x

هاني السلاموني مرارة الدعم السعودي تكسر قلوب المصريين هاني السلاموني الثلاثاء 12-04-2016 21:23


منذ الإعلان عن اتفاقية ترسيم الحدود البحرية المصرية مع المملكة السعودية، وأن جزيرتي تيران وصنافير تقعان داخل حدود المياه الإقليمية السعودية والشارع المصرى في حالة صدمة وحيرة بالغة في مواجهة حالة فريدة لم يواجهها المصريون من قبل ألا وهي خسارة أرض مصرية استراتيجية بجرة قلم لصالح دولة شقيقة ساهمت مصر في بنائها وتطويرها حتى صارت دولة لها قيمة وقامة في منطقة الشرق الأوسط، وما بين حزب التبرير الذي تصدر الإعلام لتبرير المشهد للشارع وبين معارضين (منهم بعض مؤيدى الرئيس) لديهم حجج وأسانيد تاريخية وقانونية تم تجاوزها وبين هؤلاء وهؤلاء تدور أسئلة مشروعة تقف حائرة بدون إجابة هذه الأسئلة هي:

  1. ما هي أهمية جزيرتين لا تزيد مساحتهما على 113 كم لدولة تصل مساحتها إلى 2.25 مليون كم غنية باحتياطات هائلة من النفط (325 مليار برميلّ) والغاز (288 تريليون قدم مكعب) والثروات المعدنية، حيث تمتلك معادن الذهب والفضة والبلاتين والنحاس والزنك والرصاص بالإضافة إلى 6% من احتياطات اليورانيوم العالمية، كما يوجد بها أكبر احتياطي على مستوى العالم من معدن الفوسفات يتم تصديره حالياً كسماد زراعي، هل لدى السعودية معلومات عن ثروات معدنية وحقول من الغاز الطبيعى ترغب في الاستئثار بها بدون مشاركة من مصر.

  1. السعودية لديها خلافات حدودية مع دولة الإمارات في منطقة ساحلية تسمى خور العديد وعلى الرغم من أن اتفاقية جدة تم بمقتضاها تسوية مؤقتة للخلاف بتخلِّي الإمارات عن خور العديد وحقل شيبة، بينما تنازلت السعودية عن جزء من واحة البريمي وفى عام 2004 بعد وفاة الشيخ زايد أعلن الشيخ خليفة بن زايد أن اتفاقية جدة وقعتها الإمارات تحت ظروف قهرية وتجدد الخلاف عام 2005 إثر رفض السعودية إنشاء جسر يربط بين الإمارات وقطر مما أوصل علاقات البلدين إلى مرحلة سيئة، وفى عام 2009 وصلت الأزمة إلى ذروتها حين أعلنت الإمارات عن حصار سعودي بري على خلفية الخلافات الحدودية وتصاعدت الأزمة بشكل لافت إلى مرحلة صعبة للغاية عام 2010 عندما أطلق زورقان تابعان للإمارات النار على زورق سعودي في خور العديد واحتُجِز اثنان من أفراد حرس الحدود السعودي ومازالت الحدود البحرية بين البلدين غير مُتَّفقٍ عليها، ألم يكن أولى بالسعودية تسوية الخلاف مع الإمارات، عضو مجلس التعاون الخليجي، قبل الاهتمام بالحدود مع مصر تقديراً للمرحلة الدقيقة التي تمر بها مصر كما تدعى السعودية أم أن أكتشافات الغاز والثروات المعدنية في منطقة البحر الأحمر هي المحرك وراء الضغط على مصر لترسيم الحدود البحرية.

  1. الدول القومية بشكلها الحالى تشكلت جميعها في العصر الحديث وبالتالى مشاكل الحدود مشكلة مزمنة تعاني منها دول عديدة وتلجأ الدول لحل تلك المشاكل المعقدة إلى شركات دولية متخصصة في ترسيم الحدود وما حادثة مركز الخفوس (مركز حدودى أقامته قطر من 69 خيمة عام 1992 وقامت قوة من الحرس الوطنى السعودى بمهاجمته مما أسفر عن مقتل ضابط سعودى وجنديين قطريين) تم ترسيم الحدود عام 2001 من خلال شركة متخصصة فرنسية قامت بتعيين الحدود بناء على الحقوق التاريخية لكل طرف وتحركات القبائل التابعة لكل طرف في تلك المناطق، بمعنى آخر أن الشركة الفرنسية عملت لمدة 8 سنوات متصلة لترسيم الحدود في عملية شديدة الصعوبة والتعقيد، السؤال هنا لماذا لم تلجأ السعودية لشركة متخصصة في ترسيم حدودها البحرية مع مصر كما فعلت مع قطر.

