية إن لجنة حكومية بريطانية - تضم مسؤولين من مختلف الوزارات - اجتمعت أمس لمناقشة ردها على مسألة الطرد. وأضاف أن «ماى» أطلعت فيما بعد وزيرة الأمن الداخلى الأمريكية جانيت نابوليتانو على التطورات. وقد تم الكشف عن الطرد المريب الآخر على متن طائرة تابعة لشركة نقل الطرود «فيديكس» وتمت مصادرته فى دبى. وقالت السلطات الإماراتية إنها قامت بتحويل تلك الشحنة إلى المختبر للفحص ولتحديد نوعها، فيما قالت شركتا «فيديكس» و«يو.بى.إس» الأمريكيتان للشحن إنهما علقتا جميع عمليات تسليم الطرود المرسلة من اليمن، كما أكدتا تعاونهما مع السلطات.
من جهتها، قالت شرطة دبى إن طرداً اكتشف فى دبى وهو فى طريقه للولايات المتحدة كان يحتوى على قنبلة مخبأة فى طابعة، مشيرة إلى أنه «يحمل بصمات تنظيم القاعدة».
وأضافت فى بيان، أن الطرد يحتوى على مادة «بيتن وإيزايد الرصاص وهى مادة شديدة الانفجار». وتابع البيان أن الطرد «عبارة عن طابعة كمبيوتر تحتوى على مواد متفجرة وضعت فى الحبر الخاص بالطابعة وقد أعدت بطريقة احترافية تعمل من خلال دائرة كهربائية تتصل بشريحة هاتف محمول أخفيت داخل الطابعة»، موضحاً أن «أسلوب الاستهداف يحمل خصائص مشابهة لأساليب سابقة نفذتها تنظيمات إرهابية كتنظيم القاعدة». وأضاف البيان أن خبراء بشرطة دبى أبطلوا مفعول تلك العبوة.
واعتبرت الشرطة أنها «بتلك الإجراءات السريعة والمتلاحقة أحبطت عملية إرهابية كانت محتملة الحدوث فى الجهة التى من المفترض أن يصل إليها الطرد».
وفى صنعاء، وبينما أقامت قوات الأمن اليمنية نقاط تفتيش فى أرجاء العاصمة لتفتيش المركبات والتحقق من بطاقات الهوية بعد الكشف عن مؤامرة إرسال الطردين، قال مصدر رسمى إن «اليمن سيواصل جهوده فى مجال مكافحة الإرهاب والتعاون مع المجتمع الدولى»، موضحاً أن أجهزة الأمن وسلطات الطيران المدنى «باشرتا التحقيق» حول الطرود المشبوهة «بالتنسيق مع الأجهزة المختصة فى كل من الإمارات والمملكة المتحدة والولايات المتحدة»، ولاحقاً ضبطت السلطات اليمنية 26 طرداًَ مشبوهاً واعتقلت موظفين فى شركات نقل جوى وفى قسم الشحن فى مطار صنعاء الدولى.
وأثار اكتشاف الطردين المشبوهين استنفاراً أمنياً على المستوى العالمى، حيث قامت السلطات فى بريطانيا والولايات المتحدة بمراقبة سلسلة من الرحلات الأخرى القادمة من اليمن، وتم عزل طائرات فى مطارات فيلادلفيا ونيويورك ونيوآرك ونيوجيرسى وتفتيشها بحثا عن تهديدات محتملة، وعلى الرغم من هذا أعلنت المطارات فى وقت لاحق أن جميع الطائرات خالية تماماً من أى أشياء مريبة، وقال مسؤولون أمريكيون إنه لا يوجد تهديد محدد بوجود قنابل فى المطارات، لكن تم تفتيش الطائرات بدافع «الحذر الشديد». وقالت وزارة الأمن الداخلى إن مطارات أخرى بدأت فى تعزيز إجراءات الأمن وفحص الشحنات والطرود.
وأكد مسؤولون أن مقاتلات أمريكية رافقت طائرة ركاب أخرى تابعة لـ«طيران الإمارات» إلى مطار جون كينيدى فى نيويورك «كتدبير وقائى» لاحتمالية احتوائها على شحنة قادمة من اليمن، لكن الهيئة العامة للطيران المدنى بالإمارات أكدت أمس الأول أن الطائرة - التى هبطت بسلام فى المطار - لم تكن تحمل أى شحنة قادمة من اليمن. وأشارت وسائل إعلام أمريكية إلى وقوع حالة فزع منفصلة فى إحدى الطائرات بلندن، لكن هيئة المطارات البريطانية، التى تدير معظم المطارات البريطانية، قالت إنه لم يعثر على أجهزة مريبة فى معظم مطارات لندن. وصرح متحدث باسم الشرطة البريطانية (سكوتلاند يارد) فى لندن بأن التقارير التى أفادت بالعثور على قنبلة على متن طائرة فى لندن كانت غير دقيقة.
كان البيت الأبيض قد أعلن فى وقت سابق أن أوباما أُبلغ مساء الخميس الماضى بـ«تهديد ارهابى محتمل» يستهدف الولايات المتحدة. واتخذت هذه المعلومات أمس الأول أبعادا دولية بإنذارات أطلقت فى دبى وأوروبا والولايات المتحدة.
وبينما أعلن مكتب التحقيقات الفيدرالى الأمريكى «إف.بى.آى» فى وقت سابق أن الطردين المشبوهين لا يحتويان على متفجرات، لكنه طلب من مؤسسات دينية أن تكون فى حالة تأهب ـ ذكرت وسائل الإعلام الأمريكية أن الطردين المشبوهين اللذين تم العثور عليهما أمس الأول يحتويان على ما يبدو على مادة شديدة الانفجار استخدمت فى الاعتداء الفاشل فى عيد الميلاد الذى قام به الشاب النيجيرى.