(1)
طلب الرئيس أن نعامله بالمثل، لكنني لن أفعل، لأن فخامته لن يتحمل أن أعامله بمثل ما يعاملنا، فالرئيس:
يشك فينا (ونحن كنا نثق فيه)
يُخَوِّننا (وكنا نأتمنه)
لايريد أن يسمعنا (وكنا نتمنى لو صارحنا وحكى لنا)
يخفي علينا المعلومات والحقائق (وكنا نصارحه ونكاشفه بكل ما لدينا من مطالب وأوجاع وأحلام)
الرئيس اعترف بكل بساطة ووضوح أنه تعمد منذ يوليو الماضي أن يستبعدنا من المشاركة في تقرير مصيرنا (وكنا قد فوضناه في إدارة البلاد وصياغة مصير العباد)
الرئيس يحاسبنا على الإسراف في الطعام والماء والكهرباء، ثم يسخر منا إذا اعترضنا على فرش السجاد الأحمر بالكيلومترات تحت عجلات سيارة فخامته
الرئيس يسكن القصور، ويركب الطائرات، (ونحن بالملايين لا نزال «ملطشة» لكل مسؤول يشخط فينا تقشفوا، ولكل سائق ميكروباص ينهرنا مهدداً: 4 ورا يا أفندية).
(2)
لهذا، وللكثير غيره، لن أعامل الرئيس بمعاملته، لأنه سيخسر، وستخسر مصر كلها، نتيجة العناد، واختلال المعادلة الظالمة بين القوي والضعفاء، فالقوي قادر.. يملك كل شىء من الهيلمان إلى البرلمان، والضعفاء لا يملكون إلا صوتهم الذي لا يطيق فخامته سماعه، لهذا لن أعامل الرئيس من نافذة رؤيتي الغاضبة، سأعامله من شباك الجيران، من نافذة المؤيدين الذين يناصرونه، ومازالوا على الود القديم، سأطرح القضية ملتمسا أكبر قدر من التفهم والتبرير لقرارات الرئيس، وأدعم السيناريوهات التي تثبت رؤيته المستقبلية الثاقبة، وحرصه المخلص على مستقبل مصر، وبعدها يمكننا أن نتعرف على الصورة بهدوء، لأنني أخشى أن استمر في النقد، فيستغل أهل الشر الفرصة لتعميق الانقسام بيننا نحن الضعفاء، بينما يسعد الأقوياء بهذه الفرقة، ويستمر اللغط والضباب يسيطر على عقولنا، وعلى حياتنا كلها، ويعمينا عن مصالحنا ومصالح بلادنا
(3)
كنت أنتظر أن يشرح الرئيس ملابسات أزمة تيران (لا أحب حشر صنافير في الموضوع، فكلامي محدد منذ البداية في تيران ولن أتوسع في الخلط، ولي في هذا كلام كثير وشرح طويل) لكن الرئيس خذلني كالعادة، ولم يكشف إلا المكشوف، بل وطلب عدم الحديث في القضية، لأن الحديث فيه إساءة لأنفسنا ولمصر، ولا أفهم كيف!!!!!!!
(4)
ما علينا، سأعود للنظر إلى الكوب المهشم باعتباره كأس من كريستال مملوءة حتى آخره بالشهد، وأسعى لإثبات جوانب العظمة والحكمة في قرارات الرئيس، وبعدها سأسأل عدة أسئلة، ليس للرئيس كشخص (فأنا لا أوجه إليه مقالي) ولكن لنا جميعا.. سأسأل أسئلة المنطق والحكمة والعدل، وما يجب أن نكون وفق ما اتفقنا عليه، وليس وفق ما يستطيع أحد أن يمليه علينا بالقوة والإخضاع، ويجبرنا على أن نكون كما يريد هو، لا كما نريد أن نكون نحن، ولأن الصداع يفتك برأسي منذ ذكرى عيد السقوط (أنا أقصد 8 إبريل ذكرى سقوط بغداد، ولكل منكم حق إضافة علامات السقوط الأخرى)، ولأن المقال غاية في الحساسية، وكل كلمة فيها على حد السيف، فإنني استأذن لإرجاء بقية المقال للغد، عسى أن يهدينا الله إلى مفتاح الخير.
(5)
نلتقي غدًا
جمال الجمل
[email protected]