مرت علينا فترة، كنا «نُشمشم» على زيارة أى مسؤول دولى، ولو كان من بوركينا فاسو.. صبرت مصر ومرت الأيام طويلة مملة، والآن أصبحنا لا ننام من كثرة ضيوف مصر الكبار.. استقبلت البلاد خلال أسابيع فقط أربعة رؤساء وملكا، وعدة وفود رفيعة المستوى.. والغريب أن أقرأ كلاماً هنا وهناك عن «عزل مصر».. فكيف لو لم تكن معزولة؟.. التفسير الوحيد أن ما يقال «هرتلة إخوانية فارغة»!
لا أتبنى هنا حملة دعاية للرئيس السيسى فى مواجهة خصومه.. فقط أرسم ملامح صورة.. فيها علاقات قوية جداً من جهة الشرق الأقصى.. الصين واليابان وكوريا.. ثم روسيا.. وعربياً السعودية والإمارات والكويت.. وأفريقياً دول عديدة ليس آخرها موريتانيا وتوجو وقبلهما السودان.. وأوروبياً ألمانيا وفرنسا وقبلهما إيطاليا، وقبرص واليونان.. فما هى ملامح العزلة إذن؟.. ولماذا «يخططون لعزل مصر»؟!
لا أفقد إيمانى بمصر أبداً، ولا أشعر بالإحباط تحت أى ظرف.. اتصلت بى سيدة صديقة اشتمت روح اليأس فى مقالات سابقة.. قالت: لأ والنبى.. إنت اللى باقيلى دلوقتى.. ضحكتُ.. وقلت لا تخافى.. مصر فى أحسن حالاتها الآن، مقارنة بأى وقت مضى.. سيبك من الدعاية السوداء.. يكفى أن تعرفى حجم الإنجازات الداخلية، ويكفى أن تعرفى حجم المكاسب السياسية والاقتصادية من زيارات «ضيوف مصر»!
منذ عدة أسابيع زارنا رئيس الصين، وما أدراك ما الصين حين تتحرك؟.. وكانت زيارته قوية جداً فى دلالتها.. تأكدت خلالها الشراكة الاستراتيجية، وتم توقيع اتفاقيات مهمة للغاية.. كما زارنا، فى الأسبوع الماضى فقط، رئيس موريتانيا، ورئيس توجو، وخادم الحرمين الملك سلمان.. واليوم يزورنا وفدان مهمان.. الأول نائب المستشارة الألمانية.. الثانى الرئيس الفرنسى هولاند.. فهل هى فسحة فى مصر؟!
مصر أكبر من أن تشوهها دعايات رخيصة مصدرها الإخوان، أو فضائيات الإخوان، أو صبيان الإخوان.. لكن كل ذلك لا يصل إلى حد عزل مصر بسببهم أبداً.. الإخوان لا يزيدون عن أوراق كلينكس عند الغرب، وعند من يستخدمونهم من العرب.. إذا انتهت الحكاية سقط الإخوان.. فكر بعقل مفتوح لعدة دقائق.. ما معنى أن يأتى هولاند ونائب ميركل؟.. ألم تقولوا إن الاتحاد الأوروبى سيعاقب مصر ويعزلها؟!
لا أحد يستطيع التقليل من مكانة فرنسا أو ألمانيا فى أوروبا.. ليستا دولتين صغيرتين، سواء فى أوروبا أو فى العالم.. وجودها فى ضيافة مصر يعنى أن كل «الكلام الأسود» كذب صريح، مثل أكاذيب كثيرة تروجها فضائيات إخوانية ومواقع إخوانية، ولا ترد عليها مصر.. مصر لا ترد على تصرفات صغيرة.. ربما ترد بشكل عملى، لأن مصر تعرف مكانتها إقليمياً ودولياً، أما الصغار مثل قطر فيمتنعون!
هذه ملامح صورة حقيقية غير مشوّهة.. لم أرسمها من «عندى».. إنما رسمتها بعد زيارات حدثت شرقاً وغرباً وجنوباً.. فأين عزل مصر؟.. الإجابة أن «فكرة العزل» ليست إلا فى خيال المرضى فقط.. إلا إذا كانوا يعتبرون أن «الحج إلى البيت الأبيض»، هو الزيارة المبرورة، وما عداه يعتبر فى عداد العزلة!