  1. إن انتقال الجزيرتين إلى الحدود السعودية يعنى بالضرورة أن السعودية تسعى للدخول كطرف في اتفاقية كامب ديفيد والالتزام بتأمين حركة الملاحة التجارية والعسكرية الإسرائيلية في خليج العقبة وهو أمر مثير للدهشة من السعودية التي أعلنت رفضها في السابق لكل أشكال التطبيع (العلنى) مع كيان يغتصب حقوق الفلسطينيين ويرفض حل الدولتين الذي عرضه الملك السابق عبدالله بن عبدالعزيز عندما كان ولياً للعهد ورفضته إسرائيل التي مازالت تلتهم مزيدا من الأراضى الفلسطينية في الضفة الغربية يومياً، وما هو الدور الأمريكى والإسرائيلى في ترسيم الحدود البحرية المصرية السعودية فلا يعقل أن هذا الموضوع شديد الحساسية قد تم بليل بمعزل عن الدولتين، خاصة أن هناك ترتيبات أمنية سيتم نقلها من مصر إلى السعودية وهناك قوات دولية مسؤولة عن ضمان تأمين حركة الملاحة التجارية والعسكرية الإسرائيلية، كما أن وزير الخارجية السعودى أعلن التزام بلاده بكل الاتفاقيات الدولية التي أبرمتها مصر بشأن الجزيرتين، ومنها اتفاقية كامب ديفيد للسلام بين القاهرة وتل أبيب، ما يثير أسئلة كثيرة حول شكل هذا الالتزام بالاتفاقية وفي الوقت نفسه لا تقيم علاقات دبلوماسية مع إسرائيل.

  1. نأتى للدور المصرى في هذا الاتفاق وهو دور يجده كثير من المصريين شديد المهانة للكرامة الوطنية المصرية فلا يعقل أن يوضع أمر ترسيم الحدود في كفة والإعلان عن مساعدات اقتصادية متعددة الأشكال لمصر في كفة أخرى في زيارة أسطورية يقوم بها الملك سلمان دعماً للظروف الاقتصادية الصعبة التي تواجهها مصر التي من المفترض أنها تمثل صمام أمان الأمن القومى العربى!!! اللافت للنظر أن التقارير التي تداولتها وسائل الإعلام السعودية ركزت على ربط التوقيع على اتفاقيات ومذكرات التفاهم الموقَّعة في الجانب الاقتصادي التوقيع على اتفاق ترسيم الحدود البحرية بين البلدين في البحر الأحمر، السعودية ساعدت وساندت العراق خلال حربه مع إيران في الثمانينيات بدون أن تحاول جرح الشعور الوطنى للعراقيين لماذا تعامل السعودية مصر بشكل مختلف.

  1. هل يعقل ألا يتم الإعلان عن نتائج مباحثات ترسيم الحدود البحرية والنتائج المترتبة على هذا الترسيم إلا بعد توقيع الرئيس بدون أي حوار مجتمعى يوضح أسباب اتخاذ قرار يؤثر على حقوق أجيال قادمة من المصريين يمتلكون كل ذرة رمل في هذا البلد، ودون مراعاة لأجيال أخرى ضحت بأرواحها في سبيل تحرير كل شبر من تراب مصر وروا بدمائهم الطاهرة شجرة الأمل والتنمية وعاشوا سنوات من التقشف وذاقوا شظف العيش حتى تم تحرير سيناء كاملة، سؤالى هو إلى متى تستمر الدولة في إدارة ظهرها للشعب وماذا لو احتاجت الدولة الدعم الشعبى يوماً ما هل سيعطى الشعب ظهره للدولة بالمثل؟.

  1. في الوقت الذي تسعى فيه الدول لإعمار الجزر واستغلالها خاصة لو كانت هذه الجزر تتحكم في طرق التجارة أو ذات موقع استراتيجى، تسعى بعض الدول لإنشاء جزر صناعية مثل الإمارات والصين تركت مصر جزيرتي تيران وصنافير بدون أي استغلال سوى في رحلات بحرية سياحية لممارسة الغطس فقط، لماذا لم نفكر مثلا في إقامة فندق أو إقامة أي شكل من أشكال الأنشطة البشرية أو حتى استغلال الموقع الاستراتيجى.

  1. ماهو موقف السودان من الاعتراف السعودى بأن حدود مصر الجنوبية تبدأ شمال خط عرض 22، مما يعنى أن منطقة حلايب وشلاتين مصرية باعتراف سعودى هل يؤثر هذا الأمر في توجه سودانى لإقامة مشاريع سدود جديدة على النيل لمزيد من التضييق المائى على مصر، على أمل الوصول لحل لهذا الخلاف على الطريقة السعودية.

بوجه عام الأمن القومى المصرى إطار هام للحفاظ على المصالح الحيوية لمصر وهى مسؤولية تقع على عاتق إدارة الدولة للحفاظ على حق المصريين في الحياة، والأمن القومى لا يعنى فقط الأمور العسكرية أو السياسية، ولكن يعنى أيضاً الاهتمام بقضايا متنوعةٌ في أبعادها مثل القضايا الاجتماعية والاقتصادية وهى أمور تتعلق بحاضر ومستقبل المصريين وبالتالى فإن إدارة الدولة بأسلوب الصدمات وتجاهل إرادة الشعب الذي هو مصدر السلطات طبقاٌ لكل الدساتير سوف يخل بالتوازن الهش في المجتمع ويفتح الباب لأخطار نسعى جميعاً لتجنبها، كما إن اعتماد نهج المصارحة والشفافية هو الطريق الوحيد لحل مشاكل مصر والوصول لدعم شعبى حقيقى، لكن أسلوب الإدارة بالصدمات المتبع حالياً سيكون عائقا حقيقيا أمام فرص التنمية والاستقرار في مصر، وأخيراً فإن علاقات الشعبين المصرى والسعودى أكبر من مسألة ترسيم حدود أو جزيرة هنا أو هناك لأن المصالح المشتركة القائمة على العدالة والمساواة والمصير الواحد هو الرابط الحقيقى لعلاقات تمتد لآلاف السنين.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية