اعتبر رئيس حزب «الأمة السوداني» المعارض الصادق المهدى، أن الاستفتاء حول تقرير مصير جنوب السودان يعد التزاما حتميا لكنه يقع بين احتمالين.
وخلال اللقاء الذى نظمه «المجلس المصرى للشئون الخارجية» ليل الأحد، أوضح أن الاحتمال الأول هو استفتاء حر ونزيه يجري في مناخ سياسي صحيح تكون فيه القضايا الخلافية معالجة بالتراضي فيحقق بذلك نتيجة تحظى بشرعية وطنية وإقليمية ودولية مما سيسمح للسودان أن ينهض بدولته الموحدة على أسس جديدة أو دولتين توأمين المتفق على شروط وصالهما قبل الاستفتاء.
وقال إن الاستفتاء الحر والنزيه لتقرير مصير جنوب السودان والتعامل الراشد مع النقاط الخلافية سيمكن السودان «الموحد» من القيام بدور بناء في التعامل مع كل هذه التناقضات، معتبرا أن أمريكا وأوروبا وبعض الدول الإفريقية يمكنهم أن يساهموا فى الوصول لهذه النتيجة.
وأضاف أن الاحتمال الثاني هو إجراء استفتاء «ليس حرا أو نزيها» مختلف على نتائجه مما سيفجر براكين قتالية داخل الشمال وداخل الجنوب أيضا، وفيما بين الشمال والجنوب، تشد إليها كافة التناقضات الموجودة فى القارة الإفريقية والبحر الأحمر والشرق الأوسط.
ولفت إلى أن القضية ليست موعد الاستفتاء، واستدرك قائلا: «لكن الضرورى أن يكون نزيها وأن يتفق على آلية مجدية لتناول النقاط الخلافية».
وقال رئيس حزب «الأمة السودانى»: إن حزبه اقترح في هذا الشأن إسناد إدارة الاستفتاء لجهة محايدة أو دول معينة تحت مظلة الأمم المتحدة لأن أية جهة سودانية سيطعن فى نزاهتها كذلك تشكيل «مفوضية حكماء» لدراسة وحل النقاط الخلافية فى زمن كاف دون تقييد بمواعيد الاستفتاء الذى يجرى بأسرع ما يمكن بإرادة دولية.
وأكد أهمية الاتفاق قبل الاستفتاء على شروط تتجاوز اتفاقية السلام الحالية لوحدة تقوم على درجة أعلى من الندية والتوازن وأيضا على خطة بديلة فى حالة الانفصال «أى وحدة ندية أو انفصال واصل».
وأشار إلى أن الحزب الذى يرأسه قدم مذكرة بهذا الشأن قبل عدة أشهر للحركة الشعبية وسيقوم ببحثها الأسبوع القادم بالخرطوم مع النائب الأول للرئيس السوداني.
ولفت المهدى إلى أن قانون الاستفتاء الذى يحكم مفوضية الاستفتاء يفترض الثقة والتعاون بين شريكي الحكم وهو «أمر معدوم»، مشيرا إلى أن المفوضية التى يفترض أن تكون مستقلة هى الآن منقسمة على نفسها «الشماليون مع الشماليين والجنوبيون مع الجنوبيين».
وتابع «أن إجراءات الاستفتاء مقيدة بمواقيت يستحيل تحقيقها وأيضا الميزانية المطلوبة لعملها لم تدفع».
وقال: إن هناك خلافا حول كيفية تصويب ما بين مليون إلى مليونى جنوبى فى الشمال بالإضافة إلى أنه تقرر أن يصوت على الاستفتاء حوالى مليوني سودانى جنوبى فى المهجر عبر إدارة مستقلة عن سفارات السودان ولكنها لم تؤسس بعد.
وأشار إلى أن شريكى الحكم فى السودان لم يتفقا بعد على المسائل المتعلقة بمرحلة ما بعد الاستفتاء التى حددها قانون الاستفتاء ليتفاوضا بشأنها قبل عملية الاستفتاء وهى: الجنسية، العملة، الخدمة العامة، وضع الوحدات المشتركة المدمجة والأمن الوطني والمخابرات، الاتفاقات والمعاهدات الدولية، الأصول والديون،
حقول النفط وإنتاجه وتصديره، المياه والملكية وغيرها.
ونبه المهدى إلى وجود عشر نقاط قابلة للاشتعال بين الطرفين وعلى رأسها تبعية الجبلين ما بين الرنك والنيل الأبيض، جبل "مقينص" محل خلاف بين أعالى النيل وجنوب كردفان، كاكا التجارية محل خلاف ما بين أعالى وجنوب كردفان، بحر العرب موضع خلاف ما بين غرب بحر الغزال وجنوب دارفور، الخلاف حول أبيي ما لم يستطع حسمه التحكيم الدولي، اختلاف حول هجليج وهى منطقة نفطية واختلاف حول المشورة الشعبية جنوب النيل الأزرق.
وشدد على أهمية التوصل إلى آلية مجدية للتعامل مع هذه الخلافات حتى لا تلقي بظلالها على الاستفتاء.
وأعرب عن أسفه من أن المجتمع الدولي وعلى رأسه أمريكا غير مهتم بنوع الاستفتاء بل بشكله فقط وهو ما يعد سيناريو كارثيا، موضحا أنه لا بد من التحدث عن ضوابط نزاهة الاستفتاء وأيضا التركيز على النقاط الخلافية الملتهبة.
وقال: إن الدور العربي فى هذا الإطار يحرص على حث كافة الأطراف السودانية على تجنب الاقتتال ودعم المشروعات التنموية بكافة الوسائل الممكنة مع تجنب الانحياز لطرف دون آخر.
وأشار المهدى إلى أن هناك باحثا نرويجيا أعد دراسة هامة حول الحالة السودانية تحدد ثلاثة خيارات فى حالة الوحدة بين الشمال والجنوب الأول هو استمرار اتفاقية السلام على ما هى عليه، الثانى مراجعة الاتفاقية على أساس درجة أعلى من الندية بين الطرفين، والأخير إقامة فيدرالية ذات صلاحيات أكثر.
كما حدد أربعة خيارات فى حالة الانفصال تشمل انفصال تام لدولتين بصورة بها جفوة، علاقة سوق مشتركة، المعاملة بالمثل فى قضايا هامة وعلى رأسها النفط، وأخيرا قيام علاقة كونفيدرالية بين دولتين.
وقال: إنه لا بد من بحث هذه الخيارات، مشيرا إلى أن حزب الأمة المعارض قد تقدم بمقترحات للحركة الشعبية لمراجعة اتفاقية السلام كأساس للوحدة أو التوأمة بين دولتين إذا ما قرر الجنوبيون الانفصال.