x

سحر الجعارة التفسير العبثى للإرهاب سحر الجعارة الخميس 31-03-2016 21:37


بعيدًا عن التصوير «سيلفى» مع خاطف طائرة مصر للطيران، ودرجة الاحتراف والثبات الانفعالى من طاقم الطائرة، وهو «واجب حتمى» فى «إدارة الأزمة».. لابد أن نجتهد فى تفسير ما حدث حتى تظهر نتيجة تحقيقات السلطات القبرصية مع خاطف الطائرة «سيف الدين مصطفى». التفسير الأسهل أن تنحاز لرؤية الإعلام المصرى وتطمينات الحكومة المصرية وتصريحات الخاطف نفسه بأنه أراد رؤية بناته، وتبادر بالحديث عن الإجراءات الأمنية المشددة بمطارات مصر وتزعم أنها تفوق المستوى الدولى فى التأمين، حرصًا على السياحة المصرية التى تعد عصب الاقتصاد المصرى.

أو تتبنى «نظرية المؤامرة» باعتبار أن مصر مستهدفة، وأن ما حدث هو محاولة لإفشال الدولة بتشويه سمعة مصر، مما يؤدى إلى تطفيش الاستثمار وضرب السياحة فى مقتل (هى جثة هامدة أصلًا).. سعيًا إلى إشعال «ثورة جياع»!. ويمكنك أن تستند فى هذا التفسير الى صحيفة سوابق الخاطف، وتفترض أنه تم تجنيده من جماعة الإخوان الإرهابية، خلال تواجده فى السجن لتنفيذ عقوبة ما بين 2014 / 2015.

أما آخر سيناريو فهو أقرب ما يكون إلى فيلم «الإرهاب والكباب»، افترض أن الخاطف مرّ بلحظة يأس أو أصابته «لوثة عقلية»، فقرر أن يقوم بمغامرة لم يحسب عواقبها، ثم اكتشف أنها أكبر من قدراته بكثير فاستسلم وطلب اللجوء السياسى إلى دول الاتحاد الأوروبى، وسوف تفصل المحكمة القبرصية فى طلبه.

الحكومة التى كانت مبادرة بالاستجابة سريعًا بالمعلومات ولو مشوَّشة وإطلاع المواطنين والعالم بالتطورات، تحاول تبنى التفسير الأخير.. على أساس أنه ينفى أى تقصير أمنى فى المطارات، ويهوّن من جسامة وخطورة حادث الاختطاف، ولا مانع من الترويج لفكرة «المؤامرة الخارجية» أيضًا.. لتبرئة ذمة مصر تمامًا مما حدث!.

وكأن الحكومة تتأرجح بين تقديم «الإرهاب» مبررًا لخطف الطائرة بينما هى تؤكد أنها نجحت فى القضاء عليه.. وما بين السيناريو العبثى لمختل عقليًّا اجتاز كل حصونها الأمنية وخدع أمن مطار «برج العرب»، ومر بحزام هيكلى وكأنه حزام طبى.. حوّله فيما بعد إلى ما يشبه الحزام الناسف.. وكلا التبريرين مُرّ!.

أنا أسافر كثيرًا فى رحلات داخلية وخارجية، وأعلم أن التفتيش دقيق وسخيف، لكن لابد أن نعترف بأن القائمين على تأمين المطارات (نساءً ورجالًا)، يفتقرون للنظرة الثاقبة والتدريب البشرى المكمل لأجهزة التفتيش.

لابد أن نعترف أيضًا بأن كل السيناريوهات المطروحة لتفسير خطف الطائرة تضعنا فى مأزق، فلو كان الخاطف «مخبولًا» فما الذى يمكن أن تفعله الكيانات الإرهابية المنظمة والمدرّبة بنا؟. لو أننا نواجه «مؤامرة خارجية» لتجويع الشعب، فكيف نتبنى سياسات نقدية واقتصادية رفعت سعر الدولار إلى عشرة جنيهات، وكأننا نمدّ «الأصابع الخارجية» بحبل يشنقنا!.

أزمة اختطاف الطائرة كاشفة ومؤلمة، تضعنا أمام أنفسنا فى المرآة: فحالة الاستنفار الأمنى واليقظة التى تطنطن بها الفضائيات كل مساء، اتضح أنها ساذجة وشكلية.. وصورتنا أمام العالم مهزوزة ومشوّهة.. ولولا علاقة الرئيس «عبدالفتاح السيسى» القوية بالرئيس القبرصى «نيكوس أنستاسيادس» لربما تعقّدت الأزمة.

نحن أمام عملية إرهابية بكل المقاييس، (رغم تفاهة الإرهابى وأهدافه المعلنة)، وقد وجهت السلطات القبرصية لائحة تهم إلى «سيف الدين» رسميًا باختطاف طائرة بالعنف والتهديد باستخدام المتفجرات وخطف الركاب وانتهاكات لقوانين الطيران المدنى.

أضف إلى ذلك أن «مارينا باراشكو»، طليقة خاطف الطائرة، حين تلقت الخطاب الموجه لها من مطلقها، فوجئت بأن الخطاب المكون من 4 صفحات بالعربية لا علاقة له بها، ويتحدث فيه الخاطف عن مطالب سياسية، وبالتالى الخطاب يكشف أن الخاطف لم يفعل ذلك أبدًا من أجل «مارينا» أو بناته!.

وحسب تصريحات «ياسمين سبل»، مضيفة الطائرة المحررة، فإن الخاطف قال لها: (أنا صاحب فكر وقضية ولدى ظرف أريد أن أسلمه للاتحاد الأوروبى وأريد حد من الاتحاد الأوروبى يطلع لى على الطائرة وأريد مترجمة معينة أعرف اسمها)، وأوضحت «ياسمين» أن الظرف كان عبارة عن 63 اسم فتاة يريد إخراجهن من السجون. لو كان خطف الطائرات «فيلم فانتازيا» لما ذهبت عناصر مكافحة الإرهاب التابعة للقوات الخاصة المصرية وأطقم التفاوض إلى قبرص.

اختطاف الطائرة كارثة بكل المقاييس، لا يجوز التعامل معها بالسخرية أو الشماتة على مواقع التواصل الاجتماعى، ولا اتباع سياسة الإنكار من الحكومة، ولا الزهو بإجراءات أمنية هزيلة وفاشلة.

أزمة إدارة الدولة هى عدم الاعتراف بوجود أزمة!!.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية