x

غادة شريف المشكلة فى الراس مش فى الكراس! غادة شريف الخميس 07-04-2016 21:13


لأن وزير التعليم خواجة ولذلك ضعيف فى الإملاء، فكان طبيعياً جداً أمام ثورة أولياء الأمور على تكدس المناهج أن يقوم بإلغاء ما تم تدريسه بالفعل والإبقاء على ما كان يطالب الأهالى بإلغائه!.. إحمد ربنا يا حمادة إنها جت على أد كده.. شوف سوريا وليبيا والعراق وبوس إيدك وش وظهر!.. لم يفكر أحد من صانعى القرار أن المشكلة ليست فى كم الدروس المقررة بل فى اتباع طريقة الحفظ والتسميع التى يصر عليها المدرسون.. معظم تلك الدروس كانت ستؤدى الغرض المطلوب منها لو كانت قد قدمت للطالب بطريقة البحث، على أن يقوم هو بالبحث عن المحتوى والتقاط النقاط الهامة فى كل درس والخروج بالنتائج، وهذه هى إحدى طرق التدريس الحديثة التى يتبعها العالم أجمع إلا نحن، فنحن مازلنا نصر على الحفظ الذى يجعل المواد كابوسا على العيال وأهاليهم!.. إذن حل المشكلة يبدأ بالنهوض بالمعلم.. يقول قائد النهضة السنغافورية «لى كوان يو»: «لا يمكن تصور إلى أى درجة كانت سنغافورة الستينيات بائسة، فقر ومرض وفساد وجريمة، مناصب الدولة تعطى لمن يدفع ورجال الأمن يسلمون الصغيرات المختطفات إلى دعارة الأجانب.. احتكر الأغنياء الأراضى والمحاصيل ووجدوا بين القضاة من يحكمون لصالحهم. قال لى جميع المتذمرين من الأوضاع إن الإصلاح مستحيل، لكننى التفت أولا إلى المعلمين الوطنيين، رغم تدنى تقديرهم الاجتماعى وأجورهم، فمنحتهم أعلى الأجور وقلت لهم أنا أبنى لكم أجهزة الدولة وأنتم تكفلوا لى ببناء الإنسان».. هكذا بدأت نهضة سنغافورة.. فى معظم دول العالم يعتبر التعليم مهنة من الدرجة الثانية، أو الثالثة، لكنهم فى سنغافورة جعلوا التعليم مهنة من الدرجة الأولى، فلم يستخسروا فى المعلم أعلى المرتبات.. لكن لأن السنغافوريين ليسوا عبطاء ولا هم طيبين طيبتنا وسذاجتنا، لذلك فقد تم تشريع قانون متوازٍ مع تلك الإصلاحات بتجريم الدروس الخصوصية لتصل العقوبة إلى السجن المؤبد أو الإعدام.. إنما إحنا يا حمادة نعطى المال الوفير لوزير الشباب يبعزقه، بينما نذل المعلم ونجعل عيشته ضنكا.. والمعلم النمرود آل إيه مش عاجبه.. مش يشوف سوريا والعراق ويبوس إيده وش وظهر؟!.. الإنفاق على تطوير المعلم أيضا لا يقل أهمية، لذلك فى سنغافورة يتم تخصيص ميزانية منفصلة لتطوير مستوى المعلم، فلماذا لا نستحدث رخصة لمزاولةالتدريس؟ لماذا لا نستعين بخبرات أجنبية لتدريب المعلمين ويرتبط الأداء فى التدريب بتجديد تلك الرخصة؟..

همّ يعنى المعلمين ليسوا فى أهمية لاعبى الكرة؟.. فى بريطانيا مثلا تتراوح تكلفة التدريب السنوى للمعلم ما بين 6000 و 9000 جنيه استرلينى، وذلك من أساسيات تجديد رخصة التدريس.. نحن أيضا بحاجة ماسة لتشكيل هيئة للتفتيش على أداء المدارس بالمدرسين، على أن تكون هذه الهيئة تابعة لمجلس الوزراء مباشرة، وتكون مشكلة من خبراء أجانب فقط.. معلش أصل الفساد ما خلاش لابن الحلال حاجة!.. أتحدث عن سنغافورة، كنموذج سابق للفساد والتخلف ونموذج لاحق للنزاهة والتطور، بتخطيط وعزم رجل قيادى عرف كيف يستفيد من القلة المتبقية فى بلده من المخلصين، لكن لو نظرنا لأى قائد حقق نهضة فى وطنه لوجدنا نفس منهج «لى كوان يو».. لننظر مثلا لليابان،

حيث يعتبر وضع المعلم اليابانى مرتفعا اجتماعيا واقتصاديا مقارنة بغيره من القطاعات الأخرى، حيث إن اليابان تجزل للمعلم العطاء وتمنحه راتبا مجزيا، يبدأ عند سن معقول ثم يزداد بانتظام، ثم يعاد النظر فى سلم الرواتب كل عام لمواجهة الارتفاع فى الأسعار، واخد بالك يا حمادة؟.. وغالبا ما يمنح المدرسون علاوات سنوية أو كل سنتين، أما المدرسون المتميزون فيمنحون علاوات تشجيعية تمكنهم من الترقية إلى درجات أعلى.. نجدهم أيضا يتلقون تعويضات وبدلات متنوعة تشتمل على مكافأة خدمة، وبدل طبيعة عمل، وعلاوة اجتماعية، وبدل سكن، وغلاء معيشة، وبدل نقل، ثم مكافأة الخدمة التى تدفع لكافة المدرسين ثلاث مرات فى العام وتصل إلى ما يعادل خمسة أضعاف راتبهم الشهرى.. أقول كمان واللا كفاية كدا؟.. لن ينصلح التعليم إلا بقرارات منصفة للمعلمين أولا.. ارفع مرتباتهم لأقصى مدى، وعاقب بالمؤبد كل من يعطى دروسا خصوصية.. لكن أن تعاند فى رفع مرتبات المدرسين بل وتراوغ فى الاستجابة لمطالبهم ثم تطالب بمنع الدروس الخصوصية وبتطوير التعليم فمن سيستجيب لك؟.. عموما خلينا كده متمسكين بوزير تعليمنا الخواجة ونصر على إبقاء المعلم فى العيشة الضنك، ثم ننتظر إن ربنا سيحيى العظام وهى رميم!

www.facebook.com/ghadasherf

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية